السيمر / فيينا / الخميس 01 . 07 . 2019
في إجراء جديد لتخفيف الأعباء الاقتصادية، قررت إيران، اليوم الأربعاء، حذف 4 أصفار من عملتها الوطنية الريال، “وتغير مسماه إلى “تومان.
هذا الإجراء يقود بحسب طهران إلى الحفاظ على فاعلية العملة الوطنية وخفض تكاليف طبع الأوراق النقدية والحد من مشكلة الأعداد الضخمة في التبادل اليومي، وأعباء عد العملة والمسكوكات النقدية وحمل المبالغ الكبيرة منها”.
وسترسل الحكومة الإيرانية مشروع القرار إلى البرلمان لإقراره، بحيث تصبح كل 10 آلاف ريال تومانا واحدا، ويبقى التعامل بالريال بين البنوك فقط. وتلجأ الحكومات إلى حذف أصفار عندما تفقد عملتها القوة الشرائية، ويكون ذلك بديلاً عن إصدار فئات كبيرة من العملة.
وفيما أكد خبراء فاعلية هذه الخطوة في تحسين الوضع الاقتصادي المتردي للدول، أشاروا إلى أن هناك خطورة كبيرة إذا لم تصاحبها خطة اقتصادية مدروسة.
قرار إيراني
وافقت الحكومة الإيرانية خلال جلستها، اليوم الأربعاء، على مقترح يقضي بحذف 4 أصفار من العملة الوطنية الريال وتغير مسماه إلى “تومان”، حسبما أفادت وكالة “فارس” للأنباء.
وقالت الوكالة إن هذا المقترح يهدف “للحفاظ على فاعلية العملة الوطنية وتسهيل وتحديث أدوات المدفوعات النقدية في التعاملات المحلية، بجانب خفض تكاليف طبع الأوراق النقدية والحد من مشكلة الأعداد الضخمة في التبادل اليومي، وأعباء عد العملة والمسكوكات النقدية وحمل المبالغ الكبيرة منها”.
وأشارت وكالة “مهر” الإيرانية للأنباء إلى أن عبد الناصر همتي رئيس البنك المركزي، سيقدم معلومات أكثر عن القرار في وقت لاحق.
ويسعى البنك المركزي الإيراني منذ فترة إلى سحب 4 أصفار من العملة الوطنية في محاولة للحد من تدفق السيولة المتزايد، ومساعدة الريال على استعادة جزء من قيمته المفقودة، بسبب العقوبات الأمريكية والتضخم الذي تعانيه البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية.
والحذف هو بديل إصدار فئات ورقية كبيرة، فحذف الأصفار يضخم من حجم أكبر فئة دون الحاجة لإصدار أى فئات جديدة، وبالتالى توفر الدولة تكاليف الطبع والصك لتلك الفئات الجديدة، والتى تقدر بملايين الدولارات، فمثلا، بدلا من إصدار فئة ورقية بقيمة 10000 ريال يكفي حذف صفر من العملة فتصبح فئة 1000 ريال الحالية تعادل قيمة هذه الورقة الجديدة.
ماذا تعني هذه الخطوة؟
الدكتور عماد عكوش، خبير مالي واقتصادي لبناني، مهتم بالشأن الإيراني، قال إن “هناك طريقتين لمسألة التعديل على العملة، وهما إما شطب الأصفار، أو تغيير العملة، وغالبًا الدول التي تقوم بتغيير العملة تصاحبها شطب الأصفار”.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن
“شطب إيران للأصفار ليست تجربة جديدة، فهناك العديد من الدول التي أقدمت على فعل ذلك، منها تركيا في 2005 قامت بشطب 6 أصفار، والجزائر في 2016، وفنزويلا، حتى إيران نفسها قامت بخطوة مماثلة عام 2017”.
وأكد الخبير الاقتصادي أن “الهدف الأساسي من شطب الأصفار مواجهة التضخم الكبير الذي يواجه العملة، ويتخلله الكثير من الأهداف الثانوية، أهمها تسهيل عمليات البيع والشراء، خصوصا فيما يتعلق بكتابة الأسعار على المنتجات في الأسواق”.
وتابع “كما تهدف هذه الخطوة إلى تخفيف عملية حمل كميات كبيرة من الأموال، حيث إن الدولار بالعملة الإيرانية 42 ألف، ما يدفع الناس لحمل كميات كبيرة من الأموال لقضاء حاجتهم اليومية، كما تقلل من عمليات وتكاليف طباعة كل هذا الكم من العملات”.
