الرئيسية / مقالات / وزارة الداخلية: الفياض… ظاهراً، ومقتدى: الإمامُ الأكبرُ والزعيمُ الأعلى… عمقاً… فتيقضوا يا أولي الألباب/ 2 !!!

وزارة الداخلية: الفياض… ظاهراً، ومقتدى: الإمامُ الأكبرُ والزعيمُ الأعلى… عمقاً… فتيقضوا يا أولي الألباب/ 2 !!!

الكاتب القدير الأستاذ محمد ضياء عيسى العقابي

السيمر / الجمعة 25 . 01 . 2019

محمد ضياء عيسى العقابي

وهكذا يتابع مقتدى مشروعَه الخاص به الذي “طوّره” بنفسه ولم يبح به لأحد لكن عمار الحكيم فطنَ للمشروع بوضوح لأن كليهما من نفس النمط الفكري والطموح العائلي(6) بإستغلال الدين وأراد مشاركته؛ ولكنني أعتقد أيضاً أن عمار يحاول أن يخفف من تهور مقتدى لأن عمار موالٍ للمرجعية وأكثر تعقلاً من مقتدى. كما فطنَ للمشروع بعضُ المثقفين النابهين من التيار الصدري فهجروه.

المشروع الذي “طوّره” مقتدى يقضي بحكم العراق، سياسياً، من قبل عوائل “مرموقة” مثل آل الصدر وآل الحكيم وآل بحر العلوم وآل برزان وآل النجيفي وعوائل “مرموقة” من الجبور وشمر والدليمية وغيرهم كثيرون.

 

وهكذا يحقق مقتدى طموحه المفرط بالتفاؤل والتبسيط. إنه يريد أن يكون القائد الديني والدنيوي للعراق “الإمام الأكبر والزعيم الأعلى” بالإستناد الى مؤهل بسيط  لا غير هو إستعداده لإشعال فتيل قتال شيعي – شيعي سبقت الإشارة إليه، وهناك من يصفق له في الخارج والمنطقة والداخل العراقي لأسباب واضحة.

أعتقد أيضاً أن مقتدى قد حصل على موافقة الأمريكان والبريطانيين والسعوديين على المشروع وربما كان الأخيرون أي السعوديون هم أصحاب الفكرة وعرّابيها. حصل السعوديون، بتقديري، على ضمان مقتدى وعدم تراجعه يوم توريطه بالحضور الى السعودية في وقت جرت فيه تسوية حيِّ العوامية الشيعي بالأرض ويوم شُددت فيه الغارات المدمرة على الشعب اليمني. هذا التوريط يحاكي تماماً ما فعله أردوغان بمسعود برزاني يوم إستدعاه الى أنقرة لإحتفالٍ ما، مرتدياً أحلى ملابسه الغربية لا الكردية. وضع أردوغان مسعود إلى يمينه في حفل جماهيري وبدأ “يغرّد” إذ شنّ، أردوغان، هجوماً عنيفاً على “بعض” أكراد تركيا واصفاً إياهم بالإرهابيين يتوجب إستئصالهم من الجذور. وأشار ماسكاً بيد مسعود ككردي غير إرهابي “سنتعاون معه لمكافحة الإرهابيين”!!. لقد مزق أردوغان كل إتفاقات التسوية مع حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان. كما وضع زعيمين برلمانيين لحزب الشعوب الديمقراطية الكردي التركي في السجن.

كان الموضوع كله مفتعلاً إذ أراد أردوغان إثارة العواطف واللعب على أوتار الشوفينية ضد الأكراد الأبرياء المطالبين بحقوقهم المشروعة، كما هم شيعة العوامية والحوثيون، لدفع الجماهير التركية الى تأييده في الإستفتاء على تعديل الدستور الى نظام رئاسي وليُنتخَب أردوغان رئيساً للجمهورية بصلاحيات واسعة جداً. ونجح التكتيكان الدمويان في الرياض وأنقرة للأسف.

لم ينقطع مقتدى، وشريكه عمار، عن عرقلة أعمال حكومة المالكي. فما أن تحرك الرجل خطوة واحدة بإتجاه تعزيز الديمقراطية حتى ينبري له مقتدى بالتشهير وإتهامه بكونه طائفياً وهي تهمة كان يرقص لها أوباما والإعلام الأمريكي والسعودي الخليجي والطغموي ويخصص لها ألف بوق وبوق.

