السيمر / الجمعة 17 . 08 . 2018
معمر حبار / الجزائر
نظّمت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية الشلف، ندوة تاريخية بعنوان: “20 أوت 1955- 20 أوت 1956″، وحضرها الأستاذ مصطفى عبروس المهتم بالتاريخ المحلي، والمجاهد عبد القادر قدور المنتمي للولاية الرابعة، والمجاهد “محمد عياد” المحكوم عليه بالإعدام أيام الثورة الجزائرية، وسأكتفي بما ذكره “محمد عياد” دون غيره على أمل أن نخصّص للباقين مقال مستقلّ إذا سمحت الظروف:
من قال مليون ونصف مليون شهيد فهو خائن
طلب حضور ابن وبنت إلى جنبه كعلامة من علامات استمرار التاريخ ومواصلة العهد، ثمّ قال بأسى شديد وباللّغة الفرنسية، حين قال حسب ترجمتي: ” يعتبر خائنا ذلك الذي أعطى رقم مليون ونصف مليون شهيد”، و سبق لي أن كتبت عدّة مرات عن ضرورة إعادة النظر في الرقم، وأنّه من الظلم للثورة الجزائرية ولدماء الشهداء القول أنّ عدد شهداء الجزائر “مليون ونصف مليون شهيد”، بينما العدد يفوق بكثير وكثير جدّ جدّا. عقّب قائلا: هل أحصى هذا الشخص الذي قدّم هذا الرقم من الشهداء الذين ماتوا في بطون أمهاتهم، حين بقر الاستدمار الفرنسي بطون الشهيدات الجزائريات.
زلزال الأصنام 1954 والثورة الجزائرية 1954
وعن علاقة الأصنام سابقا والشلف حاليا بالثورة الجزائرية، قال: تأخر ت الأصنام سابقا والشلف حاليا عن مشاركتها في ثورة 1 ننوفمبر 1954، لأنّها تضرّرت من زلزال الأصنام 1954، وكانت منشغلة بدفن موتاها، وتضميد جراح المصابين، ومواساة المحتاجين خاصّة في حالة الفقر والجوع والعري التي كان يعيشها الجزائري يومها ناهيك عن المناطق الجبلية المعدومة. و يكفي القول أنّه لحدّ الآن (2018) لم يتم العثور على بعض موتى الزلزال أو المفقودين منهم. وكانت يومها جمعيات الهلال الأحمر الفرنسي التابعة للمستدمر الفرنسي مكلّفة بتقديم المعونات للمتضرّرين من الزلزال، وكنا ونحن صغارا نتظاهر بأنّنا نساعد الجمعيات، لكن في حقيقة الأمر كنّا نفعل ذلك من أجل الحصول على 1 كلغ من العدس أو الحمص أو الأرز، لأنّنا كنّا نعيش حياة الفقر والجوع والعري. و بعد الانتهاء من كلمته التي ألقاها طلبت منه توضيحا، فأجابني ونحن في بهو المكتبة: 80% من المساعدات التي كانت تقدّم للمتضرّرين من زلزال الأصنام 1954، كانت توجّه للثورة الجزائرية رغم أنّنا كنّا بأمسّ الحاجة إليها، ونحن يومها نعاني الفقر والجوع والعري. وراح بعدها يعدّد أبطال وشهداء الشلف، وهم: مكاوي عبد القادر، و معمر ساحلي الذي حكم عليه بالإعدام، و مولاي الطيب الذي لم يمنحه الاستدمار الفرنسي حقّ الاستئناف.
تدخّل وقال: أغلقوا جميع الأبواب على الولاية الرابعة إبّان الثورة الجزائرية، ولم يكن لنا الحقّ في التحدّث كمجاهدين.
من معاني العلم الجزائري
استغلّ فرصة تقديم مسرحية من طرف بعض الشباب حول الثورة الجزائرية وهم يتباهون بالعلم الجزائري، فراح يشرح لمن في القاعة معنى العلم الوطني، فقال: اللّون الأبيض يمثل الفطرة السّليمة. واللّون الأخضر يمثّل فعل الخير لنيل الجنّة. واللّون الأحمر يمثّل دم الشهيد، والشهيد أنواع وليس بالضرورة من سقط في المعركة. والنجمة ذات الخمسة أوجه تعني أركان الإسلام. ولم أستوعب جيّدا ما قاله حول الهلال، لذلك فضّلت عمدا عدم نقل ما ذكره حوله.
