السيمر / الخميس 03 . 01 . 2019
ثامر الحجامي
لا احد يعرف المعايير التي تم على أساسها إختيار الوزراء في الحكومة العراقية الجديدة، فالأحزاب إبتعدت عن المعايير الطائفية في تحالفاتها هذه المرة، رغم إن التقسيم المكوناتي حاضر فيها، ولا هي رشحت من الذين يعبر عنهم ” بالتكنوقراط “، ولدى الأحزاب والمكونات السياسية العراقية كثير منهم، ولا هم من رموز العملية السياسية، التي أفرزت شخصيات كثيرة، بعضها كان فاشلا والبعض الآخر كان متميزا. يبدو أن عدم معرفة الكتلة الأكبر التي تشكل الحكومة، وتقاسم السلطة بين كتلة البناء وكتلة الإصلاح اللتان تتوليان ترشيح الشخصيات الوزارية، وتوزيعها بين مكونات هاتين الكتلتين، دون أن يكون هناك إعتراض بينهما، فيما يشبه تقاسم الكعكة، مع عدم تدخل رئيس مجلس الوزراء في خيارات الكتل، وإكتفائه برفع أسمائها الى البرلمان لغرض المصادقة، هو الذي أنتج لنا هذه الحالة، التي لا يعرف فيها شخص الوزير وخلفيته السياسية والاجتماعية إلا بعد عرضه على البرلمان للتصويت. ركيزتا تحالف الإصلاح الأساسيتين ” الحكمة وسائرون” تنازلا عن حصتهما في الحكومة ، فأنهى الإصلاح الشوط الأول بتقدم واضح على تحالف البناء، الذي إصطدم بدفاعات قوية من دفاع الإصلاح، لم ينجح على إثرها في تمرير مرشحه لوزارة الداخلية لأربع مرات متتالية، رغم عدم معرفة المعايير التي تجعل تحالف البناء يصر على إستيزاره، وهناك شخصيات قدمت التضحيات، والمعروفة بكفاءتها ونزاهتها من نفس الوزارة، لكن الشخصنة والحزبية وربما الإملاءات الخارجية جعلت الصراع مستمرا، دون التفكير في المصالح العليا للدولة. لما تنتهي مشكلة الفياض وقضية إستيزاره للداخلية، حتى طفحت لنا مشكلة أخرى، هي قضية وزيرة التربية، فبعد إستبعاد المرشحة الأولى لها، التي تناقلت الأنباء أن شقيقها ضابط في فدائيي صدام، وإستبدالها بمرشحة جديدة من نفس الكتلة، لما تنتهي مشكلة التصويت عليها التي طعن البعض في صحتها، بدعوى عدم حصولها على الأصوات الكافية، حتى ظهرت معلومات خطيرة عن علاقة أخيها بتنظيم داعش وأنه كان أحد قادته في مدينة الموصل، حقائق لم تستطع الوزيرة نفيها بل حاولت تبريرها، لكنها لم تحتمل ظهور معلومات أخرى عن علاقة زوجها بهذا التنظيم الإرهابي، فرفعت الراية البيضاء وأعلنت الإستقالة. ضربة ثانية مؤلمة يتعرض لها تحالف البناء ربما لن تكون الأخيرة، بعد ظهور معلومات رئيس البرلمان الذي ينتمي لنفس الكتلة، وأن والده هو عضو قيادة شعبة في حزب البعث المحظور على ملاك ديوان الرئاسة السابق، وما زال يستلم راتبا ومخصصات الى يومنا هذا، ويبدو أن تحالف البناء مصر على جلب شخصيات لها خلفيات بعثية، أو لها إرتباطات مع داعش الإرهابي، وما لم يستطع داعش تحقيقه من إقامة دولته المزعومة بوسائل الإرهاب والقتل، سيحققه من خلال وصول مؤيديه الى سدة الحكم، والفضل في ذلك لمن كان برنامجه الإنتخابي، يحمل شعارات النصر على داعش والإرهاب. لابد أن يتدارك تحالف الفتح أوضاعه ويلملم أوراقه، ويعيد بناء حساباته لغرض المشاركة الجادة في الحكومة، التي تساهم في بناء الدولة، وليس لترضية أشخاص تحوم حولهم شبهات الإرهاب والفساد، جعلت الشارع العراقي يشعر بالإستياء والذهول، ويتسائل عن تحالف الفتح، هل يريد بناء دولة العراق، أم الدولة الإسلامية !.