السيمر / فيينا / الاثنين 16 . 09 . 2019 — في عراق مابعد 2003 كان أكثر ما يفتقده البلد هو الأمن، ولأن “الحاجة أم الاختراع”، تم اختراع مؤسسات أمنية كثيرة ومتنوعة بمسميات جديدة، واستقطاب اعداد كبيرة من الافراد لتوظيفهم في هذه المؤسسات، بغض النظر عن مدى صلتهم وجاهزيتهم للعمل كـ”عناصر أمن”، الامر الذي تجسد في الفشل بتحقيق الأمن تارة، وحدوث الانتهاكات وسوء استخدام السلطة تارة أخرى.
وكغيرها من المؤسسات الأمنية في العراق، تضاعفت اعداد “المفتشين الأمنيين” وأصبح من الممكن مصادفتهم أمام أبواب كل المؤسسات الحكومية ومعظم المؤسسات غير الحكومية، بل حتى الاسواق الشعبية.
استقطاب الاعداد الهائلة من الافراد، ادخل أفرادا بسلوكيات وخلفيات نفسية وبيئية مختلفة، لم يخضعوا لدورات تأهيلية تكيفهم على التعامل بصورة جيدة مع موقعهم الذي يشغلوه، خصوصا وأن “مسؤولية التفتيش” تختلف عن كل المسؤوليات والمجالات الامنية الاخرى التي تتعامل مع متهمين ومجرمين، فعنصر الأمن المفتش، يتعامل مع الكثير من المواطنين العاديين، بين زبائن او مراجعين لدوائر حكومية او زائرين لمراقد دينية، او طلاب جامعات، وهذا يستلزم تعاملا خاصا.
وبرغم تعرض الرجال المتهمين الى سوء معاملة وانتهاك حقوق في بعض الاحيان من افراد رجال الامن، إلا أنه يندر ان تحدث مصادمات بين المواطنين الرجال و”عناصر التفتيش” في مختلف المؤسسات، حتى وان تم رصد مخالفة معينة لدى المواطن أمثال حمل جهاز الموبايل او السكائر وغيرها من المحظورات التي تتنوع حسب نوع المؤسسة المقصودة، لكن الامر مختلف في غرف “تفتيش النساء”.
ملامسة أماكن حساسة.. وعزوف عن “الزيارة”
وبالاضافة إلى مارصده “ناس” من حالات لنساء يشتكين من سوء تعامل المفتشات، تحدث عدد من النساء لـ”ناس”، عن “انتهاكات غريبة” تصل إلى تفتيش أماكن حساسة بـ”طريقة مريبة”.
وتحدثت صفا كريم 25 عاما، لـ”ناس” وهي طالبة في احدى الجامعات العراقية، عن سوء تعامل المفتشات ليس امام بوابات دخول الجامعة فحسب بل داخل الحرم الجامعي ايضا، حيث تعرضت لموقف محرج امام الطلبة حينما طلبت منها مفتشة أن تحكم أزرار المعطف، بصوت عال أدى الى حدوث مشادات كلامية بعدها.
وأكدت كريم، وجود التعامل السيء بين صفوف حتى المفتشات في المراقد والمزارات، حيث تلجأ المفتشة إلى مسح وجه النساء بالمناديل اذا شكت بوجود “بودرا او كريم” على الوجه مع توجيه كلمات جارحة مثل الاستغفار، وإشعار المقابل بأنه “شخص سيء او غير شريف”، بحسب كريم.
ورصد “ناس” منشورا غاضبا، ربما هو الاول من نوعه الذي يتحدث عن أزمة “تعامل المفتشات”، بالرغم من الاجماع الواضح على هذا الامر، إلا أن النساء والفتيات لايتحدثن لاعتبارات مختلفة سواء اجتماعية او غيرها.
وتحدثت صاحبة المنشور عن “اضطرارها الى ترك زيارة المراقد ومزارات أهل البيت، بسبب التعامل السيء من قبل المفتشات الذي يصل الى مسك مناطق حساسة من الجسم”، وهذا ما أكدته منى البياتي 24 عاما في حديثها لـ”ناس”، حيث قالت ان “المفتشات يتقصدن لمس مناطق حساسة في جسد المرأة والضغط عليها”، مؤكدة انها “تعرضت لسوء تعامل المفتشات في الدوائر والمزارات”.
ويكثر الحديث عن عزوف بعض البنات عن الذهاب الى المزارات، وحرمانهن من الزيارة، بفعل تعامل المفتشات، وتقول الكاتبة ايناس العبيدي 26 عاما في حديثها لـ”ناس”، إنه “غالبا اصادف المفتشات في المولات والمراقد، بالمولات يكون التعامل جيدا، عكس التعامل في المراقد، لدرجة انني امتنعت عن الزيارة منذ سنوات”، مؤكدة أن “طريقة تفتيشهن للملابس تكون مبتذلة”.
وقالت العبيدي “تعرضت للشتم من قبل مفتشة في محافظة النجف وكنت صغيرة في العمر، كانت احدى اقاربي قد وضعت جهازها النقال عندي ونسيته في يدي ولم اكن اعرف انه ممنوع، فسحبت المفتشة الجهاز مني بقوة وشتمتني”.
غرف تفتيش الرجال اكثر هدوءاً
في المقابل، لم يسجل “ناس” شكوى تذكر من قبل الرجال او تعرضهم لسوء تعامل في المراقد او الدوائر او المولات من قبل المفتشين مقارنة بمايجري في غرف تفتيش النساء، واذا كان مخالفا، فسيتعرض لتوجيه بالتخلص من “المخالفات” سواء بحمل السلاح او جهاز الموبايل او السكائر بكل بساطة، دون توجيه اللوم واستخدام الصوت العالي او الكلمات المهينة المبطنة.
وترى داليا أدوَر 33 عاما خلال حديثها لـ”ناس”، إن “اسلوب المفتشات يعتمد على شكل الشخص وتصرفاته ومظهره ونوع ملابسه وحضوره”، مؤكدة انها “لم تصادف شيئا غير طبيعي أو تصرفا غير جيد من قبل المفتشات، في الدوائر او المولات، بعض الأماكن يفتشون الحقيبة فقط وأماكن اخرى يفتشون الجسد لكن بصورة سريعة وعلى جوانب الجسد فقط”.