السيمر / الجمعة 02 . 03 . 2018 — كشفت صحيفة العرب اللندنية في مقال للكاتب فاروق يوسف، نشرته، اليوم الجمعة، عدة اسباب لضم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، للشيوعيين تحت عبائته، فيما بينت ان تحالف الصدر معهم غير مرتبط بالانتخابات، لانه لا يعاني من مشكلة في نتائج الانتخابات كونه سيحصل على نسبة مريحة من الاصوات.
وذكر الكاتب في مقاله انه “بتحالفه مع الشيوعيين سجل مقتدى الصدر هدفا على فريقه، في العام 2005 أحرق أعوانه مقرات للحزب الشيوعي العراقي بحراسها”، مبيناً ان “تلك الجريمة البشعة، كانت ضربة تلقاها الشيوعيون العراقيون بصمت، غير أنها وضعت حدا لكل التكهنات التي كانت تميل إلى أن المخطط الأميركي في العراق يقوم على أساس استدراج أحزاب الإسلام السياسي، بفرعه الشيعي، إلى السلطة، ومن ثم الخلاص منها بسبب فشلها في الحكم واستبدالها بأحزاب “مدنية” ومنها الحزب الشيوعي العراقي الذي يمتد عمره إلى أكثر من ثمانين سنة”.
واشار الى انه “حين أحرقهم الصدريون انحصرت أحلام الشيوعيين في ما تراه قيادتهم مناسبا لها، وهو الفتات الذي عُرض عليهم”، مبينة ان “الشيوعيين استفادوا، أفرادا من ذلك الفتات، حيث حصل الكثيرون على حقوقهم التقاعدية التي صاروا يستلمونها في بلدان إقامتهم من خلال احتساب سنوات نضالهم في أوروبا سنوات خـدمة في الـدولة العراقية”.
واردف انه “من خلال ذلك الإنجاز انتهت مرحلة مهمة في تاريخ الحزب الشيوعي، لقد تم الاعتراف بأعضائه مواطنين، بعد أن كانت تطاردهم تهمة “الشيوعية كفر وإلحاد” التي قيل إن المرجع الشيعي الأعلى السيد محسن الحكيم قد أفتى بها قبل حوالي ستين سنة”.
ولكن ماذا عن مقتدى الصدر؟
في هذا الصدد بين الكاتب فاروق يوسف ان “السيد سيضحك حين تصل إليه استنتاجات المحللين التي يصر أصحابها على أن الصدر صار يتفهم ضرورة قيام الدولة المدنية، كما لو أننا أمام نسخة عراقية من “محمد عبده” المصري”.
واشار الى ان “الصدر، لا يعاني من مشكلة في الانتخابات القادمة، لإنه مطمئن إلى أن تياره سيحصل على نسبة مريحة يؤكد من خلالها حضوره في توليفة الأحزاب الحاكمة، وهو ليس مضطرا إلى التحالف مع الشيوعيين الذين لا يشكل وجودهم رقما في العملية الانتخابية”.
وتساءل، “هل يحتاج مقتدى الصدر إلى منبوذين لأسباب دينية لينافس بهم الأحزاب الطائفية التي لا تقبل الاعتراف بشرعية أفكار متدينين ينتسبون إلى مذهب إسلامي مختلف، فإذا بالصدر يصدمهم بمَن لا يعترف بالدين قاعدة للحياة؟”.
وتابع ان “تلك الصدمة هي الغاية الأخيرة لمقتدى من تحالفه مع الشيوعيين، فإضافة إلى أن السيد مقتدى الصدر ضمّهم تحت عمامته لينهي بذلك استقلالهم، فإنه نجح في أن يضمهم إلى تياره من منطلق هداية الضالين”.
وبين ان “مقتدى الصدر سيبدو زعيما معاصرا، عابرا لعقدته الدينية، وهنا بالضبط يكمن نفعه الذي سيخسر من خلاله الشيوعيون سمعتهم باعتبارهم دعاة للفصل بين الدين والدولة”، مشيراً الى انه “من السخف التفكير في أن رجل الدين الشاب يفكر في الدعوة إلى إقامة دولة مدنية لن يكون له مكان فيها”.
واوضح انه “لقد سبق لمقتدى الصدر أن دعا لإقامة حكومة كفاءات، وحرض جمهوره على اقتحام مجلسي النواب والوزراء للمطالبة بذلك، وكانت النتيجة التي تمخض عنها ذلك الحراك حكومة كفاءات حزبية، لم تخرج عن نطاق نظام المحاصصة الرث الذي دمّر العراق بفساده”.
واكمل الكاتب انه “ربما يتمنى الشيوعيون لو أن السيد استعملهم دمى في اللعبة الانتخابية، وهو ما يمكن أن يفعله لكن في الحدود الدنيا”.
وتابع ان “الصدر، يعرف أن تحالفه مع قوى سياسية مدنية لا يفرض عليه التزامات يجب عليه أداؤها بعد الانتخابات، فهو لن يتعهد بشيء في ظل خلوّ السوق الانتخابية من مشاريع سياسية مؤكدة، فالصراع على السلطة في العراق يكاد يكون محسوما، وتوزيع المقاعد في مجلس النواب هو الآخر لا يمكن القفز على حقيقة أن هناك آلية تتحكم به بمعزل عن أصوات الناخبين”.
وقال: “لذلك يمكن القول إن لعبة الولد المشاغب هي ما أغرت الصدر في القبول بالتحالف مع الشيوعيين، تلك ورقة جديدة يرميها على طاولة التحالف الشيعي ليفاجئ بها خصومه”.
واشار الى ان “مقتدى الصدر لا يراهن على شعبية الحزب الشيوعي في حد ذاته، فهو يعرف أن لا أحد من الشباب وهم أغلبية الناخبين يعرف شيئا عن الشيوعية، غير أن استضافة الشيوعيين في قوائمه ستضمن له أسبابا جديدة، يبدو من خلالها مختلفا عن سواه من زعماء الأحزاب الشيعية”.
وختم انه “من خلال تلك الأسباب سيبدو مقتدى الصدر زعيما معاصرا، عابرا لعقدته الدينية، وهنا بالضبط يكمن نفعه الذي سيخسر من خلاله الشيوعيون سمعتهم باعتبارهم دعاة للفصل بين الدين والدولة”.
بغداد اليوم