لنتذكر عرقلتهم قانون البنى التحتية والمبادرة الزراعية والتعليمية ومحو الأمية وغيرها وقد طرحتها حكومة المالكي ورفضوا بعضها وعرقلوا الأخرى.

إنه مقتدى الذي ألصق تهمة “الفساد كاملاً” بأنصار الديمقراطية إذ رفع شعار “باسم الدين باكَونا الحرامية” ليُعِين الأبواقَ المتنوعة من أعداء الديمقراطية على الصراخ: “وشهد شاهد من أهلها”، وكأنّ الطغمويين وأمثالهم وذيولهم ليسوا فاسدين ولا يدفعهم هدفان من وراء نشر الفساد والإفساد وهما الإنتفاع الشخصي والتخريب المالي إستكمالاً لدورهم التخريبي في عموم الدولة المتمثل في تبديد الأموال في عدة مجالات ومن أهمها ما يجري في وزارة التجارة من إستيراد مواد غذائية فاسدة أو ما حرى أيام وزير التربية الأسبق، حينما كان يعطي مقاولي هدْم المدارس القديمة وبناء حديثة بدلها، 60% من كلفة العقد كسلفة مما شجعهم على القيام بهدم المدرسة والهرب الى خارج العراق ليبقى التلاميذ بلا حتى مدارسهم القديمة وهو تخريب مركب!!. تتراوح السلف في المقاولات إعتيادياً بين 10% الى 20%.  ما فعلته وزارة التربية يمثل إبداعاً في التخريب المتعمد وبالتواطؤ مع المقاولين.    

كل هذا، بتقديري، لا يستهدف المالكي شخصياً ولا حزبه والإئتلاف الذي يقوده  بل يستهدف ديمقراطية السيستاني التي يريدها مقتدى أن تفشل لتتدهور الأوضاع وينهار العراق فتستقر الكرة في حضنه كما يظنُّ، تماماً مثلما خطط لنفس الهدف الطغمويون يوم أشعلوا العراق بمفخخاتهم وعبواتهم وكواتمهم وغيرها ومازالوا.

ما عدتُ آخذ الأمورَ ببراءة بخصوص علاقة مقتدى بالأمريكيين خاصة بعد ما كشفه السيد سليم الحسني عن اجتماعِ مقتدى بمبعوث ترامب الى التحالف الدولي قبل إستقالته (برت ماكورك) وبالوزير السعودي ثامر السبهان (الذي سبق طردُه من العراق كسفير) في الكويت أيام تشكيل حكومة السيد عادل عبد المهدي ومن ثم تصريح ماكورك بعد الاجتماع “أما مقتدى الصدر وأما الفوضى”!!!. كما أخذتُ بالإعتبار ملاحظات السيد نجاح محمد علي حول الدور السلبي الذي يلعبه مقتدى.

أعتقد أن هذا قد شجع الأمريكيين على التدخل في شؤون تشكيل الحكومة العراقية بشكل وقح وراحوا يوجهون الضغوط والتهديدات والوعيد للنواب بهدف حملهم على التصويت لكتلة الإصلاح لجعلها الكتلة الأكبر.   

لذا فما عدتُ أصدّق أنَّ خطفَ عنصرين من عناصر السفارة الأمريكية من أحد شوارع بغداد من قبل عناصر صدرية ثم إطلاق سراحهما بعد يومين مع تهديد صدري رسمي بأنهم سيقتلون أي أمريكي يصادفونه في شوارع بغداد دون تعليق بكلمة واحدة لا من الخارجية الأمريكية ولا من السفارة في بغداد – ما عدتُ أصدق أن هذه أعمال عفوية. أعتقد الآن أنها أعمال كيدية حاكها مقتدى والأمريكيون من شأنها إرباك الوضع وللمزايدة لكسب السذج وإحراج حكومة المالكي والإستهانة بها أمام أنظار العراقيين والأمريكيين والعالم.

