السيمر / الأربعاء 28 . 02 . 2018 — يثير موضوع تمويل الاحزاب السياسية جدلاً واسعاً بين الاوساط السياسية والشعبية في العراق على حد سواء بسبب غياب الشفافية في عملية التمويل التي يرجعها مراقبون الى ارتباطها بالخارج ومن ثم فسح المجال امام الدولة الممولة للتدخل في شؤون البلد ومقدراته، مصادر سياسية مطلعة ابدت مخاوفها من استغلال الاموال الممنوحة للعراق في مؤتمر الكويت لاغراض الدعايات الانتخابية وتمويل مرشحين الاحزاب السياسية، سيما بعد رفض غالبية الكتل التصويت على مقترح قانون “من اين لك هذا”.
مخاوف سياسية
مصادر سياسية أوضحت ان “العديد من المشاركين في مؤتمر الكويت شددوا على ضرورة ان تستثمر المنح والاموال المقترح تقديمها في تنفيذ مشاريع تصلح وتعمر ما تعرضت له البنى التحتية العراقية من خراب ودمار بسبب الحرب على تنظيم داعش ، الى جانب التوجس والتخوف من استمرار حالات الفساد الاداري والمالي التي استشرت على مدى السنوات السابقة في مفاصل الدولة العراقية، وبالتالي تستغل الاموال فيما بعد بحملات انتخابية ودعائية تمارسها النفوس المريضة من بعض السياسيين”.
وتضيف المصادر لـ (وان نيوز) انه “وحسب اللائحة التى اصدرتها منظمة الشفافية الدولية فان العراق قد احتل المرتبة 166 من بين 176 دولة وضعت على لائحة الأكثر فسادا في العالم مما يولد الخشية ان تذهب الاموال الى جيوب الفاسدين مرة اخرى، ويتقلدوا من خلالها مصادر قيادية مهمة في الحكومة والبرلمان”.
ويبين ان “العراق بحاجة فعلية الى الأموال لإعادة الإعمار بعد تحقيق نصره على داعش ولكن لابد ان يقترن ذلك بالشفافية والرقابة الداخلية والدولية الصارمة وبتوفر المناخات الملائمة وترافق بيئة الأمن والتنمية لجذب الاستثمار لكي يتلمس المواطن العراقي البسيط التحسن في معيشته وسبل حياته بعد ان عانى ما عاني وكابد خلال السنوات الماضية”.
النائبة عن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي، تقول ان “الانتخابات المقبلة تختلف عن سابقاتها من حيث الحكومة لم تخصص اموال للنازحين او غيرهم حتى يتم استغلالها لاغراض الحملات الانتخابية كما حدث في الانتخابات الماضية، لكن بالمقابل فان الاحزاب السياسية لازالت تمتلك لجان اقتصادية مثل الاشباح اذ لا أحد يستطيع ان يثبتها على ارض الواقع وهي مبهمة وغير واضحة للعيان، وتأتي بالاموال من مصادر غير معروفة، وتوزع الهدايا وتفتتح عشرات المكاتب في المحافظات”.
وتضيف لـ (وان نيوز) ان “الكثير من المرشحين سينفقون الاموال في سبيل حصولهم على مقاعد في البرلمان، وغالبية هذه الاموال تأتي من تركيا والخليج، اذ ان بعض النواب طلبوا بالعلن الدعم المالي من السعودية لغرض الفوز في الانتخابات، كما ان بعض النواب والشخصيات السياسية ستستفيد من الهبات والمنح الدولية فضلا عن المساعدات لتمويل حملاتها في الانتخابات المقبلة”.
وترى النائبة عن ائتلاف دولة القانون، ان “البرلمان قادر على معالجة مشكلة الغموض في تمويل الاحزاب السياسية من خلال تشريع قانون من اين لك هذا، لمحاسبة جميع الاحزاب السياسية على اموالها وجهات تمويلها، من خلال هيئة النزاهة ومفوضية الانتخابات”.
