السيمر / الخميس 13 . 12 . 2018
أياد السماوي
قد يظن البعض أنّ تشبيه الفساد في العراق بالمملكة , أمر مبالغ به وربّما يراد منه التهويل خدمة للفساد وليس الوقوف على الحقيقة , لكنّ المتابع لشؤون الفساد في العراق سينتهي المطاف به إلى أنّ الفساد مملكة لها سلطاتها ومؤسساتها وقطاعاتها , فمملكة الفساد في العراق هي السلطة التنفيذية وهي السلطة التشريعية والسلطة القضائية , وهي الوزارات والهيئات المستقلّة والحكومات المحلية , وهي الأحزاب الحاكمة والطبقة السياسية والإعلم والإعلاميين , وهي المؤسسة الدينية ورجال الدين الذين انخرطوا بالسياسة والتجارة , وهي الجيوش الألكترونية والرعاع الذين ينعقون مع الفاسدين .. نعم إنّ مملكة الفساد في العراق دولة وعلم وسيادة , يل هي أقوى حتى من دولة المؤسسات والقانون التي من المفترض إدارة موارد البلد بما يحقق الرفاه والبناء والتقدّم للبلد , ومن مزايا مملكة الفساد العراق أنّها أعطت الضوء الأخضر للفاسدين من السياسيين والإعلاميين ورجال القضاء وممثلي الشعب , بالحديث عن الفساد وتناول بعض جوانبه , ليس من أجل التصدّي للفساد ومحاربته وتجفيف منابعه , بل من أجل ديمومة هذا الفساد واستمراره وإيهام الشعب المسكين الغارق هو الآخر بالجهل , أنّ دولة الفساد في طريقها إلى الزوال .. وليعلم الشعب العراقي أننا جميعا فاسدون بما فيهم كاتب هذه المقالة الذي يخاف على حياته وحياة عائلته من التصفية والقتل , فالخوف والجبن هو فساد من نوع آخر .
قبل يومين فتحت قناة العهد الفضائية واحد من أخطر ملّفات الفساد في العراق , وهو ملّف شركة سومو لتصدير النفط , وشركة سومو هي وزارة النفط , ووزارة النفط هي الحكومة وهي الدولة وهي الإيرادات العامة للدولة , ومحاولة تسليط الضوء على هذا الملّف الخطير يعني تسليط الضوء على دولة الفساد العميقة , لا أريد أن أثبط عزيمة أخوة زينب في فتح هذا الملّف الخطير , لكنّي أقول لهم أيضا إنّكم فتحتم بابا من أبواب جهنم .. لأنّكم لا محالة ستقفون على حقائق يشيب لها رأس الرضيع , ستكتشفون أنّ جميع الأحزاب السياسية الحاكمة لها أذرع في شركة سومو من خلال شركاتها العاملة مع سومو أو من خلال مزاد البورصة في دبي , وإذا ما تعمقتم قليلا في هذا الملف ستصلون إلى نتيجة مفادها أنّ سماء العراق وأرضه وهوائه ومياهه قد تلوّثت كلّها نتيجة لهذا الفساد الذي ضرب كل مفصل من مفاصل الدولة , فليس هنالك قطاع اقتصادي أو وزارة أو مؤسسة أو حزب سياسي لم يصل الفساد إليه , ومملكة الفساد في العراق قد سيطرت على كافة القطاعات الاقتصادية المهمة كقطاع المال والبنوك وقطاع النفط والكهرباء والاتصالات والصناعة والزراعة بل وحتى قطاع الدعارة في العراق , في الختام أقول .. لك الله يا عراق .. لك الله يا شعب العراق .. لكم الله يا فقراء العراق ومساكينه .. لكم الله يا عوائل شهداء العراق الذين حموا العراق وشعبه ومقدّساته .. لكم الله يا اصحاب الإصلاح الحقيقي .. لكم الله يا حملة راية الوطن والوطنية ..