ولا أصدّق أنّ رفْعَ أتباعِ مقتدى و “حلفاءه” شعارَ “بغداد حرة حرة …. إيران بره بره” عفوياً أو بريئاً أو سفاهة أو مناكفة. كان رسالة للأمريكيين ذات مغزى هي الإصطفاف وراء الأمريكيين في المعركة الدائرة حول القضية الفلسطينية التي يحاول أن يموهها عملاء و”محبو” أمريكا فيسمّونها بـ “الصراع الإيراني السعودي” أو “الصراع الإيراني الأمريكي”. وسبقت تلك الرسالة رسالتان موجهتان للأمريكيين أيضاً وهما: لما إفتتح الشيخ الصدري إبراهيم الجابري خيمة الإعتصام قال “…هم يتمسكون بدستور بريمر بينما نحن نتمسك بدستور محمد وآل محمد”.  هذه إشارة الى أن مقتدى أبدى  إستعداده لإسقاط “دستور بريمر” الذي هو في الواقع كتبه العراقيون بالطريقة التي طلبها السيد السيستاني من الشهيد ديمللو ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بحضور مساعده الدكتور غسان سلامة ، وزير الثقافة اللبناني الأسبق وممثل الأمين العام في ليبيا حالياً. لقد أصر السيد علي السيستاني على كتابة دستور من قبل عراقيين منتَخَبين وهذا ما حصل حيث جرت اٌنتخابات عامة في شهر كانون الثاني عام 2005 وتشكلت حكومة الدكتور الجعفري وتشكلت لجنة برلمانية لكتابة الدستور برأسة الشيخ همام حمودي وأُضيف لهم أعضاء “سنة” (هم في الحقيقة طغمويون وليسوا سنة) لأنهم قاطعوا الانتخابات. وهكذا أُقر الدستور في إستفتاء جرى يوم  15/10/2005، وجرى تشكيل أول حكومة بموجب هذا الدستور في شهر كانون أول عام 2005 برآسة السيد نوري المالكي. فكيف أصبح هذا الدستور دستورَ بريمر يا شيخ إبراهيم الجابري؟ لاشك أن بعض حاملي الأجندات الخارجية كالإنفصاليين دسّوا في الدستور مواد ملغومة لقّنهم إياها الأمريكيون ولكن هذا لا ينفي الحقيقة بكونه دستوراً عراقياً صرفاً أصر السيد السيستاني على كتابته عراقياً.

الرسالة الثانية كانت عندما إستقبل قائد حرس المنطقة الخضراء الفريق محمد رضا – إستقبل مقتدى عند إقتحام المنطقة الخضراء وقبّل الفريق يدَ مقتدى أمام أنظار الجماهير وكاميرات الإعلام. الرسالة للأمريكيين تقرأ: القوات المسلحة معي، فتعاملوا معي.

بالطبع أنزل حيدر العبادي مقتدى وبعد العبادي أنزل هادي العامري أيضاً  مقتدى من الشجرة فطارت “نشعة” مقتدى لما تحدث الإثنان  الأول عصراً والآخر مساءً إذ قالا ما معناه: إن الدستور يضمن حق التظاهر والإعتصام ولكنه يمنع الإعتداء على المواطنين وممتلكات الدولة ورموز هيبتها… وإلا!!! علماً أن الصدريين وأتباعهم وذيولهم قد إعتدوا على الدكتور عمار طعمة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الفضيلة كما قاموا بالعبث بأثاث مجلس النواب. وربما لفعلوا أكثر لولا ثلة من الحشد الشعبي أرسلها العامري لحراسة العوائل.

كما أصبحتُ أصدّقُ ما قيل من أن الأمريكيين لم يقدِّموا مقتدى للعدالة تعمداَ يوم أشار إليه الكثيرون عن مسؤوليته بإستشهاد عبد المجيد الخوئي وبعض زملاءه داخل حضرة الإمام علي. كما إن أياد علاوي، رئيس الوزراء المعيَّن، إتهم مقتدى بإدارة معتقلات تحت الأرض في النجف جرى فيها تعذيب وقتل الكثيرين. لكن أياد لم يحرك ساكناً ربما بتأثير الأمريكيين. الأمريكيون بارعون في تشخيص فرص الإستثمار الناجحة ليس في الاقتصاد والمال وحسب بل في السياسة أيضاً!!!

