السيمر / السبت 12 . 01 . 2019
واثق الجابري
إنقسمت القوى السياسية الى كتلتين رئيسيتين، بشكل غير معهود، في خطوة إيجابية متقدمة، للأطاحة بالمحاصصة، بإعتبارها منهج متخلف في إدارة السلطات، إلاّ أنها ما تزال تحمل كثير من جدليات الماضي القريب، من تخالفات وتحاصص، ومن تركاتها العالقة بشدة، أن الحكومة لم تكتمل منذ أشهر. تأخر اكتمال الحكومة يعود للخلافات السياسية، بين التحالفات الفاعلة، على الرغم أن سؤال الكتلة الأكبر أو الأغلبية سؤال لا أحد يستطيع الإجابة عليه، وهذا ما يدفعها للحوار أكثر للعبور لمرحلة آخرى، والإستمرار في بناء مواقف متوائمة، مع طبيعة نتاج الحراك بعد الإنتخابات، الذي شكل كتلتين رئيسين، بعيدة عن الأشكال الطائفية والقومية، التي كانت تبنى عليها الكتل في الدورات السابقة. رغم ان التحالفات مختلفة التركيب عن سابقتها، لكنها لم تنتج حكومة مختلفة.. وهذه التحالفات والتقاربات وإيجابيات توزيع الخرائط، لم تنجب أهداف سياسية من رؤية المجتمع، بل صارت وكأنها توافق من أجل تحقيق مشروع سياسي، ينأى بنفسه عن مرمى الإتهام بالتقصير، في مشهد مختلف فيه يتحالف الشيعة بفريقين، ويتوزع السنة على هذين الفريقين، وللكورد وضع خاص، لا يتعلق بحكومة المركز فحسب. ساد نوع من التفاؤل، عندما كسرت التحالفات طائفيتها وقوميتها، وبعدها ظهر أنها إتفاقات لم ترقى الى التحالف الرصين.. لكن تمأسس تحالف الإصلاح وبقاء البناء دون ملامح، يؤشر الى فقدان حلقة، ربما ستؤدي لإنتقال إيجابي يُعزز أسس المبنى الديموقراطي الرصين، ومع غياب الأغلبية أو ما يُسمى الكتلة الأكبر، لم يعد لرئيس الوزراء تلك الحرية المطلقة في تسمية وزراءه، وكأنه كاليتيم الذي يتعاطف معه جميع المحيطين لفظاً، ولا أحد يعطيه كما يعطي أبناءه إلاّ نادراً. إن الإعتراض على خطوات رئيس الوزراء، ومخالفة الإتفاقات السياسية بين الكتلتين الرئيسيتين، ولد اعتراضا ديموقراطيا، وآخر ذهب لتكهن الفوضوية أو السعي لها، وبذا أنتقل العراق من تقاسم السلطة الى توزيعها، ومن المحاصصة الطائفية الى التحاصص الحزبي، ومن تشكيل حكومة على أساس برنامج، الى حكومة ملبية لمصالح جهات حزبية أضيق. من الإنتخابات ولغاية اليوم، كسرت كثير من الأعراف التي إتخذتها القوى السياسية كقواعد وأن خالفت الدستور والرأي الشعبي، فرئيس الوزراء لم يُشارك في الإنتخابات وليس من حزب، وبعض الوزراء كذلك، ولو كانوا مشتركين لقلت فرص توزيرهم، ما يعني أن بعض القناعات تولدت لدى القوى السياسية بأن عملها السياسي معاب بشكل ما.. والشارع يراقب ومن مجمل ما يتحدثه الساسة عن تسقيط بعضهم، وسقط جميعهم في خانة الإتهام الشعبي، ما جعل القوى السياسية تبحث عن سبل للخروج من مأزق تحمل المسؤولية المباشرة، بتنصيب غيرها بشرط أن تكون داعمة لنجاحه. قبلت بعض القوى برئيس الوزراء على مضض لم تعلنه، وظهر من خلال التشكيك بالحكومة، أو وضع عراقيل بطريق إكتمالها، أو ترشيح شخصيات مشبوهة، ولذا وقف في منتصف طريق تميل الى مصالحها، وتترك حكومة تنقذها من المأزق، وبذا يبقى رئيس الحكومة كاليتيم.. متى ما نجح فكلهم يدّعون دعمه، وأن فشل، فمنهم من يمني نفسه بالتصدر، وآخر يذهب للتنصل.