السيمر / السبت 24 . 11 . 2018
اسعد عبدالله عبد علي
“ها هي الستون عاما تنقضي من عمري, وانا متنقل بين بيوت الايجار, لا املك شبرا في العراق! قد بخل علي بلدي في بيت صغير يحمي عائلتي من برد الحياة, لقد ضيع الساسة حقوقنا بالعيش الكريم, والى الله المشتكى”, كلمات الحاج ابو سلام كانت مؤلمة بحق بعد ان سألته عن حاله, كلمات قليلة اختصرت محنته التي لازمته منذ ان تزوج وكان شابا ثلاثينيا حالما, الى ان تبددت الاحلام وتحولت الى كوابيس, ولم يعد في العمر بقية لابو سلام والالاف من امثاله, ممن اجبرتهم ازمة السكن على العيش في بيوت الايجار, التي تحول الحياة الى مصيبة ومحنة لا تنتهي, وكل المصيبة سببها الساسة منذ عهد صدام الى يومنا هذا ونحن نعيش في عصر الديمقراطية البشعة.
وهنا نطرح سؤالين مهمين يدخلان في صميم مناقشة ازمة السكن, كي نفهم ويفهم القارئ ما يجري:
السؤال الاول: هل حل ازمة السكن من المستحيلات؟ وهل يحتاج لجهود جبارة وعظيمة وهي فوق قدرات حكومات العراق؟
الجواب/ ازمة السكن كانت منتشرة بشكل مخيف في العالم وتفاقمت في ثمانينات وتسعينات القرن السابق, لكن عند توفر حكومة مصممة على الحل فان الازمة تحل وتصبح ذكرى من الماضي, وهكذا تم حل ازمة سنغافورة السكنية بعد ان تراكمت واصبحت محنة لا تطاق, وتتذكرون معي كيف كان ازمة السكن خانقة للمصريين لكن استطاع مبارك من حلالها واصبحت ذكرى لسنوات صعبة, وكل البلدان المحيطة بالعراق اليوم لا تعاني من ازمة سكن نتيجة جد واجتهاد الحكام فيها, فلا فخر للساسة الا بالانجاز.
فحكام ال سعود وحكام الاردن وحكام موزنبيق وحتى حكام الحبشة كلهم افضل من حكامنا, والدليل حلهم لازمات بلدهم من سكن وبطالة وتعليم, فالهدف من الحكم تنظيم شؤون الناس وحل الازمات, لكن الطبقة السياسية تفهم الحكم بنحو اخر, وهو انها تحكم لتسرق وتنهب الخزينة! والعجيب ان تفتخر بالفساد والعهر الذي تمارسه يوميا, فماذا ننتظر من طبقة سياسية عاهرة!
المهم ان قضية ازمة السكن حلها يعتبر سهل يسير, وحققته دول فقيرة لا تمتلك ربع ايرادات النفط المتحقق للعراق, وفي ضرف خمس سنوات فقط.
السؤال الثاني: اذا كان الحل سهل يسير, فلماذا الحكومات المتعاقبة ترفض وبشدة حل ازمة السكن؟
ان حل ازمة السكن يعني ان المواطن سيعيش مرتاحا مطمئنا, ويعني ستنخفض معدلات الجريمة, ويعني ستنتهي المشاكل الاجتماعية الناتجة عن الخلل في السكن, ويعني سيرتفع معدلات الدارسين والقراء, ويعني ستزول دوافع الارهاب والانتحار والاغتصاب, ويعني سيرتفع وعي الامة, ولن يرضى حينها بظلم الحكام بل ستكون له حركة واعية, وينفض الجمع عن احزاب السلطة وتصبح عارية من دون اي مناصر, هذا المشهد تعرفه جيدا احزاب السلطة, وتدرك ان حل ازمة السكن سيكون سببا رئيسيا في اقصائها لا بل وملاحقتها قضائيا,
لذلك هل تعتقد ان تعطي الاحزاب الحاكمة والطبقة السياسية للشعب سيفا ليقاتلها به, انها تدرك جيدا في لحظة ارتفاع وعي الشعب وحل ازماته فان مقتلها يكون حتمي الوقوع, لذلك تكاسلت السلطة واحزابها عن قصد في قضية ازمة السكن, ولن تقوم بخطوة واحدة للحل, الا اذا قررت الاعتزال السياسي, وهذا ما لن يحصل ابدا.
• اخيرا:
عندما تزول سطوة احزاب السلطة والطبقة السياسية, فقط عندها يمكن ان نستشعر ان الازمة ستنتهي, وان كان لأبواق السلطة غير هذا الامر فندعوهم ان يثبت اسيادهم من قادة الاحزاب والكتل والتيارات غير الواقع المرير, عبر الاعلان الحقيقي عن مشروع كبير لحل ازمة السكن, في ظرف خمس سنوات فقط, وتكون المنازل متاحة حتى للفقير.