الرئيسية / مقالات / سيناريوهات ما بعد الانتخابات .. بروستاريكا الرقم الذهبي!؟

سيناريوهات ما بعد الانتخابات .. بروستاريكا الرقم الذهبي!؟

السيمر / الأربعاء 23 . 05 . 2018

عبد الجبار نوري

بعد مضي أكثر من أسبوع على الأنتخابات التي جرت يوم السبت الماضي بمشاركة 5-44 % من الناخبين وهي أدنى نسبة مشاركة منذُ سقوط النظام السابق 2003 ، بحلول تحالف ” سائرون ” الذي يضمُ الحزب الشيوعي العراقي المرتبة الأولى ب 54 مقعد برلماني من أصل 329 مقعد بزعامة مقتدى الصدر ، وتحالف الفتح الذي يتزعمهُ هادي العامري ب47 مقعد الذي حلّ الثاني ، وحلّ أئتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي الذي حلّ الثالث ب42 مقعد ، وحسب اللعبة الأنتخابية لنتائج فوز الكتل والأحزاب سيكون على الأرقام الثلاثة خصوصاً على الرقم الذهبي الذي هو ” تحالف سائرون ” وهو الأول والرقم الصعب في المعادلة السياسية .
وهذه هي حسنات الديمقراطية والتي يكون أساسها الأنتخابات وفيصلها صندوق الأقتراع والعابرة على أرادات القائد الرمزبنسب خيالية 99-99% وشمولية الحكم وغياب تداول السلطة سلمياً ، وعسكرة المجتمع وأتباع البيان التعسفي رقم (1) ، والذي نستشفهُ من سير المشروع الديمقراطي الجديد في هذه الأنتخابات : صواب الحراك المدني للشارع العراقي ولأكثر من أربعة سنوات والتي تعتبر ” المعارضة ” العراقية ، وتدني ربما غياب وأهتزاز الثقة للشعب العراقي بحكومتهِ السابقة ، بل يمكن أن أقول : أن الوعي الأنتخابي وثقافة الناخب العراقي قد تغيّرتْ وأسقطت المشاريع التصفوية المعادية المشروع الأيراني والمشروع التركي والمشروع السعودي الأماراتي والمشروع الأمريكي الهادف إلى تقسيم العراق ، وأضافة إلى ثلاث مخاوف تؤرق هذا الشعب : هي محاربة الفساد وتوفير فرص العمل والخدمات ، ويريد الشعب حكومة قويّة متماسكة صلبة تدين وترفض المساومة والأنبطاح على حساب سيادة الوطن قادرة على تحقيق طموحاته المشروعة في صفحةٍ جديدةٍ لبناء العراق ، وعدم زج الملف الأمني في الصراع السياسي !؟ وهوالخط الأحمر الذي ينذر الخطر الأكبر ، أضافة ألى وضوح نسبة التزوير الكبيرة والمفضوحة في سير تلك الأنتخابات وضعف مفاصل مفوضية الأنتخابات وخروجها من الحياد وتأثرها بشكلٍ أو بآخر بضغوطات داخلية وأقليمية وحتى دولية ، ومشكلة قانون الأنتخابات الغيرعادل والغير ديمقراطي ، اضافة إلى التدخلاات الخارجية التي جعلت قرار بعض الكتل الكبيرة غير عراقياً ، وتصادم الأرادات الأقليمية والدولية تُعقّدْ حتماً تشكيل الحكومة المقبلة ، وتعتبر هذه الأمراض الطفيلية أنقلاباً على الديمقراطية الجديدة والتي سوف تسري في مفاصل وكيان الوليد الحكومي الجديد حتماً .
وأن البرنامج الأنتخابي الذي طرحهُ تحالف ” سائرون ” بعلاج جميع المفاصل المريضة والمشوهة والمعطوبة في الوضع العراقي المتردي له حقا مشروع أصلاحي شامل بحاجة إلى ” بروستاريكا ” ثورية جريئة في السير نحو التغيير المنشود والأصلاح الشامل، فهذا موجز للبرنامج الأنتخابي لتحالف سائرون : هو مشروع وطني عابر للطائفية ومناهض لها والخلاص من نظام المحاصصة الطائفية السياسية ، وتعزيز الطابع المدني والديمقراطي للدولة المدنية المؤسساتية ، وتشكيل برلمان وطني يتمتع أعضاءهُ بالنزاهة والكفاءة على النحو الذي يعيد الأعتبار لصورة مجلس النواب أمام المواطن ويوفر لهُ فرصة ممارسة دورهِ الرقابي الفعال ، وأصلاح شامل عابر للأصلاح الأقتصادي لمفهوم البروستاريكا التي جرت في الأتحاد السوفييتي السابق ، تشمل مهمات كثيرة وكبيرة في الميادين السياسية والأمنية والأقتصادية والأجتماعية والثقافية والأعلامية والصحية والتربوية والرياضية وفي أولوياتها ” الأصلاح الخدمي ” الكهرباء والماء والصرف الصحي ومعالجة مشكة السكن والبطالة ، ووضع أستراتيجية لكافحة الأرهاب والفساد الأداري والمالي ، وحل المشاكل القائمة بين الأقليم والحكومة على أساس الدستور ، وحماية الطفولة وحقوق المرأة وحرية العمل الحزبي والمهني والنقابي وبناء القوات المسلحة ، وحصر السلاح بيد الجيش ، وتشكيل حكومة مدنية وتحقيق توازن سياسي بين الجميع .