تعهدات العراق
رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، يحذر من ان “العراق سيخسر الكثير اذا تم استغلال الاموال التي قدمتها الدول في مؤتمر الكويت لأغراض غير التي خصصت لها، خاصة ان الضمانات التي طالبت بها الدول كانت واضحة ووافق عليها الجانب العراقي وتمت تحت اشراف الامم المتحدة وصندوق النقد الدولي، وعلى العراق ان يتلزم بوعوده بهذا الاتجاه”.
ويضيف لـ (وان نيوز) ان “بعض المحافظين المشاركين ضمن الوفد العراقي بمؤتمر الكويت عليهم مؤشرات فساد لكنهم ذهبوا كمحافظين وليس ان يستلموا الاموال، وبالتالي فان شروطا وضوابط وضعتها الدول تضمن اطلاق الاموال ولم تراعى فيها قضية الانتخابات او قضية اخرى بل تم مراعاة موضوع ان لا تسرق وتذهب للمشاريع المخصصة وتحقق نسب الانجاز وتعود بفائدة على الدول والشركات التي تستثمر في العراق”.
وخرج مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، بتعهدات لم تتجاوز قيمتها الـ30 مليار دولار، تشكل نحو 34 بالمائة من الاحتياج الفعلي للبلاد.
وانطلقت في الكويت، خلال الشهر الجاري أعمال مؤتمر إعادة إعمار العراق، بمشاركة 2300 شركة من 70 دولة، والتي سعت إلى الحصول على عشرات الفرص الاستثمارية التي طرحها العراق في المؤتمر.
قانون الاحزاب
وفقا لـ المادة – 33- من قانون الاحزاب العراق الذي شرع في عام 2015 انان مصادر تمويل الحزب او التنظيم السياسي تشتمل على اشتراكات أعضائه و التبرعات والمنح الداخلية و عوائد استثمار أمواله و الإعانات المالية من الموازنة العامة للدولة بموجب المعايير الواردة في القانون.
ووفقا للمادة – 36 – ثالثا: يمنع التبرع للحزب او تنظيم سياسي بالسلع المادية أو المبالغ النقدية المعدة أصلا لكسب منفعة غير مشروعة للحزب او تنظيم سياسي أو للمتبرع.
وجاء في المادة – 37 – أولاً : لا يجوز للحزب او تنظيم سياسي أن يتسلم التبرعات من المؤسسات و الشركات العامة الممولة ذاتياً، من الشركات التجارية والمصرفية التي يكون جزء من رأسمالها من الدولة، و تمنع كل التبرعات المرسلة من أشخاص أو دول أو تنظيمات أجنبية، ولا يجوز للحزب او التنظيم السياسي مزاولة أعمال تجارية بقصد الربح ، ما عدا :
ووفقا لـ المادة -41 – على الحزب او التنظيم السياسي الامتناع عن قبول أموال عينية أو نقدية من أي حزب او تنظيم سياسي أو جمعية أو منظمة أو شخص أو اية جهة أجنبية إلا بموافقة دائرة الاحزاب او تنظيمات سياسية، و إرسال أموال أو مبالغ إلى جمعيات أو منظمات أو إلى أية جهة أجنبية إلا بموافقة دائرة الاحزاب او تنظيمات سياسية.
ووفقا لـ المادة – 49 – أولاً : يعاقب بالسجن كل مسئول او اي عضو من اعضاء الحزب او التنظيم السياسي اذا قبل أو تسلم مباشرةً أو بالواسطة مالا أو حصل على ميزة أو منفعة بدون وجه حق من شخص عراقي طبيعي أو معنوي لممارسة أي نشاط يتعلق بالحزب او التنظيم السياسي وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن (6) ست سنوات ولا تزيد على (10)عشر سنوات إذا كان المال أو الميزة أو المنفعة من شخص أجنبي طبيعي أو معنوي وتقضي محكمة الموضوع بمصادرة كل الاموال المنقولة وغير المنقولة المتحصلة من هذه الجريمة.