السيمر / الاحد 27 . 01 . 2019
حسام عبد الحسين
يهيء لنا التاريخ، فرصة لفهم ماهية فكرة أن البقاء للأذكى وكيف كانت السيطرة للاقوى…فسطوره تنهال لكشف صراعات عظمى من أجل المصالح والنفوذ. اليوم يشتد صراع الروابط بين الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها من جهة، وبين وروسيا والصين ومن يحسب على محورها من جهة اخرى.. فقد كشفت تصريحات في عدة محافل من كلمات معلنة؛ بأن الشركات الرأسمالية يجب ان تحصل على حصة الاسد من إعمار العراق وغيره، ولا تسمح للشركات المناوئة، فكلتا الجبهتين تصرح بأنها قدمت الدعم للعراق وغيره، ويجب ان تحصل على ثمن ذلك الدعم. ما يلوح اليوم هو دق طبول الحرب، لكنها ليست حربا مباشرة وانما بالوكالة، لان امريكا غير قادرة على شن حرب مباشرة على إيران المستندة على دعم الصين وروسيا، وقوتها الاقليمية وامور اخرى..ككبر جبهة المواجهة العسكرية التي تمتد من لبنان ومرورا بسوريا والعراق ووصولا لليمن، لتنتهي في ايران التي تضم افغانستان ايضا. قيام إدارة ترامب وحسب تسريبات وتقارير إعلامية بتكليف البنتاغون بوضع خطة عسكرية لضرب ايران، هو ليس أكثر من جزء من حملة اعلامية وسياسية لتخويف ايران وحلفائها اكثر منها استعدادات عسكرية لشن حرب فعلية. الغاية من هذه الحرب لامرين؛ أولها أن امريكا بحاجة لحرب لوقف انحدار مكانتها والابقاء على عالم القطب الواحد. ثانيها ان المعطيات الاقتصادية بينت أن الناتج القومي الامريكي يبلغ 16 ترليون دولار بنسبة نمو سنوي بين 13%، بينما يبلغ الناتج القومي الصيني 12 ترليون دولار بنسبة نمو 6% سنويا، وبالتالي ستتخلف امريكا على المدى القريب ويتراجع تفوقها الاقتصادي بشكل حتمي، وهي تخسر كل يوم اسواق جديدة لصالح الاقطاب الدولية الجديدة والتي تترجم على شكل مناطق نفوذ وحلفاء. الجماهير في العراق وايران والمنطقة ليس لها اية مصالح في هذه الحرب، بل على العكس تماما، فأن الحرب وفرض اجوائها، يحتم فرض التراجع الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وكذلك يؤثر على الاحتجاجات الشعبية في ايران والعراق، وستمنح الذرائع على طبق من ذهب للحكام لفرض سياسات قمع الحريات والاستغلال الطبقي والفكري واهمال مطالب الشعوب العادلة. لا يمكن تقبل ان يستمر العراق ساحة لتصفية الحسابات، والمسؤولية ملقاة على عاتق الجميع من المؤسسات الدينية والاعلام بمختلف فعالياته، والنقابات والمنظمات، لفضح آلية كل السياسات والدعايات والشعارات والعناوين التي تسوق الان، لإعطاء الشرعية لأطراف الصراع المذكور، إن كان لهم حرص او كان عملهم من اجل انقاذ الشعوب والانسان. الجماهير نفسها تقرر مصيرها، ولا احد يدافع عنها دون مقايضة لنفسه، فيجب عليها مواجهة هذه السياسيات في جميع الاتجاهات للدفاع عن سلامة امنها، وفصل نفسها عن كل أجندة خارجية بشكل مطلق.