إن كل هذا يعزّز ثقتي بما سبق أن كتبتُه تعقيباً على نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 7/3/2010. كتبتُ في حينه أنه قد أشغلَ الطغمويون ومن ورائهم الإعلام الرجعي العربي والأمريكيون أذهانَ الناس بأحقية أياد علاوي في الترشح لرئاسة الوزراء(7) ، وبتزوير(8) الانتخابات لهذا الطرف أو ذاك وذلك للتغطية على التلاعب الأكبر الذي جرى في تلك الانتخابات لصالح الصدريين على يد من أُشيع في حينه بكونها عميلة للإستخبارات الأمريكية السيدة (ميتشل) العاملة مع فريق الأمم المتحدة الذي أشرف على الانتخابات.

أقولها الآن إن ذلك التلاعب لصالح الصدريين لم يكن إعتباطاً. أثناء المفاوضات التي جرت لتشكيل الحكومة آنئذ صرح مقتدى بما يلي: “لو أن أياد علاوي يرشح أحد أقاربه كإبن عمه مثلاً بدل نفسه لأيدته لتولي رئاسة الوزارة”. بالطبع كان حقد الصدريين على أياد علاوي طافحاً حتى ذلك الحين بسبب دخوله النجف على رأس قوة عسكرية بدعم أمريكي لملاحقة الصدريين. لذا فان مقتدى لم يكن يجرؤ على إستفزاز مشاعر الواعين من قاعدته ولم يكن لديه الوقت الكافي لتبديل مشاعرهم نحو أياد.

أصبح شائعاً بين العراقيين أن كثيراً من أتباع مقتدى المتسمين بالشراسة هم من البعثيين السابقين. ولا أستبعد أن يكون هؤلاء قد دفعهم حزبهم للإنضمام الى مقتدى لأنه يوفر أرضاً خصبة للتخريب.

كان لي تشخيص مفاده أن الطغمويين مسؤولون عن الدمار الإرهابي الذي حل بالعراق قبل وبعد تأسيس النظام الديمقراطي، وأن الصدريين وقائدهم مقتدى مسؤولون عن منع التحالف الوطني من التصدي بحزم للطغمويين على كافة الصعد المادية والفكرية والسياسية والإجتماعية. غير أن تدهور أحوال مقتدى وأتباعه جعلني أقتنع بأن مقتدى يشكل ذراعاً ناعماً للطغمويين ولا مانع لديه من التحالف مع أشدهم كرهاً للديمقراطية، وقد تحالف مع الدكتور صالح المطلك البعثي مثلاً. أليس هو صالح المطلك الذي قال لسعدون محسن ضمد في فضائية (الحرة – عراق) / برنامج “حوار خاص” بتأريخ  18/12/2017 ما يلي بالحرف الواحد: “أفشلنا حكم الشيعة طيلة المدة الماضية وسنفشله أيضاً إذا لن يلغوا المادة الدستورية الخاصة بحضر حزب البعث”؟ ألم يقل المطلك عام 2006 بعد قيام أول حكومة منتخبة: سوف لا ندع الشيعة يهنئون بحكمهم؟  

لابد لي أن أذكر ملاحظة رصدتُها وأثارت إنتباهي. شرح الرئيس المالكي كيف تم إتخاذ قرار عدم منح القوات الأمريكية (16 ألفاً) الحصانة القضائية التي طلبها لهم الرئيس أوباما حسب مقتضيات القوانين الأمريكية التي تمنع إرسال جنود للخارج دون هكذا حصانة. إجتمع المالكي بممثلي الكتل لإتخاذ قرار بالموضوع. كانت المواقف كالتالي: كان مسعود البرزاني مع منح الحصانة . كان قصي السهيل (ممثل الصدريين وكان نائب رئيس مجلس النواب) ضد منح الحصانة. أما أياد علاوي وعادل عبد المهدي فقالا إن الموضوع يخص الحكومة فلتقدِّر الموقفَ وتتخذ القرار.

بعدئذ ترأَّسَ الدكتور السهيل لجنة تحقيقية هامة تخص النزاهة فإتخذ الموقف المبدئي الصحيح الذي أغضب الطغمويين.

