السيمر / الاثنين 28 . 01 . 2019
هادي جلو مرعي
العراق بين نارين
نار قطر التي يتهمها العراقيون كما جارتها السعودية أنها زرعت آلاف المفخخات في شوارع المدن العراقية, وحصدت ارواح عشرات آلاف العراقيين, وتقود عملية تطبيع مع إسرائيل بتوجيه صهيوني، والتي دعمت المنظمات الإسلامية الإرهابية في سوريا ومصر وليبيا واليمن والعراق. ونار السعودية التي تحاول مغازلة العراق، وإبعاده عن إيران، وتمثل محور المصالح الأمريكية في المنطقة. السعودية ينشط فيها مذهب محمد بن عبد الوهاب الذي يكفر الشيعة، ولكنه تحت الضغط الرسمي من الأمير محمد بن سلمان. الحملة الإعلامية المتصاعدة بين الرياض وطهران، والصراع المكشوف سحب معه حكومات ومنظمات وشعوب لتؤيد هذه العاصمة وتعادي الثانية. سجل السعودية وقطر مفتوح في ذاكرة العراقيين منذ ثمانينيات القرن الماضي حيث وقفت دول الخليج مساندة لنظام صدام في الحرب على إيران، وفي تسعينيات القرن الماضي حين تحول صدام الى الرجل الشرير بعد غزوه للكويت.لكن دول الخليج أصدرت قرار إعدام صدام حسين ومعه العراق بالتوافق مع واشنطن عام 2003 ومع تلك التحولات تغيرت معادلات، وتبدلت مواقف، ولم تعد الأمور كما كانت. قطر اليوم حليف مؤقت لإيران، فالإخوان المسلمين الذين يوجهون البوصلة القطرية على علاقة طيبة مع طهران، وأغلب الحركات الإخوانية في مصر وتونس وسوريا والأردن وفلسطين والعراق وسواها من دول لايحبذون معاداة إيران التي تدعمهم في مواجهة الأنظمة العربية واسرائيل، كما إن الربيع العربي الفاشل قارب كثيرا بين تلك الحركات وقطر وتركيا من جهة وإيران الشيعية من جهة أخرى. السعودية ومصر والإمارات والبحرين والأردن تمضي في إتجاه آخر.وبرغم أن الدوحة والرياض عاصمتان متحالفتان مع واشنطن، ولديهما توجه نحو علاقات إيجابية مع إسرائيل لكنهما ينحيان منحى آخر في صراعهما الإقليمي، فقطر تتحول الى الحضن التركي الإيراني نكاية بالسعودية، ولكنها لاتفارق واشنطن مايعني أن هناك تطورات قد لاتهتم بها أمريكا في منطقتنا، ولكنها تطورات خطرة للغاية لأنها تمثل حربا اهلية في الإقليم. العراق الذي تريده إيران ضمن محورها، بينما تسحبه السعودية الى محورها يبدو محبطا مترددا، وكأنه ينقسم الى قسمين. الأول حكومي قريب من واشنطن والرياض. والثاني حشدي قريب من طهران، وربما قطر. وهناك نية أمريكية لفصل الحشد عن النظام الرسمي العراقي بوصفه عدوا، بينما الحكومة متفاهمة مع واشنطن.. في النهاية هناك ثمن سيدفعه العراق.