السيمر / الأحد 13 . 05 . 2018
سيف إبراهيم
بعد شهور طويلة من العمل المضني على جميع المستويات و خسارة للوقت و المال في محاولات كسب التأييد الشعبي من اجل الحصول على اصواتهم لهذه القائمة او تلك ، جاءت الارقام بما لا يعكس حجم الطموحات و التطلعات بنسب مشاركة اقل ما توصف به انها مخيبة للامال .ان مشاركة هذا العدد القليل من المقترعين مقارنة بحجم عدد الناخبين انما يدلل على فقدان بوصلة التغيير لدى العامة و ايمانهم بعدم قدرة اصواتهم مهما كثرت على احداث نقلة نوعية فعلية لمن سيتصدى للمسؤولية القادمة ، اليأس قد سيطر على واقع و احلام الناس فما عادت تؤمن بأن القادم افضل و التصويت من عدمه لن يفرق بوصول الكتل الكبيرة . ان هذا الرقم البسيط المشارك في الانتخابات و الذي يعكس عدم القبول و الرضا الشعبي بما قام به رجالات العملية السياسية منذ العام 2003 حتى حاضرنا ، كان الشعب غايته من ذلك ايصال رسالة جدا مهمة و حساسة الى السياسيين مفادها ان لا امل بالتغيير و ان الشعب قد رفضكم و ملّ خطبكم ، لكن رغم هذه الدلالات و الرسائل التي حاول الشعب ايصالها لهم نرى ان السياسيين يتبجحون بحجج واهية ضعيفة تعكس مدى استهتارهم و عدم اكتراثهم لهموم و معاناة الشعب فمنهم من يرى انما كانت النسبة كذلك ، بسبب تهديدات الخارجية الامريكية بإستهداف داعش للمراكز الانتخابية ، اضافة الى حظر التجوال الذي قطع الاوصال ! ، العجب العجاب ان نسمع هذه المبررات من قبل مسؤولينا الغير المسؤولين ، اوهل تم نسيان نسب المشاركات الشعبية الكبيرة في احلك سنوات العراق ارهابا و طائفية في تلك السنوات المريرة ! ، أوهل نسيتم ان المحافظات كانت بتلك السنوات الغابرة بأكملها مقطعة الاوصال و حركة العراق كلها شبه مشلولة الا ان الناس كانت تسير للمراكز الانتخابية رغم بعدها عن سكناهم عشرات الكيلو مترات ، منذ متى كان الشعب يخشى ارهابا ؟ منذ متى كان الحظر يمنع مانع في حين ان المراكز اصبحت تخص كل منطقة بأهلها ! . للاسف و عظيمه ، الى الان لم يعترف الفاشلون بفشلهم و هذا لعله الفشل الاعظم ، رغم هذه الرسائل التي يحاول الشعب ايصالهم لهم الا انها ظاهر الامر بلا جدوى . لكن و كما يقال ان لرب ضارة نافعة و كما نحن نقول ان هناك ايجابية في كل سلبية ، ان هذا العدد الكبير من المقاطعين سينتج هوة بيّنة واسعة بين الكتل ، خاصة تلك التي تمتلك جمهور كبير بحكم السلطة ، و اخرى تحظى بقاعدة شعبية ثابتة ، و لنأخذ الجانب الشيعي فما هو معلوم و على مستوى القراءة البسيطة للنتائج الاولية يتضح لنا ان ائتلاف النصر له الحظوة الكبرى و هذا الامر مبرر ففي دول العالم الثالث ، عادة ما يحظى رئيس السلطة المشارك بالانتخابات على العدد الاوفر من الاصوات كون كل نتاجات سنوات حكمه ستحسب له تحديدا ناهيك عن تسخير معظم موارد الدولة لصالحه دونا عن غيره ، اضافة الى ان الذي بالسلطة اذا كان مدعوما من دول اخرى كبيرة اقليمية و غربية فإن صورته ستكون بأبهى حلة . اما فيما يخص ائتلاف سائرون المدعوم من قِبل التيار الصدري فهو الذي يلي النصر بحكم كون التيار له قاعدة شعبية ثابتة بحكم ان قائمة على الجانب الروحي العقائدي لذلك فهي لا تنقص بقدر ما تزداد يوما بعد اخر و لعل التيار سيحظى برئاسة الوزراء في الدورات اللاحقة ان استطاع استثمار هذا النجاح بنجاح عملي فعلي حقيقي . اما على مستوى الفتح فإنه لم يكن ذا اثر الا بعد تشكيل الحشد و الذي حاولوا استغلاله لصالحهم و لكن النتائج تدلل على ان الناس لم تكن لتستسيغ هذا الاستغلال لدماء الشهداء ، اما بخصوص القانون فإنه انما كان قويا بسبب هرمه الذي كان على سدة الحكم لدورتين و كما قلنا سلفا ان الهيلمان هذا انما يكون بسبب تركز موارد السلطة بيده و استغلال النجاحات لصالحه و هذا عهد ولى و انتهى و هرم القانون قد اصبح هَرِم ، اخيرا فالحكمة بالاصل لم يكن ليعتقد انه سيكون مؤثرا على مستوى الحصاد الانتخابي فهو ادرى الاخرين بقيمته و حجمه .
ان هذه النتائج تعتبر ضربة موجعة للجارة ايران تضاف للضربة القاسية التي ووجهها ترامب ، ايران في ظل هذه النتائج ستخسر حديقته الخلفية العراق و الرئة التي تتنفس من خلالها عند اشتداد الضغط الامريكي ، و ستقطع اوصالها و طريق تواصلها الاستراتيجي بدول محور المقاومة ، ذلك ان احتمال تقارب النصر و سائرون كبير جدا و الذي سيتمخض عن تكوينهما الكتل الاكبر تشكيل الحكومة المقبلة بالتآلف و التحالف مع المكونات العراقية الاخرى و التي ستكون حينها ابعد حكومة عراقية عن التبعية الايرانية منذ سقوط النظام ، لذلك ستسعى بكل ما تمتلك من ادوات لتجميع القوى الشيعية في اطار ائتلاف واحد و لا مفر من ان يكون حاويا للقانون و الفتح و الحكمة الذي ينتظر اخر اللحظات كي يحسم امره وفقا لما تمليه عليه مصالحه ، هذا الائتلاف بجزأه الشيعي سيفتح قنوات تواصل مع القوى السنية ايا كانت و كيفما كانت و الاقرب سيكون هو ذاك المدعوم من قبل قطر ، كذلك سيسعى لضم اطراف كردية مؤثرة نحوه حتى لو كانت برزانية فالمصلحة اعم و اشمل و الخلافات تسوّى لاحقا . هذا الائتلاف ان استطاع القيام فإنه سيجسد الاغلبية التي تم المناداة بها سلفا كشعار يميز جهة عن غيرها و يكون امرا واقعا ، و سيحظى بمناصب الرئاسات الثلاث و كلآ حسب طائفته و قوميته ، حينها فقط ستتنفس ايران الصعداء فهي لم تخسر بذلك العراق كتابع ، و ستركن باقي الاطراف العراقية الاخرى نحو المعارضة .