لاحظتُ بعد ذلك أن الدكتور السهيل قد إختفى من المشهد السياسي وعلى ما أتذكر فإنه قد إستقال من موقعه في رئاسة مجلس النواب. سألتُ نفسي لماذا؟ ربطتُ الموضوع بموقفه من الوجود الأمريكي أو/ و لغضب الطغمويين من موقفه في التحقيق.

أخيراً ظهر الدكتور قصي وهو في إئتلاف دولة القانون وقد فاز في الانتخابات الأخيرة وأصبح وزيراً للتعليم العالي وسط معارضة مقتدى، كما هو الحال مع السيد الفياض، والأمران أرادهما مقتدى مناسبة لفرض نفسه “زعيماً أعلى” عبر الإبتزاز بإثارة قتال بيني ولكنه فشل.    

عودةً الى موضوع ترشيح السيد الفياض أقول إن العناد والإبتزاز من جانب مقتدى في رفض السماح لمجلس النواب بالتصويت لقبول أو رفض الفياض يُراد منه مؤكداً فرض الذات “زعيماً أعلى” لينطلق بعدئذ الى فرض نفسه “الإمام الأكبر” أي قلَبَ تسلسله القديم. ولضمان الديمومة لزعامته وحمايتها ربما أراد مقتدى إبقاء القوات الأمريكية حسب تخطيط ترامب وذلك عن طريق إبقاء العراق بلا حكومة مكتملة ولا موازنة والأزمات، الحقيقية والمفتعلة والكيدية تعج من كل جانب، وهذا يسبب إضعافاً وإرباكاً للعراق من شأنه أن يساعد ترامب على تحقيق ما أراد فرضه على العراقيين بالإكراه أي إيجاد قواعد عسكرية ثابتة للأمريكيين وتأكيد حريته في تحريك قواته للتدخل في سوريا من الأراضي العراقية وليسقط  نظام “دولة الفقيه”  الدكتاتوري!!! من الأراضي العراقية  أيضاً وبأموال النفط العراقي والشباب العراقي.

إن ممانعة العراقيين من تحقيق أماني ترامب والوقوف بوجهه قد أحرجته في أمريكا والمنطقة هنا، وأثارت لغطاً ولخبطة وصلت حد رفض أردوغان إستقبال مستشار الأمن القومي جون بولتن لأنه، ترامب، إفترض أن قراره المفاجئ بسحب قواته من سوريا سيعوّضُه بالركوب السريع على ظهور العراقيين ليأخذ نفطهم (مقابل تحريرهم!!) ويبعث شبابهم لقتال الإيرانيين أعداء القاعدة الأمريكية المتقدمة إسرائيل(9). وبذلك كان سيغلق أفواه المنتقدين للإنسحاب من سوريا منطلق إمبريالي. ولما لم يستطع ترامب إعتلاء الظهور العراقية بسرعة، وربما لا يستطيع أبداً وهو الإحتمال الأرجح، عاد وتذكر الأكراد السوريين ثانية وهم الذين نساهم يوم أسرع لركوب الظهور العراقية ولما أخفق عاد وهدّد ترامب أردوغان بتدمير إقتصاد تركيا إذا تحرشت بالأكراد. إنها المراوغة والضحك على الأكراد. وإذا تمكن ترامب من ركوب ظهور العراقيين فسوف ينسى تهديداته لتركيا كي لا يدعها تقترب من روسيا وإيران والضحية هم الأكراد ثانية وثالثة ورابعة.

لذا، فهناك من إنبرى لنجدة ترامب أي تمكينه من ركوب ظهور العراقيين بحجج عجيبة سنتطرق اليها في مقال آخر!! وستبقى حكومتنا غير مكتملة إذا لن ينبري أولو الألباب لتوجيه الضغوط المناسبة على مقتدى لوضع حد لإبتزازه والكف عن المغامرة بأرواح المواطنين وسيادة وإستقلال العراق.

أدعو كل نائب شريف في مجلس النواب العراقي أن يعي خطورة الموقف ويتخذ القرار الوطني الشجاع الصحيح والدفع بإتجاه إخراج جميع القوات الأجنبية من العراق حماية للعراق والعرب والمسلمين والعالم الثالث عموماً.

