السيمر / فيينا / الاثنين 12 . 08 . 2019
محمد حسن الساعدي
لقد لعبت التيارات الإسلامية دوراً مهماً في حياة الشعوب ومما لاشك فيه أن التيار الإسلامي من أقدم المدارس السياسية والمذاهب الإيديولوجية في منطقتنا وفي الحديث عن الإسلاميين والحكم، فإننا لابد أن نتذكر التعاليم والمبادئ الإسلامية العظيمة التي أكد عليه الإسلام الحنيف ووضع له القواعد والأسس في قيادة الدولة، فالحاكم الإسلامي ليس كغيره من الحكام، بمعنى لابد أنه يكون مقيَّدا بتلك التعاليم كونه ينضوي تحت عنوانها وجوهرها، وبخلاف ذلك فإن صلته بالإسلام ستكون شكلية وسطحية ويمكن أن يطلق عليها علاقة غير جوهرية، لأن أي تضاد بين فعل الحاكم الإسلامي وبين التعاليم الإسلامية سيسحب منه الغطاء الشرعي الذي يستمده من انتمائه للإسلام وتبنيه لتعاليمه ومبادئه.
ولقد عانت المجتمعات الإسلامية كثيرا من الازدواجية بين الادّعاء والتطبيق من الحاكم أو ما يسمى بالإسلامي ، ليس فيما يخص الإسلاميين فحسب، بل معظم الحكومات وقادتها حتى العلمانية أو غيرها، إذ غالبا ما كانت تدّعي أن مجيئها هو من اجل حرية الإنسان ولكنها عندما تباشر عملها القيادي السياسي على الأرض سرعان ما تتحول إلى حكومة مصلحيه ذات نوازع فردية شريرة تتجاوز على حقوق المجتمع وتقوده وفقا لما يحقق مصالحها ورغباتها.
فالتأريخ القريب والبعيد يشيران في كثير من المحطات إلى التجارب المريرة التي مرت بها المجتمعات الإسلامية في علاقاتها مع حكوماتها التي تعاقبت عليها، ولعل هذا الأمر ليس وليد العهد، حيث تعقّدت العلاقة بين الحاكم والمحكوم في المجتمعات الإسلامية منذ أن غادر القادة الإسلاميون العظماء عالمنا، حيث بدأت سلسلة من التراجعات الخطيرة في المجال السياسي وصل فيها الحال إلى أسوأ ما يمكن أن يصل إليه الإنسان، فمع توافر جميع العناصر المطلوبة لبناء المجتمع المتطور كالثروات والقدرات البشرية وما شابه لكننا نشهد تراجعا مؤسفا وربما مخيفا في العلاقة بين الحاكم والمحكوم في مجتمعاتنا الإسلامية.
لذا ليس من المناسب للحاكم الإسلامي أن يدّعي الإسلام والتزامه بتعاليمه الإنسانية الراقية ما لم يتمكن من تحقيق جوهر هذه التعاليم للمجتمع، وفي حالة عجز مثل هذه الحاكم عن القيام بدوره وفقا لادّعائه، فلابد أن يكون ثمة خلل في دينه وتدينه والتزامه، فمن غير المعقول أن يكون الحاكم الإسلامي المؤمن حقيقة بالإسلام عرضة لإغراء السلطة وامتيازاتها فينسى واجباته الرسمية والشرعية تجاه المجتمع ويهتم بذاته ومعيته ومصالحه التي غالبا ما تأخذ من حصة وحقوق الغالبية من الناس الذين يقودهم ويدير شؤونهم باسم الإسلام.
وكما يقول المثل فإن (حبل الكذب قصير) وأن تأثير الادّعاء أقصر، لأنه سرعان ما تنكشف الحقائق والوقائع لغالبية الناس فيرون ويعرفون كل ما قام ويقوم به قادتهم من أجلهم وهل أدّوا واجباتهم بما يفرضه عليهم دينهم أم العكس، وما حصل من تبني الإسلاميين ورعايتهم لمرتع الفساد في بغداد وبعض المحافظات ألا دليل على تدني هولاء وتغطيتهم بأسم الاسلاموية على أفعال اقل ما يقال عنها أنها سرقة إسقاط مقصود للدين ؟.
كما أن تعاليم الإسلام في مجال الحكم واضحة وضوح الشمس حتى أنها لا تحتاج تفسيرا لأضعف الناس وعيا وتفكيرا، فحكم الإسلام قائم على احترام كرامة الإنسان وكفالة حريته في التعبير والقول والتفكير والعمل ما لم يضر ذلك بمصالح الغير، كما تؤكد تعاليم الإسلام على ضرورة الإيثار والتضحية ونكران الذات وتقديم مصلحة الغالبية على الأقلية مع حفظ جميع الحقوق لجميع الأفراد في المجتمع.