السيمر / الأربعاء 10 . 10 . 2018
هشام الهبيشان/ الأردن
في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن مسار العلاقات التركية – السعودية ،في ضوء الأزمة حول اختفاء الصحفي جمال خاشقجي ، وتأثير هذا التطور على مسار العلاقات التركية – السعودية ، في ظل المسار التصاعدي والتصعيدي لتداعيات اختفاء خاشقجي ،وخصوصاً في ظل موقف الجانب التركي الذي يتحدث عن ضلوع السعودية باختفاء خاشقجي وقيامها بتصفيته ، ومن هنا يمكن قراءة أن هذه الملف وبهذا التوقيت بالتحديد بمجمله سيضع مسار العلاقات السعودية -التركية تحديداً على صفيح ساخن، فبعد ان أتضح بالفترة الاخيرة لجميع المتابعين أن مسار العلاقات التركية- السعودية قد بدأ باتخاذ منحنى سلبي ، وخصوصاً بعد الأزمة السعودية مع قطر ، واصطفاف تركيا “اردوغان ” علناً مع قطر ، ودعمها العلني كذلك إلى إيران بملف صراعها مع واشنطن حول ملفها النووي .
وهنا بالتحديد يقرأ بعض المتابعين ان تداعيات مجمل ملفات الخلافات بين أنقرة والرياض والتي كان أخرها ملف اختفاء خاشقجي ،ستنسف بالمطلق أي مؤشرات للتقارب بين أنقرة والرياض “بالمدى المتوسط “، والسبب يتلخص بوجود تجارب تاريخية “فاشلة” لكلا النظامين بعلاقات التقارب فيما بينهما فقد سبق ان لامست حالة التقارب بين “النظامين” حدوداً استراتيجية في التقارب “بمطلع عام 2011 تزامناً مع انطلاق ما يسمى بـ ” الربيع العربي “، وقد كانت حينها توصف من قبل مؤيدي الدولتين بأنها انموذجاً اقليمياً نظراً لـ حالة التقارب تلك وقد اعتقد البعض انها قد تؤسس لحلف اقليمي جديد، ثم انهار كل ما تحقق على هذا الطريق مع أول خلاف دار حول الملف المصري، وانفتاح شهية كلا البلدين للسيطرة على البلد الجريح، وهذا ما أفرز حينها حالة من الاستقطاب وفجر خلافات حول مصر والشرعية للنظام القديم “مرسي “وشرعية النظام الجديد”السيسي “، بين البلدين، واليوم ،يبدو واضحاً أن تداعيات اصطفاف تركيا إلى جانب قطر وإيران قد لا تمحى بسهولة، فاليوم مازالت تبرق الرياض إلى تركيا رسائل سريعة وتنتظر الرياض سماع رسالة علنية من أنقرة حول موقفها النهائي من ملف الأزمة القطرية – الخليجية وملف إيران ، هذا الملفات بالتحديد قد تحمل بالمقبل من الأيام تطورات دراماتيكية بالعلاقة بين الرياض وانقرة.
وهنا وفي ذات السياق، فلا يمكن للنظام “التركي” في طبيعة الحال، أن يتبع نهج أقليمي جديد يؤسس لحاله اقليمية جديدة يكون عنوانها “تحالفات الطوائف الاسلامية” كما يريدها النظام السعودي، فالنظام التركي بالنهاية هو نظام براغماتي، ويتعامل مع الكثير من أزمات المنطقة حالياً على مبدئ الشريك الذي لايريد ان يخسر احداً، وهذه الحقائق المذكوره سابقاً لايمكن لأي شخص متابع لسياسة النظام التركي في الاقليم مؤخراً بشكل عام أن ينكرها، فهذه الحقائق بمجملها قد تكون هي الأنتكاسة الأولى لمشروع الحلف السعودي -التركي، فالأتراك لايمكنهم بأي حال من الاحول ان يكونوا شركاء للسعوديين، بمقابل تخليهم عن براغماتيتهم النفعية من القطريين والإيرانيين أقتصادياً و سياسياً، وهذا ما ظهر واضحاً وجلياً من خلال الدعم التركي اللامحدود لقطر وإيران اخيراً .
الأترك بدورهم لايريدوا أن يذهبوا بعيداً بملف فتح صراع مفتوح مع السعوديين ، مع أنهم يعلمون أن السعوديين بهذه المرحلة يعانون من أزمة أقليمية خانقة وحربهم السياسية والإعلامية على قطر وإيران قد تكون صدى حقيقي لهذه الأزمات وقد ترتد نتائج هذه الحرب بشكل سلبي على السعوديين، ويعلم النظام البراغماتي التركي جيداً ان مادفع السعوديون للتقارب مع الاتراك بمراحل سابقة هو مصلحة مرحلية قد تنهار بأي فترة زمنية مقبلة، فتحالفات المصالح المرحلية هي تحالفات غير دائمة.
ختاماً،يمكن القول إنه وعلى الرغم من الموقف التركي الواضح للجميع بخصوص قضية اختفاء خاشقجي واصطفافه العلني بجانب القطريين والإيرانيين، ومع كل هذا فما زال السعوديون يتمسكون ويناورون بدعم الورقة التركية لهم وحتى وان كان هذا الدعم إعلامياً، المهم بنظر الدوائر الرسمية السعودية هو أيصال رسائل هذا الدعم للداخل السعودي لأظهار حجم قوة الدعم الاقليمي والدولي للسعودية ، وبذات الاطار فمازالت هناك خشية سعودية من ان تدفع براغماتية النظام التركي إلى ممارسة سياسة مزدوجه لاتخدم الأهداف والأجندات التي يحملها النظام السعودي الجديد، وما تحمله هذه الاهداف والأجندة من متغيرات خطرة ومغامرات جديدة قد تقلب الطاولة على الجميع بالمنطقة كل المنطقة، ومن هنا سننتظر القادم من الأيام وما يحمله من متغيرات جديدة بالمنطقة، لنستوضح التطورات المستقبلية لطبيعة العلاقات التركية -السعودية المستقبلية، وتأثير هذه العلاقات سواء أكانت ايجابية ام سلبية على مسار ملفات المنطقة بمجموعها.
*كاتب وناشط سياسي