السيمر / الجمعة 28 . 12 . 2018
سيف ابراهيم
ان العراق بحسابات عقد و نصف هو اكثر البلدان خسارة على جميع المستويات فلا يتقدم الا بعداد الزمن ، من يبقى في مكانه فهو لم يلحق بركب من تقدم ، فما بالنا و العراق لم يبق بمكانه بل تراجع عقود اخر ، كيف السبيل للارتقاء و السير في طريق النمو و التطور اذن ! رغم ذلك لم يفقد الشعب الامل ، شد ازر بعضه و نحو صناديق الاقتراع ارتحل ، كانت النتائج الى حد ما ، تسرّ من تحمس للإصلاح و سعى نحوه ، نعم لم يكن كَذاك المعوّل لكن افضل الممكن قد تحقق و ما بداية الالف ميل الا بخطوة ، تلتها خطوة تكاد تكون جريئة و قفزة عظيمة في تاريخ العراق المعاصر ، عندما انتقلت رئاسة الوزراء من ايادي حزب تلاقفها على مر تلك السنوات العجاف ، تطور يشهد له بالبنان اكثر ، لو انه انتهى باختيار شخصية اقوى بكثير مما تم . ان اختيار عبد المهدي بتوافق بين سائرون و الفتح انما يمثل بداية عهد جديد كونه قد قضى على سطوة حزب الدعوة المحتكر لهذا المنصب على مر سنوات غابرة كذلك يمثل دعما لشخصية لا تمتلك حزبا او كتلة او حتى فصيلا مسلحا . رئيس الوزراء التوافقي عقدت عليه كل طموحات الشعب مذ تم اختياره ، عله يكون على قدر المسؤولية ، الا انه و بعد مرور مدة طويلة على منح الثقة لحكومته الغير مكتملة لم نر منه ما يجعل الناس مرتاحين لخطواته مطمئنين لقادم افعاله ، و لعل ابرز مؤشرات الضعف هي : 1 – بعد مرور شهرين على منح الثقة لحكومته الناقصة ، الى الان لم يستطع اثبات موقفه و اجبار الكتل على حسم مواقفهم تجاه الاسماء التي قدموها للاستيزار ، و رد الاسماء التي يراها غير مؤهلة ، بل ترك الكرة بملعب الكتل لحسم اختياراتها هي ، كأن الامر لا يخصه ، و الفياض خير مثال حي ! 2 – ان من يرى الوزراء الذين منحوا الثقة و يراجع سيرهم الذاتية ، يجد ان هناك من هو غير مؤهل بالمرة لشغل منصب مدير عام فكيف يصبح وزيرا ! هناك من عليه ملفات فساد و اخرين عليهم تهم تخص المساءلة و العدالة ، و هذا عكس ما تم التوافق عليه عند اختياره رئيسا لمجلس الوزراء . 3 – ما حدث من مشادة كلامية بين وزيرين في اثناء الجلسة الاعتيادية لمجلس الوزراء ، حول عمولة تقاضها احدهما بخصوص بيع منصب مدير عام و التي تقدر ب 5 مليون دولار ، و مشاهدة عبد المهدي لفيديو يوثق عملية البيع ، رغم ذلك نرى انه قد اكتفى بعتاب و توبيخ ذلك الوزير !!! انما ينذر بان الفساد سيكون اقوى و اشد من ذي قبل بكثير . 4 – عدم الحزم الذي يتصف به و انعدام المحاسبة ، يجعل الوزراء احرارا فيما يفعلون ، فلا حسيب عليهم و لا رقيب ، من شاء فليعمل و من شاء فليسرق ! مما سيجعل النجاح فرديا لا جماعيا ، رئيس الوزراء قادما تتضح ملامح فشله اكثر هو و كل وزير فاسد ، و لن ينجح غير ذلك الذي اتى لخدمة شعبه حاملا همومهم في عنقه و سائرون في ذلك هي من ستكون صاحبة الفضل فليس هناك افضل من وزراءها باختيار عبد المهدي الحر لهم ، و التي لو سارت على نهجها جميع الكتل ، لكانت الكابينة برمتها اقرب للمثالية . 5 – اين عبد المهدي مما يحصل في مجالس المحافظات ، الكل تحدث عن صفقة بيع منصب محافظ بابل من قبل بعض الاحزاب المشهورة بالفساد ، اين موقفه من ذلك ؟! اين هو مما يحصل من تقاتل على منصب محافظ البصرة ؟! اين هو مما حصل مع الياسري محافظ النجف و جلسة الاستجواب الهزيلة التي تدلل على اتفاق مسبق للاقالة بغض النظر عن طبيعة الرد !!! لماذا لم نسمع له صوتا ، تعليقا ، بيانا ، شجبا !!! متى سيكون على قدر مسؤولياته و يدعو كل المحافظين لمحاسبتهم و الوقوف على كل هذه الشبهات ؟! لماذا لم يدعو القضاء للتحقيق بما تواتر من انباء بهذا الخصوص ؟! اين موقفه من معظم مجالس المحافظات التي تشتهر بالفساد و كأنها دار مزادات و مزايدات و مقاولات ؟! 