السيمر / الأربعاء 10 . 10 . 2018
معمر حبار / الجزائر
أتذكّر جيّدا زلزال الأصنام سابقا والشلف حاليا الذي ضرب المنطقة بتاريخ 10 أكتوبر 1980، فقد كان عمري يومها 14 سنة، وكلّما سمحت الذاكرة باستحضار ما يمكن استحضاره عن تلك الأيام، قام صاحبها بتدوينها ونشرها سواء تعلّق الأمر بمناسبة أو غير مناسبة.
من الأمور البالغة الأهمية التي يتذكّرها صاحب الأسطر هي المساعدات الغربية بأنواعها وأشكالها المختلفة والتي ما زالت آثارها الإيجابية إلى غاية كتابة هذه الأسطر. وفي بداية الزلزال وقد كان رهيبا مفزعا، أرسلت الدول الأوروبية وعلى جناح السّرعة مساعداتها قصد إعادة بناء الشلف من حيث:
بناء جامعة الشلف والتي لم يكن لها ذكر من قبل وأقيمت لأوّل مرّة، وكانت يومها تضم معهد الهندسة المدنية، ومعهد الفلاحة، ومعهد الري. وشيّدت المتوسطات كمتوسطة الشرفة التي كانت غاية في الجمال ودرس فيها أبنائي وليد و أكرم. والثانويات كثانوية بوقرة التي درست فيها، وتخرّجت منها سنة 1986 وهي سنة نجاحي في البكالوريا. ومراكز التكوين المهني، والمستشفيات الكبيرة مستشفى الشرفة، و الشطية، وأولاد محمد ومستشفيات أخرى لا أعرفها. ومؤسسات أخرى مختلفة كالبلديات ذات منفعة عامة تخدم جميع أفراد المجتمع.
البنايات الأوربية كانت من نوع البنايات الجاهزة، وذات جودة عالية جدّا، وبنيت باحترافية بالغة، مازالت لحدّ الآن قائمة تؤدي دورها كما كانت تؤدي دورها عقب زلزال الأصنام سنة 1980.
كان على الجزائر أن تستفيد من طريقة البنايات الجاهزة والتي تسمى بـ “البر۫رٙارِيك۫” و “البرّٙاكٙة” التي وضعها الأوربيون، ويضيفوا لها فيما بعد تحسينات وإضافات تناسب العصر والظرف الذي طرأ، وتكسب فيما بعد تجربة نوعية وذات مردودية عالية فيما يخص أنواع البناء وأشكاله ومردوديته العالية.
من بين أسماء البنايات الجاهزة التي بناها الأوربيون عقب الزلزال وما زالت عاقة بالذاكرة، هي:
” VOLANI” الإيطالية التي أسكن فيها إلى اليوم وتقرأ من خلالها أيّها القارىء الكريم مقالاتي. و “Le ROI ” الفرنسية. و “IMOLY” الدنماركية و”NOBELZ” البلجيكية”. و”HOUSE BI HOUSE” البرتغالية. و”PORTOLAZO” الإسبانية. وأسماء أخرى لدول أوربية أخرى لا يحضرني الآن اسمها من كثرة الشركات الأوربية التي تكفّلت مشكورة ببناء الأصنام يومها عبر البناءات الجاهزة، مع التذكير أنّي اعتمدت على ذاكرتي في كتابة أسماء الشركات وطريقة نطق أسمائها.
عمال الشركات الأوربية الذين تكفّلوا ببناء البنايات الجاهزة ظلّوا طوال سنوات يقومون بعملهم بجدّ ونشاط وإخلاص وإتقان تحت شمس محرقة لا يطيقها حتّى سكان المنطقة ولمدّة سنوات من الجهد والعرق والسّهر، ودون كلل ولا ملل.
بعد الانتهاء من البنايات الجاهزة واستفادة سكان المنطقة من خدماتها وإلى اليوم، ظلّ العمّال الأوربيون يقدّمون خبراتهم للسّكان لعلّها تفيدهم في كيفية التّعامل مع الجديد من البنايات إلى أن غادروا الجزائر إلى بلدانهم وبصفة نهائية.
ما يجب التركيز عليه، أنّ الدول الأوربية التي ساعدت الأصنام المتضرّرة بالبناءات الجاهزة، ساعدت أيضا المناطق المجاورة للأصنام والتي تصل إلى غاية 100 و 200 كلم، والتي أصيبت ببعض آثار الزلزال وليس الزلزال، وقد رأيت ذلك رأي العين في الولايات المجاورة وأنا أزورها، مايدل على أنّ الخدمات التي قدّمتها الشركات الأوربية المتعدّدة، تعدّت الولاية الواحدة أي الأصنام يومها إلى ولايات أخرى استفادت هي أيضا من البنايات الجاهزة.
رغم ماقدّمه الأوربيون من خدمات جليلة فيما يخصّ البنايات الجاهزة كجامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف التي عملت فيها من سنة 1992 إلى سنة 2016 سنة تقاعدي، والمستشفيات المتعدّدة والمتوسطات الكثيرة والثانويات المترامية ومراكز التكوين المهني العديدة وبعض الإدارات، لم يفرضوا على الجزائر أن تطلق أسماءهم على إنجازاتهم الكبيرة المفيدة، ولم يشترطوا على الجزائر أن توضع أعلام بلدانهم على إنجازاتهم الضخمة العالية الدّقة، ولم يشترطوا على الجزائر أن تتلى أيام افتتاح إنجازاتهم الرّائعة أقوالا وحكما من تراثهم تدل على أنّ الأوربي هو صاحب المشاريع التي استفاد منها الجميع، وهذا من تمام الأدب والأخلاق والاحترافية العالية.
لا يوجد لحدّ الآن في الأصنام سابقا والشلف حاليا، من يقول مثلا – أقول مثلا – “جامعة الإسبان”، و “مستشفى الطليان”، و “بلدية الدنمارك” و “مركز التكوين المهني البرتغالي”، بل ما زالوا يقولون: “جامعة الشلف”، و “مستشفى الشطية”، و “مستشفى أولاد محمد”، و”مركز التكوين المهني للشرفة أو أولاد محمد”، ولم تغضب أوروبا لأنّ أسماءها لم تطلق على خدماتها المتطورة والتي ما زالت لحدّ الآن عبر البنايات الجاهزة التي قدّمتها.
أعترف أنّي لأوّل مرّة أتطرّق لهذا الموضوع، وأزعم أنّك أيّها القارىء الكريم تقرأ أيضا عن الموضوع الخاص بعدم إطلاق أسماء الدول الأوروبية على الإنجازات الكبيرة المفيدة الأوربية التي ساعدت بها الأصنام يومها وما زالت لغاية اليوم، ولم تضع أعلامها الأوربية على إنجازاتها الكثيرة والضّخمة والبالغة الفائدة والمردودية.
أختم المقال، بتوجيه بالغ الشكر والتقدير والعرفان والاحترام للأوربيين الذين ساعدوا الأصنام سابقا والشلف حاليا بخدماتهم لمواجهة زلزال عنيف يوم 10 أكتوبر 1980 بـ 7.5 درجات، ورحم الله شهداء الزلزال، وحفظ الله الجميع من المصائب و المحن.