الرئيسية / مقالات / المساعدات الإنسانية.. الوجه الآخر للاستدمار

المساعدات الإنسانية.. الوجه الآخر للاستدمار

السيمر / الأربعاء 13 . 02 . 2019

معمر حبار / الجزائر

سبق لصاحب الأسطر أن كتب مقال يتحدّث عبره عن بعض مظاهر قوّة فنزويلا[1]، واليوم يواصل ذكر  مظاهر أخرى ميّزت فنزويلا، ومنها رفضها دخول المساعدات الأمريكية إلى أرض فنزويلا. ومما يجب ذكره في هذا المقام، أنّ:

تابعت خلال هذا الأسبوع الفضائية الأمريكية CNN، وهي تعرض صور الفنزويليين وهم يتدافعون عبر طوابير طويلة من أجل كأس حليب، وصحن رغيف. وهي نفس الصورة التي مارسها الإعلام الغربي، وبعض الإعلام العربي، والأعجمي، وهم يختارون الصوّر بدقّة ليظهروا إخواننا اللّيبيين، والسّوريين، واليمنيين، والعراقيين، حفظهم الله ورعاهم، على أنّهم في أسوء حال، ليتم بعدها حرق أوطانهم، ونسفها، وتدميرها، وهو ماحدث فعلا.

فلسطين العزيزة على النفوس، ضاعت بسبب ما يسمونه المساعدات الإنسانية، وقد كبّلت إخواننا الفلسطينيي حفظهم الله ورعاهم، ومنعت عنهم الحركة والدفاع.

بعض الدول تستعمل المساعدات الإنسانية لأغراض سياسية، ولتحقيق أهدافها، وتكون خطيرة جدّا حين تكون المساعدات لحرق الدول، ونسف الحضارة، وتدمير المجتمعات، كما حدث في ليبيا، وسورية، واليمن، والعراق.

أحسنت فنزويلا حين رفضت ماتسميه الولايات المتحدّة الأمريكية بالمساعدات الإنسانية، لأنّها تدرك جيّدا أنّ الغاية ليست المساعدات بحدّ ذاتها، لأنّ المساعدات الإنسانية لا ترفض لذاتها، وهي عرف متعارف عليه بين الدول حتّى في حالات قطع العلاقات الدبلوماسية.

لا يمكن لفنزويلا أن تقبل مساعدات الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي تفرض عليها حصارا متعدّدا ومن كلّ الجهات، وحرّضت الشاّرع، ونصّبت رئيسا منافسا للرئيس المنتخب، بغضّ النظر عن طريقة الانتخابات التي تبقى من شؤون الفنزويليين الداخلية.

يبدو لي أنّ الرئيس المنصّب خوان غايدو، والمعترف به رئيسا مؤقتا لفنزويلا من طرف الدول الغربية، وبعض دول أمريكا اللاّتينية، أخطأ حين بدأ مشواره السياسي بطلب المساعدات الانسانية من الولايات المتحدة الأمريكة، وكان عليه أن يطالب مواطنيه الفنزويليين بمضاعفة الجهد لتجاوز الأزمة الغذائية إن كانت هناك أزمة اقتصادية، والسعي لتصحيح الأخطاء التي وقعت فيها فنزويلا، وإيجاد البدائل الفاعلة التي تساهم في تحسين الوضع الفنزويلي، عوض المطالبة بالمساعدات الإنسانية في أوّل صدام، وأوّل خلاف، والتي ستكون عواقبها وخيمة كما كانت على الدول التي ذكرناها، والتي ترضاها.

أضيف الآن مظهرا آخر من مظاهر عظمة فنزويلا، وأقول: دلّني على دولة عربية واحدة، ودولة غربية واحدة، وتركيا، وإيران، كيف سيكون تعاملهم مع مواطن يعلن علانية أنّه الرئيس الشرعي عوض الرئيس الشرعي المنتخب. وأترك القارىء يتخيّل ردّة فعل كلّ دولة بما يراه ويلمسه، لكن فنزويلا لم تعتقل الرئيس الذي نافس الرئيس، ولم تقتله، ولم تحاكمه لحدّ الآن، ولم تعلن حالة الطوارىء رغم أنّ الوضع في غاية السّوء. وبالتعبير العربي فإنّ خوان غايدو خرج عن ولي الأمر، ونصّب نفسه بدعم من الغرب ولي الأمر خلفا لولي الأمر الشرعي، ورغم ذلك لم يمس بأدنى خذش، وبقي معافى في جسده، آمنا في أهله و ولده، وسالما في ملكه، ومطمئنا على ثروته، وأصحابه، وهذه تضاف لقوّة وعظمة فنزويلا.

 

 

[1] مقالنا: ” فنزويلا العظيمة”، وبتاريخ: الثلاثاء 30جمادى الأوّل 1440 هـ الموافق لـ 5 فيفري 2019

اترك تعليقاً