الشهيد في بطن الشهيدة
مما قاله محمّد عياد: جئت أحمل رسالة الشهيد والملائكة. واستوعبت العبارة جيّدا وهو الذي لم يشرحها، لأنّه يقصد بـ “الملائكة” الجنين في بطن أمّه الذي أعدمه المستدمر الفرنسي حين قتل الشهيدة الجزائرية وهي حامل. ولم أكن أعرف هذا المعنى لولا أنّي استمعت إليه بتاريخ الأحد 16 ذو القعدة 1439 هـ الموافق لـ 29 جويلية 2017، وبمناسبة توزيع الجوائز على حاملي شهادة البكالوريا من طرف مؤسّسة “الأمير عبد القادر”، ونقلت عنه حينها قوله: “الشهيدة الجزائرية التي قتلها الاستدمار الفرنسي كانت حامل يومها، ما يعني وجوب ذكر الشهيدة وابنها حين نتحدث عن أغلب الشهيدات وهن كثر في الجزائر يومها، ولا يليق ذكر الشهيدة دون ابنها الشهيد في بطنها حين تكون حامل” وأظلّ أكرّر ما قلته حينها عبر صفحتي: ” لأوّل مرّة أسمع هذه المعلومة المهمّة جدّا، لذلك تعمدت نقلها. وأغتنم الفرصة لأضيف: هذه المعلومة تجعل القارىء والناقد والمتخصّص يضيفها ويعتمد عليها كمؤشّر، حين يتعلّق الأمر بذكر عدد شهداء الجزائر إبان الاستدمار الفرنسي ومنذ سنة 1830″.
المحكوم عليه بالإعدام.. بين الماضي والحاضر
جمع عن يمينه وشماله ابن وبنت، وقال: لو كانت هذه البنت إبّان الثورة الجزائرية لكان ممكن أن تكون الشهيدة حسيبة بن بوعلي وغيرها من الشهيدات. ولو كان هذا الابن إبّان الثورة الجزائرية لكان الشهيد عميروش، أو زبانة، أو الجيلالي بونعامة، أو غيرهم.
وقال: جئت لأسمع أسئلة الطلبة والمختصين في التاريخ، وأجيب عنها بما تسمح به الذاكرة وأستطيع.
قال: كان إضراب الطلبة في جانفي 1956 عن الطعام بأمر من الجبهة. ومن نتائج هجوم 20 أوت 1955 على الشمال القسنطيني، أنّ الاستدمار الفرنسي شنّ العدوان الثلاثي سنة 1956 على مصر حتّى تثنيها عن مساعدة الثورة الجزائرية، وكذا هجوم المحتل على ساقية سيدي يوسف بتونس، ما دفع بالدول إلى الوقوف إلى جنب الجزائر، لأنّ المستدمر الفرنسي تورّط في دول حدودية.
قال: من حقّ جيل استرجاع السّيادة الوطنية أن يطالبني بالقوّة إن أنا حدّثته عن الثورة. وكان المجاهد حين يريد أن يقوم بالعملية ضدّ المحتل الفرنسي يستشير من هو دونه وأصغر منه ولا يتكبّر أبدا. ومصيبة الثورة الجزائر ية في الذين يقولون “أنا”. وقد سبق أن قلت لبعض المسؤولين: لا بدّ أن نسترد منكم إلى الأبد “وثيقة المجاهد”، لأنّكم خدمتم الثّورة الجزائرية ساعة وأخذتم حقّ عقود وسنوات. وظلّ طيلة اللّقاء يردّد دعاءه على شكل حسرة وأسى: نسأل الله أن ينقذنا من دٙي۟ن الشهداء المترتب على رقابنا.
قال: كتبت الكتاب الأوّل وقدّمته للجهات المعنية ولم ينشر لحدّ الآن، وأنا الآن بصدد تأليف الكتاب الثاني المتعلّق بالفترة ما بعد سنة 1962.
وفي الأخير ، قدّمت له مسؤولة المكتبة بالنيابة كتاب “كفاحي” حسب ما استطعت أن أراه، فقدّمه بدوره للطالبة عائشة عبيدات التي قدّمت بحثا في الموضوع، كعلامة على تواصل الأجيال وتشجيعا على البحث ومواصلة الطريق.
للتذكير، مدير المكتبة محمد قمومية Mouhamed Guemmoumia، هو الآن يؤدي مناسك الحج، سائلين الله أن يعيده سالما غانما آمنا، وأن يوفّقه لأداء مناسك الحج.
الثورة الجزائرية من خلال محمد عياد – مع شباب المسرحية والطالبة عائشة عبيشات صاحب المحاضرة التي أهداها الكتاب الذي قدّم له كهدية