6 – لم نجد في موازنة العام 2019 غير التخبط و الهدر للمال العام و الانفاق غير السوي لموارد و ثروات البلد ، فلا سعر برميل النفط المثبت في الموازنة يعكس السعر العالمي الاخذ بالانخفاض و الذي يؤشر لازمة اقتصادية عالمية في بداية العام القادم ، ناهيك عن زيادة في الموازنة التشغيلية بنسبة كبيرة جدا لا تعكس طبيعة التقشف و اثرها في زيادة العجز ، كل هذا يعاكس تماما خطة الاصلاح التي تحدث عنها في منهاجه الوزاري ، مما يدل على ان المنهاج انما هو حبر على ورق ! 7 – خلو الموازنة من ذكر كمية النفط المصدر من اقليم كردستان و ايرادات منافذها الحدودية ، كذلك عدم التطرق لكمية النفط المصدرة من كركوك ، ينذر بتفاهم شخصي بينه و بين البارزاني و لنا بالاتفاق النفطي الذي تم عقده مع اربيل اثناء استيزاره كوزير نفط اسوة سيئة بكيفية تنازله عن حقوق الشعب ، هذا ما يجعل الكرد غير متعضين من تقليل نسبتهم في الموازنة الى 12 % !!! 8 – لم يتخذ الى الان اي خطوات جدية لحل ازمة البصرة و مياهها المالحة الغير صالحة للشرب و الخدمات المتردية و البطالة المتزايدة ، هذه المدينة التي لا زال اهلها يتظاهرون منذ اشهر لم تجد اذنه لهم صاغية ، انتقل للعلاوي ، امر برفع الحواجز الكونكريتية ، زار الحسينية ، و البصرة يا سيدي اين انت منها و من معاناتها ، اليست هي الاولى بالزيارة !!! لم تزرها و لم تعطها حقها و جعلت نصيبها في الموازنة نسبة يندى لها جبين العدالة !!! فنسبة اربيل و السليمانية اعلى منها بما يقارب الضعف !!!! 9 – رغم الوضع الاقليمي المتوتر ، و وجود فراغ عسكري كبير على الحدود ، لم نر منه اي تحرك بخصوص وجوب الاسراع باختيار الوزراء الامنيين و الجلوس مع زعامات الكتل لوضع حد لهذا التاخير الخطير ، و بقيت تدار بالوكالة و قد يطول الامر و يستمر لاشهر ، قد نشهد فيها سقوط مدن كما حدث في العام 2014 !!! 10 – تعقد المشهد في المنطقة و التوتر الحاصل بين امريكا و ايران و سماع اخبار تتحدث عن انسحاب القوات الامريكية باتجاه اربيل ، اضافة الى ذلك نسمع من عبد المهدي يتحدث عن امكانية دخول القوات العراقية للاراضي السورية لصد الهجوم المتوقع ، كل هذه التهديدات و المستجدات الخطيرة ، نراه متمسكا باستيزار الفياض للداخلية !! الفياض الذي كان مع عدنان الاسدي يقودا دفتها على مر اربع سنوات متواصلة ، الفياض الذي كان على راس هرم اكثر المؤسسات الامنية اهمية و خطورة فما كانت انجازاته ؟! سقوط ثلثي البلد خلال 24 ساعة و وصول داعش تخوم بغداد و اصبح العراق امام تهديد وجودي !!! اين كانت اجهزة الفياض و الموصل كانت بيد داعش قبل ما يقارب السنتين على تحركها لاحتلال المدن ؟!! اوهل يريد عبد المهدي اعادة تجربة الفشل يا ترى و لماذا ؟! كيف من الممكن جعله على قمة هرم وزارة امنية و نحن نعرف ميوله الاقليمية ؟! اليس من الاجدر به اعفاءه من مناصبه المتعددة هذه و كفانا للبلد خرابا و للارواح خسرانا !! ان كل مؤشرات الضعف الحالية هذه على جميع المستويات ، تظهر بوضوح ان عبد المهدي ليس رجل المرحلة حتى الان ، و لن يكون ممن يصنع فارقا خلال الاربع سنوات القادمة ، حكومته قد تسقط في العام 2020 و هذا متوقع جدا وفقا لما تم ذكره اعلاه من تشخيص لمواطن الوهن ، بلحاظ اجراء انتخابات مجالس المحافظات المتوقع في تلك السنة و بذلك قد نشهد خريطة سياسية جديدة تبدا من الحكومات المحلية وصولا للاتحادية ، اما اذا استمرت حتى انتهاء اجلها الشرعي باربع سنوات فانها طوال هذه المدة ستبقى تعاني ان بقيت كذلك دونما اصلاح و حزم و شجاعة ، ذلك ان حكومته بلا غطاء برلماني يدعمها رسميا ، و لا هي بسوادها الاعظم تحتوي وزراء كفؤين او نزيهين يؤهلها للدفاع عن بقاءها من خلال نتاج عملها الذي يشعر به المواطن الفقير .