إن الرئيس ترامب لا يخفي إحتقاره للقادة العراقيين والنواب بضمنهم وربما على رأسهم حيث أنكر وجود عراق بقولته الشهيرة: “عررراق ……؟!! لا يوجد عراق !! هناك فئات متقاتلة وحكومة حرامية..” ودعا الى الإستحواذ على نفط العراق لمحاربة الإرهاب؛ علماً أن مفهوم ترامب للإرهاب هي إيران التي ساعدتنا ضد داعش وتقف مع الشعب الفلسطيني ضد الإرهاب الصهيوني الذي دعمته وتدعمه أمريكا بما جعلت إسرائيل أقوى تسلحاً من كافة الدول العربية مجتمعة.    

وأخيراً أنصح السيد عادل عبد المهدي بتكليف عدد محدود جداً من الأمنيين المحترفين والمؤمنين حقاً بالديمقراطية والنظام الديمقراطي العراقي لوضع خطة أمنية في غاية السرية تأهباً لقمع أي تمرد مسلح قد يشعله مقتدى. التخطيط المسبق الهادئ يقلل الخسائر البشرية والمادية وينهي التمرد بأقصر وقت. وإلا فإن الشعب والتأريخ سوف لا يرحمان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(6): يحضرني في هذا الصدد ما شرحه بإسهاب قبل عدة سنوات السيد غالب الشابندر في فضائية (الحرة – عراق) برنامج (7 أيام) عن تنافس محموم للعوائل النجفية البارزة بشأن الزعامة الدينية والدنيوية.

(7): ولو أنّ موضوع أحقية تكليف أياد علاوي بتشكيل الوزارة من عدمه عام 2010 بعيدٌ عن موضوع المقال وسبق لي أن أوضحته عدة مرات لكنني أريد توضيحه لأنني لاحظت أن هناك تشويهٌ متعمدٌ و/أو جهلاً يُقصد منه الطعن بالديمقراطية العراقية. صادفتُ عدداً من سواق التاكسي في بغداد (أثناء زيارتي القصيرة) صدريين ومنهم واحد كان ضابطاً عسكرياً متقاعداً لكنه بعثي، وقبل أشهر قليلة مضت طرح الدكتور نديم الجابري، أستاذ العلوم السياسية، في إحدى الفضائيات طرحاً كأولئك الآخرين وكان طرحهم كالأتي: لولا إنحياز القضاء نحو المالكي لأصبح أياد علاوي رئيساً للوزراء. الحقيقة هي أن القضاء أفتى بتكليف مرشح الكتلة الأكبر لمحاولة تشكيل الوزارة وذلك تفسيراً للمادة (76) من الدستور. وهذا أمر طبيعي بالنسبة لمن لديه إطلاع على التحالفات المتنوعة كالجبهات الوطنية.

وحتى لو كَلّفَ، إفتراضاً، المرحوم الرئيس الطالباني أياد علاوي لمحاولة تشكيل الحكومة فكان سيفشل بعد دورانه على الكتل لمدة شهر دون جدوى. السبب: الشيعة ضد علاوي بضمنهم الصدريون خوفاً من الجماهير؛ الكرد كانوا سيقفون مع المالكي فالإتحاد الوطني ينطلق من منطلق وطني مبدئي أما البرزانيون فكانوا يعرفون أن تأييدهم للمالكي مازال أنفع لهم. وهكذا كان سيعود السيد أياد بعد شهر الى الرئيس الطالباني معتذراً فيتم تكليف مرشح الكتلة التالية وهكذا.

(8): هناك دلائل كثيرة تشير الى تزوير الانتخابات بحدود (7%) وهي نسبة مقبولة لنجاح الانتخابات حسب المعايير الدولية. قال المرحوم أحمد الجلبي وهو الخبير في النظم الحاسوبية ويُشهد له بأتمتة النظام المصرفي الأردني بكفاءة – قال إنه قابل المسؤولين الأجانب في المركز الرئيس للعد والفرز وقد كانوا يتنرفزون من أسئلته. أما الفنيون العراقيون ذوو العلاقة بالموضوع فقد كانوا يرتجفون أمامه.
 
(9): نُقل عن السيد جو بايدن نائب الرئيس السابق أوباما قولُه: “لو لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها”. وُصفت إسرائيل أيضاً بحاملة طائرات أمريكية ثابتة.

اترك تعليقاً