مميزات اقتصادية
وعلى مستوى المواطنين، أكد عكوش أن “خطوة شطب الأصفار تعطي دفعة نفسية للمواطنين، حيث يشعر بارتفاع قيمة عملته مقابل العملات الأخرى”.
وأشار إلى أن
“حذف الأصفار يعمل على تبديل العملة بأخرى جديدة، ما يتيح فرصة القضاء على عمليات اكتناز الأموال، سواء في البيوت أو من قبل عصابات المافيا، أو المضاربين بالأسوق، إضافة إلى القضاء على تزوير العملة، فالدول التي تعرضت عملتها لعمليات كبيرة من التزوير تلجأ إلى تغييرها”.
وبشأن تأثير هذه الخطوة دوليًا، قال الخبير الاقتصادي، إن “حذف الأصفار تجعل العملة قوية حين مقارنتها بالعملات الأخرى، وتسهل الحصول على الائتمان الدولي، وتصبح قوية تجاه المجتمع الدولي، وتزيد في فرص الحصول على ائتمانات وتسهيلات وقروض دولية”.
مخاطر التغيير
وفيما يخص الأضرار التي قد تنجم عن هذه الخطوة، أضاف عكوش: “يمكن أن يحدث أضرار اقتصادية عديدة إذا لم تكن عمليات التغيير مصاحبة لخطة اقتصادية قوية وواضحة”.
وتابع: “من المفترض أن أي دولة تلجأ إلى تغيير عملتها تكون مستندة إلى خطة اقتصادية، كما فعلت تركيا في عام 2005، عندما قامت بحذف 6 أصفار كانت هناك خطة واضحة، وتحسن في الوضع الاقتصادي”.
ومضى قائلًا: “بغير هذه الخطة، تحدث ردة فعل سلبية تجاه العملة الجديد، ما يدفعها إلى خسارة قيمتها مجددًا”.
العقوبات الاقتصادية
من جانبه قال محمد محسن أبوالنور، ئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، إن “العملة الرسمية في إيران هي الريال، لكن لا يتم التعامل به، بل بالتومان، والذي يساوي 100 ريال”.
وأضاف في تصريحات صحفية ، أن “العملة الإيرانية متدهورة جدًا، والسعر الرسمي لصرف الدولار والمحدد بـ 42 ألف ريال غير واقعي، حيث يصل سعر صرفه في السوق السوداء إلى 140 ألف ريال، ما يعادل 14 ألف تومان”.
وتابع “إيران أقرت حذف 4 أصفار لأنها تعلم ذلك، وهي تريد أن تحد من الإنفاق على طبع الأوراق المالية، فالعملة الجديدة ستوفر كثيرًا في عمليات الطبع”.
ومضى قائلًا “أي تغيير في العملة، يعني إلغاء العملة القديمة والبحث عن العملة الجديدة، وترى الدول التي تقوم بذلك إنها تحسن كثيرًا في الاقتصاد، كما حدث مع تركيا”.
وأنهى حديثه قائلًا: “فيما يتعلق بإيران، لن تؤت هذه الإجراءات ثمارها الاقتصادية، بسبب العقوبات والأزمات الاقتصادية المتلاحقة”.
وقال رئيس مكتب رئاسة الجمهورية الإيرانية محمود واعظي، في تصريح نقله التلفزيون الإيراني: “تم إقرار حذف أربع أصفار من العملة الوطنية في البلاد وسوف يتم تبديل العملة الوطنية من الريال إلى التومان لأن التومان هو الرائج في التبادلات الداخلية”.
وأوضح واعظي، أن “رئيس البنك المركزي سيقوم بتقديم معلومات أكثر عن الموضوع يوم الأحد القادم”.
الجدير بالذكر أن السعر الرسمي للدولار الأمريكي يساوي 42000 ريال إيراني.
وهبطت صادرات إيران من النفط الخام إلى نحو 100 ألف برميل يومياً في يوليو/تموز، نظراً للعقوبات وتصاعد التوترات مع الولايات المتحدة وبريطانيا، حسبما ذكر مصدر في قطاع النفط وبيانات الناقلات لوكالة “رويترز” للأنباء، لتتعمق خسائر الإمدادات العالمية.
وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران في نوفمبر/ تشرين الثاني، بعدما انسحبت من اتفاق 2015 النووي بين طهران والقوى العالمية الست.
وبهدف خفض مبيعات إيران النفطية إلى الصفر، أنهت واشنطن في مايو/ أيار إعفاءات من العقوبات كانت تمنحها لمستوردين للخام الإيراني.
المصدر / اسرار ميديا