السيمر / فيينا / الاحد 02 . 06 . 2019
عباس البخاتي
يحرص الأستاذ “محمد ” على متابعة الشأن السياسي وتفاصيل الحدث الراهن في المنطقة والعالم. هذا الأستاذ يمتلك أسلوباً هادئاً في حواراته الهادفة، ويختار ألفاظه بدقة بغية إيصال فكرته للآخرين بغض النظرعن مستوى “ادراكهم” ويحرص على إيراد الأدلة التي من خلالها يثبت صحة رأيه. إحدى الندوات كانت حول رؤية الحكومة العراقية تجاه الانفتاح على المحيط العربي والإقليمي، ومسؤليتها في إيصال رسالة إلى العمق العربي مفادها :أن التجربة العراقية الجديدة لا تشكل هاجساً لدول الجوار، وهي بحاجة إلى الدعم والاسناد، وتم التطرق إلى مسؤلية الدول العربية تجاه العراق الذي يتعرض لهجمة إرهابية. كانت الألفاظ والمفردات تعكس ثقافة الرجل، وتنم عن خلقه العالي وتربيته الصحيحة وادراكه للواقع ومعرفته بما ستؤول إليه الأمور، أن تم العمل وفق البناءات الخاطئة، التي طالما حذر منها كثير من الشخصيات المتصدية للشأن العام. بينما الكل مستمع له بإنصات والوجوه تعلوها الدهشة، جراء ما كشفه من الحقائق التي كان الأعم الأغلب يتعامل معها بلا مبالاة. قاطعه أحد الحضور، والذي تبدو عليه سيماء المترفين، لكن مداخلته تفند كل التوقعات التي تذهب إلى كياسته وتضعه في خانة أهل المعرفة والكياسة، حيث كان سؤاله يتعلق بكيفية قدرة الحكومة على إتمام الخطوات التي أشار إليها الباحث وهي قامت هذا الشهر بتوزيع ” العدس الما يستوي” اجابه الأستاذ: أخي الكريم وفق ثقافة ” العدس الما يستوي” يبدو أن أغلب الناس لا يعلم لمَ سعر البدلة الإيطالية تجاوز الثلثمائة دولار “300$”_لأنها مناسبة للبشر ولغيرهم! بطبيعة الحال مرت تلك الإجابة على أسماع أغلب الحضور مرور الكرام، لا بل اعترض أحدهم عن العلاقة بين سعر البدلة ونوعية العدس؟ يبدو أن أغلب مثقفي المرحلة الراهنة قد تسربلوا جلباب ثقافة العدس، فذهبوا بعيدا في تشخيص المشاكل التي تواجه البلد، كما شرقوا وغربوا في وضع الحلول المناسبة لتذليلها. من المؤسف أن تقرأ لمن يحسب نفسه على أهل الفهم والدراية آراءً كتبت بلغة هابطة تنم عن سطحية التفكبر وضحالة الفهم وضيق الأفق المعرفي، لدرجة أصبح لسان حال الشارع الثقافي ” ضاع أبتر بين البتران” والمعضلة تكمن في صعوبة التمييز بين النخبوي وغيره، بعد أن إرتدى كلاهما نفس البدلة الإيطالية التي أشار إليها الأستاذ محمد في جوابه عن سؤال ذاك الذي سبب له تأخر العدس أرقاً نكد عليه عيشه! إن إختلاف المقاييس والإفراط في إستغلال الحرية وتحويلها إلى فوضى جعل من الصعب التمييز بين “الثور والدكتور” بعد وفرت التكنلوجيا لكليهما خدماتها الجليلة. أخذ إعلان الحكومة عن نيتها توزيع مادة العدس ضمن الحصة التموينية مديات واسعة من السخرية والتندر الى درجة وجد البعض بذلك طريقا سهلة للأنتقاص من كل المنجزات التي حصلت بعد طرد داعش خصوصا اولئك الذين يحملون الضغينة للعملية السياسية برمتها . هذا الامر يحتم على الحكومة بجميع وزارتها ضبط ايقاعها الاعلامي من قبيل توقيت التصريحات وطريقة اعلانها عن اي مبادرة، مع اعطاء الأهمية للأمور المهمة بغية الاعلان عنها ولا داعي للاعلان عن الاشياء التي لا اهمية لها ضمن إهتمامات الناس.