السيمر / الاحد 06 . 01 . 2019
اياد السماوي
لم يعد هنالك أحد يصدّق أكذوبة عدم وجود قواعد أمريكية في شمال وغرب العراق , والمشكلة الكبرى أنّ الحكومة العراقية ومؤسساتها الأمنية والاستخبارية لا تعلم عدد هذه القواعد وأماكنها خصوصا تلك التي تقع في الصحراء الغربية من العراق , ولا تعرف شيئا عن عدّة وعديد الجنود الأمريكيين الموجودين في هذه القواعد , كلّ شيء مبهم بالنسبة للحكومة والمخابرات العراقية , ولا أحد من العراقيين يستطيع الاقتراب من هذه القواعد أو يعرف شيئا عنها أو يعرف شيئا عن طبيعة أعمال ومهمات هذه القواعد , فأمريكا التي انسحبت من العراق نهاية عام 2011 تشعر أنّها ارتكبت خطأ ستراتيجيا جسيما قد عرّض مصالحها الستراتيجية وأمن حليفتها إسرائيل إلى الخطر , وما داعش إلا صنيعة صنعتها مخابرات أمريكا من أجل العودة إلى العراق مرّة أخرى تحت ذريعة حماية العراق ومحاربة الإرهاب , والإرهاب الذي تدّعي أمريكا بمحاربته هو إرهاب أمريكي الصنع والهوية , وهذه الحقيقة قد أكدّها الرئيس الأمريكي ترمب بنفسه خلال حملته الانتخابية وصرّح فيها مرارا أنّ داعش هي صنيعة جهاز المخابرات الأمريكية من أجل إزاحة نوري المالكي والعودة بالقوات الأمريكية إلى العراق مرة أخرى , ولهذا السبب تحديدا جيء بحيدر العبادي رئيسا للوزراء وطاقم يقوده عميل السي آي أيه نوفل أبو الشون من أجل تسهيل عودة القوات الأمريكية إلى العراق وبناء قواعد ثابتة لها في شمال وغرب العراق تكون منطلقا لقواتها لضرب أي أهداف في سوريا أو لبنان أو إيران . وقضية الوجود الأمريكي في العراق خصوصا بعد التصريحات الأخيرة التي ادلى بها ترمب خلال زيارته لقاعدة عين الاسد في أعياد الميلاد قبل أيام , والتي قال فيها سنجعل من العراق قاعدة للانطلاق إلى أهداف في سوريا وإيران , وأنّ الولايات المتحدة باقية في العراق ولن تنسحب منه , أصبحت قضية تهم الوجود والأمن القومي العراقي , والحقيقة أنّ الرئيس الأمريكي ترمب لم يكن أول مسؤول أمريكي يعلن عن عدم انسحاب القوات الأمريكية من العراق , فقد سبقه بذلك وزير الدفاع الأمريكي الأسبق آشتون كارتر , حيث صرّح في 4 ديسمبر 2016 ( انّ الولايات المتحدة الأمركية لن تنسحب من العراق نهائيا حتى ما بعد القضاء على داعش ) , فالوجود الأمريكي في العراق بالنسبة لأمريكا وإسرائيل قضية حياة أو موت , وهو أيضا قضية حياة أو موت ليس للعراق فحسب , بل هو كذلك بالنسبة لدول محور المقاومة والممانعة , فلا يمكن تحت أي غطاء أو مبرر أن تتواجد قوات وقواعد أمريكية في العراق لمحاربة إيران وسوريا وحزب الله في لبنان , والعراقيون الذين أخرجوا القوات الأمريكية عام 2011 سيخرجونها مرّة أخرى عاجلا أم آجلا ومهما بلغت التضحيات , وليس مقبولا من الحكومة العراقية الاستمرار بخداع العراقيين بعد وجود قواعد أمريكية في العراق , ولعمري لا أعرف ما الذي عناه دولة رئيس الوزراء بالقواعد الصرفة , وهل هنالك قواعد صرفة وأخرى غير صرفة , إنّ الوجود العسكري الأمريكي في العراق كمرض السرطان في الجسد ليس فيه سرطان قاتل وآخر غير قاتل .