السيمر / فيينا / الثلاثاء 24 . 09 . 2019
رحمن الفياض
قدمت الحوزة العلمية ورجالاتها, والتي صمدت خلال قرون من الزمن أمام المحن والأبتلاءات, قوافل سار فيها آلاف الشهداء, من العلماء وطلبتهم وأبنائهم, واحدا تلو الأخر, فكان مسكها وليس ختامها مئات من الشهداء في معارك التحرير ضد فلول داعش الأرهابي.
من خلال أطلاعنا على تاريخ العراق السياسي الحديث, نجد أن المؤوسسة الدينية, هي الأساس في تحريك سواكن الحياة السياسية في العراق, بالشكل الذي يحقق المساوة والأصلاح في المجتمع.
طالما كانت الحوزة العلمية, هي البوصلة التي تحدد مسار الأحداث في المجتمعات الشيعية, فقد غيرت معادلات وأسقطت حكومات, وقادت ثورات, وأعطت الشهداء وغيبت في غياهب سجون الظلام لسنوات, فعلى مدى قرون من الزمن, كانت حركة الجماهير, مرتبطة نفسيا وعقليا, برجال الدين الذين كرسوا جل وقتهم لخدمة مجتمعاتهم.
منذ بداية النهضة الفكرية الأسلامية, تعلقت القلوب برجال الدين, وأن بوادرها الأولى, سجلت لدينا في بداية القرن التاسع عشر, مع الفتوى الشهيرة للسيد محمد حسن الشيرازي, في سامراء المقدسة سنة (1891), والمعروفة بفتوى التنباك, ضد الأمتداد البريطاني في أيران, أن أزدياد الوعي السياسي في العراق, جعل من المرجعية الدينية, هي محط أنظار العالم والعراقيين بصورة خاصة, حيث أن موقف المرجعية, لم يكن مقتصرا على الأحداث الداخلية, والمحلية بل تعدى الى الدول المجاورة, والأحداث الأقليمية.
فالمواقف عظيمة وكثيرة, فعندما بدءت بوادر الأحتلال البريطاني للعراق, بالظهور عام 1914, قامت الحوزة العلمية في النجف الأشرف وكربلاء المقدستين, بتعبئة الجماهير ضد الأحتلال, وأخذ رجال الدين على عاتقهم, تنظيم وتسليح المتطوعين, فكانت ثورة النجف عام 1918, وثورة العشرين هما الفيصل, في نقل القيادة وجعلها بيد رجال الدين, بسب الأفكار والأهداف الأصلاحية التي تحملها تلك المؤوسسة, ووضع مصلحة البلاد فوق أي أعتبار.
تعدد الأدوار التي خاضها رجال الدين, فلم يتركوا ساحة او مساحة, دونما أن يكون لهم الأثر الواضح فيها, فكانوا المحرك النفاث الذي يشحذ الهمم والذي يحسب له الف حساب, من قبل أعداء الأمة, فعلماء الحوزة العلمية, لم يكونوا بمنائ عن المجتمع, الذي عاشوا فيه, تبعا لمسؤولياتهم, بل أصبحوا جزء من الأحداث لاسيما الأجتماعية والسياسية, فوقفوا بوجه الحركات الهدامة, وسجل لنا التاريخ الوقفة الشجاعة لزعيم الطائفة المرجع الراحل السيد محسن الحكيم (قدس).
ولم تكون سنوات
الحكم البعثي أفضل من سابقاتها فقد عانت الحوزة العلمية من التضيق والخناق
والحرب النفسية والتي كانت في ذروتها في تلك الفترة فقدمت قرابين من
الشهداء، فالحكيم وقرابينهم والمبرقع والصدر وغيرهم من عشرات العوائل
العلمية قدموا دمائهم لنحيا بهدوء وسعادة، في حين لم يتجرء غيرهم ليقف بوجه
الطغيان البعثي والأنحراف العقائدي المتمثل بنظام صدام
فكانت أصوات النشاز تلعب القمار في ملاهي اوربا.
بعد سنوات التحرير وسقوط عرش الطاغية صدام، كانت المرجعية الدينية هي الملاذ الوحيد للعراقيين في رسم خارطة الطريق كون التجربة فتية والاعبين جدد، فرسمت وحددت خارطة طريق للمحتل الأمريكي وللساسة الجدد تمثل بكتابة الدستور وأجراء الأنتخابات، ووضعت البلاد على السكة الصحيحة ورسمت معالم دولة جديدة يتساوى فيها العراقيين بكل قومياتهم بالحقوق والواجبات، وارشدت الساسة الى معالم بناء العراق الجديد وكيفية ادارة الدولة فليس ذنبها الخذلان.
توالت الأحداث والمرجعية تصوب وتوجه حتى بح صوتها وكانت من نتائج عدم الأستماع الى ارشادتها أن ضاعت ميزانيات أنفجارية تقدر بمليارات الدولارات وسقوط ثلث اراضي البلاد بايدي أرهابي داعش، فكانت هناك صولة جديد عنوانها المرجعية باب من ابواب الجنة، بالفتوى الشهيرة بالجهاد والتي تصدر رجال الدين ميدانها فكانوا المحرك الرئيسي في الميدان مابين مقاتل ومرشد وداعم بأمواله للقطعات العسكرية، قدموا قواقفل من الشهداء في حين أفل نجم من يدعي حب الوطن ويعلو صوته الأن بالعويل والنعيق والصياح ضد المرجعية ، الرجال مواقف والتي تظهر في الأوقات العصيبة وهذا جزء يسير من مواقفها فلا ينزغن الشيطان في قلوب بعضكم بالتعرض لباب الجنة.