سيناريوهات تشكيل الحكومة المقبلة !؟
قبل الولوج في مثل هذا الموضوع المعقد والشائك يجب أن نعلم أن لعبة الكتل في تحديد منصب رئيس الوزراء للصدر الكلمة الأقوى وهنا مفاجأة الأنتخابات التي تتحكم في الأصطفافات خذلتْ اللاعبين الكبار وجعلتهم في الصف الثاني ورفعتْ اللاعبين الأحتياط إلى الصف الأول ، وستخضع عملية تشكيل الحكومة الجديدة إلى ثلاث أتجاهات ورؤى مختلفة : الأول/ تشكيل تحالف قائمة سائرون 54 مقعد مع قائمة النصر 42 مقعد زائداً تيار الحكمة 19 مقعد والوطنية 21 مقعد والقرار العراقي 12 مقعد ، وقد لا يصل هذا لتحالف إلى رقم العتبة الدستورية 166 مقعد المطلوب لتشكيل الحكومة ، وهنا يتحتمْ على ” سائرون “البحث عن المشتركات السياسية لدى الكتل الفائزة وربما سيتجه إلى الحزب البارتي لمسعود برزاني ولهُ 25 مقعد والمناهض للمشروع الأيراني الذي يتببناهُ التيار الصدري ، وتصبح المعادلة الحسابية كالآتي : 54 + 42+19+ 21+12+25 النتيجة 3 17 وتحصل الأغلبية المريحة وتبرزمشكلة المطاليب ربما التعجيزية للسيد مسعود برازاني في تطبيق القرار الدستوري 140 ورفع نسبة الموازنة للأقليم إلى 17% .، وأعتقد أن هذا السيناريو أكثر حظاً في الظهور وتجديد الولاية الثانية للدكتور حيدر العبادي ، المقبول داخلياً وأقليمياً ودولياً وحاصل على رضا الجانب الأمريكي ، وحسب قناعتي يمكن أن تضع الحكومة في المحور المعادي لآيران وهي أرادات أمريكية سعودية وخليجية
والثاني /تشكيل تحالف يضمُ قائمة فتح بزعامة العامري 48 مقعد مع دولة القانون بزعامة المالكي 26 مقعد ، والأتحاد الوطني الكردستاني 18 مقعد ، وهذه القوى مجتمعة لن تشكل سوى 91 مقعد وحتماً تكون بعيدة جداً عن تشكيل الحكومة الجديدة ، لرفض الصدر الدخول في قائمة موجدودٌ فيها المالكي الغريم التقليدي وكذلك مرفوضة من قبل أمريكا وحليفتها السعودية وأعتبرها في المحور الأيراني للتوافق التام بين كتلة الفتح صاحبة الرقم الصعب 48 مقعد ، وربما سيحدث تحالف بعد ترميم البيت الشيعي وعودة الأئتلاف الوطني تتكوّن كتلة مفاجئة من تحالف الفتح 49 + النصر 41 + والمالكي + الحكمة ، علاوي + الأتحاد الكردستاني ستشكل الحكومة على أن لا يكون رئيس الوزراء من المالكي والعبادي والعامري وأن الكتل ستطرح مرشح (تسوية ) بمباركة خارجية وطرح هذه الفكرة النائب السابق والقاضي وائل عبد اللطيف والنائب السابق حسن العلوي ، وأن لم يحدث سوف تكون في المعارضة البرلمانية حسب مبدأ الديمقراطية .

* كاتب ومحلل سياسي عراقي مقيم في السويد
في/ 23-5-2018 ستوكهولم

اترك تعليقاً