السيمر / الأربعاء 05 . 12 . 2018
سليم الحسني
لم تتوقف القيادات الشيعية (الدينية والسياسية) عند الكلام الذي وجهه المبعوث الأميركي بريت ماكغورك في أيام تشكيل الكتل البرلمانية، لقد انشغلوا باختيار المرشح لرئاسة الوزراء، وغفلوا التحذير الأميركي بنصه الصريح: ( (إما مقتدى الصدر الأكبر أو الفوضى).
ولم يتوقف قادة الشيعة عند كلمة الرجل رغم إيقاعها الناري، لم يفككوا كلماتها ولم يفكروا باحتمالات ما يعنيه، ولا بتوقيت اطلاقه التحذير، فقد كان تحديداً بداية حزيران ٢٠١٨، بعد عودة مقتدى الصدر من الكويت حيث اجتمع هناك مع ثامر السبهان وماكغورك.
بعد الكويت، كان مقتدى الصدر في غاية الارتياح، لم يظهر عليه الاكتراث بتشكيل الكتلة الأكبر، وقد قضى معظم الفترة التي أعقبت عودته من الكويت في سفرات متتالية خارج العراق.
كان مقتدى الصدر قد اتكل على قوتين، الأولى السفارة الأميركية، والثانية محمد بن سلمان، ومعهما شعر بأنه الأقوى، وقد صار بالفعل هو الأقوى مع تفتت وحدة الكيان الشيعي.
باختيار عادل عبد المهدي ومن دون تحديد الكتلة الأكبر، حُسم التفوق لصالح مقتدى الصدر، وقد كان ذلك بمثابة وضع مصير القيادات الشيعية تحت سطوته. وكانت حركة هادي العامري المرتبكة والضيقة قد خدمت توجهات زعيم التيار الصدري، ووفرّت له المزيد من نقاط القوة.
في جلسة منح الثقة لحكومة عبد المهدي، حصل مقتدى الصدر على اعتراف دستوري بوصايته على الحكومة، وهذا ما شجعه على إتمام وصايته على بقية الوزراء.
لم يعد مقتدى الصدر يقنع بأقل من التحكم المطلق بالقسم الشيعي من العملية السياسية، فإما أن يكون هو المتحكم بلا منازع أو الفوضى.
قبيل انعقاد جلسة البرلمان (٤ كانون الأول ٢٠١٨) أعلن مقتدى الصدر برسالته الخشنة البيان رقم واحد. وفي جلسة البرلمان، كان جنده النواب قد قطعوا الطريق أمام انعقاد الجلسة، وحققوا انتصاراً مشهوداً على الديمقراطية والنظام البرلماني. فالكلمة صارت لمنطق الفوضى والقوة والتهديد.
برئيس وزراء ضعيف، وبرئيس قائمة الفتح المرتبك، وبمصالح شخصية ضيقة لقيادات أخرى، يقف مقتدى الصدر على ثكنة الحنانة بكامل عدتّه، ينتظر القرار لإعلان الفتنة الشيعية ـ الشيعية.
قد يجد بن سلمان في أزمتة بقضية خاشقجي، بوابة أمل باندلاع الفتنة الشيعية في العراق. ومن المؤكد أن السفارة الأميركية ستشجع على ذلك، فترامب هو الآخر من مصلحته اشعال حريق عاجل ليحرق بناره أوراق قضية خاشقجي.
في هذا الظرف، تبرز مسؤولية المرجعية العليا لتقول كلمتها، فالوضع لا يختلف كثيراً عن توغل تنظيم داعش في الأراضي العراقية، بل ستكون هذه الفتنة أكثر خطراً ـ لا سمح الله ـ فيما لو جاء الأمر الى مقتدى الصدر بالتحرك.
وطن نيوز