السيمر / فيينا / الجمعة 27 . 09 . 2019 — خرجت مسيرات محدودة في مصر مؤيدة ومعارضة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسط إجراءات أمنية مشددة.
وقد أغلقت قوات الأمن الشوارع الرئيسية المؤدية إلى ميدان التحرير ووسط القاهرة، كما أغلقت أربع محطات لمترو الأنفاق، تؤدي جميعها إلى ميدان التحرير.
وقال صحفيون ومصادر محلية وشهود عيان إن مظاهرة محدودة خرجت عقب صلاة الجمعة ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة قوص بمحافظة قنا، في صعيد مصر.
وأوضح شهود العيان أن عشرات المتظاهرين هتفوا ضد السيسي وقاموا بحرق لافتة تحمل اسمه، قبل أن يتفرق المتظاهرون طوعا.
وفي جزيرة الوراق بالجيزة، وهي جزيرة اعتادت التظاهر ضد خطط حكومية لإعادة تخطيطها، قال شهود عيان إن مظاهرات بالعشرات خرجت عقب صلاة الجمعة هتفت ضد السيسي، وطافت شوارع الجزيرة.
يأتي ذلك بينما بدأ مئات من مؤيدي السيسي في منطقة المنصة بمدينة نصر، شرقي القاهرة، في التظاهر دعما له.
ورصد مراسل بي بي سي في الإسكندرية، عطية نبيل، خروج عشرات المتظاهرين من مؤيدي السيسي من مسجد القائد إبراهيم، والذين رددوا هتافات مؤيدة للرئيس المصري.
وأفاد مراسلنا بأن قوات الأمن سمحت للمظاهرة المحدودة بالخروج عقب انتهاء صلاة الجمعة مباشرة، رغم تشديد الإجراءات الأمنية في شوارع المدينة الساحلية، بينما تم منع طاقم بي بي سي عربي من العمل بحجة عدم وجود تصريح من مديرية أمن الإسكندرية.
وتترقب مصر احتجاجات دعا إليها الممثل والمقاول محمد علي ونشطاء مصريون، وسط دعوات لتنظيم مظاهرة مؤيدة للرئيس المصري دعا إليها عدد من الفنانين والإعلاميين لحشد أنصار السيسي في ميدان هشام بركات “رابعة العدوية سابقا” شرقي العاصمة القاهرة.
وقد عاد الرئيس المصري صباح اليوم إلى القاهرة قادما من الولايات المتحدة الأمريكية، وكان في استقباله عشرات المواطنين الذين رددوا هتافات مؤيدة له قرب الصالة الرئاسية بمطار القاهرة، وفقا لما نقلته وسائل إعلام محلية.
وقال السيسي في كلمته أمام مؤيديه إنه لا داع للقلق، مشيرا إلى أن “هناك صورة يتم رسمها لتزييف الحقائق”.
وأضاف السيسي: “مصر قوية بشعبها وأن هناك من يريد خداع المصريين”.
وحذرت السفارة الأمريكية في القاهرة بيان صحفي نُشر على موقعها الإلكتروني رعاياها من الوجود في مناطق التظاهر، قائلة: إنه “في إشارة إلى الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر اليوم الجمعة، يتم تذكير الزوار والمقيمين في مصر من الولايات المتحدة بتجنب مناطق التظاهرات”.
وطالبت وزارة الداخلية المصرية المواطنين بالالتزام “بما تفرضه قواعد الحفاظ على النظام العام والقانون”. وذكرت في بيان مقتضب بثته محطات تلفزيونية ومواقع إخبارية محلية أنها ستتصدى “لأي محاولة لزعزعة الاستقرار والسلم الاجتماعي بكل حزم وحسم”.
وفي سياق متصل، أكد وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي في لقاء مع طلبة وأعضاء هيئة التدريس بالكلية الفنية العسكرية يوم الخميس أن “رجال القوات المسلحة لديهم وعي كامل بكافة المخاطر والتحديات التي يواجهها الوطن”، مشددا على ضرورة أن يتحلى أفراد القوات المسلحة بـ “الانضباط الذاتي”.
وتتخذ السلطات في مصر استعدادات أمنية مكثفة حول أبرز الميادين في البلاد، ويتعرض المارة في تلك الميادين لتوقيف عشوائي من قبل عناصر الأمن للاطلاع على بطاقات الهوية، وفحص محتويات هواتفهم المحمولة.
“حملة تستهدف المعارضين”
وقد ناشدت النيابة العامة في مصر في بيان ليل الخميس بالمواطنين الراغبين في ممارسة حقهم في التعبير عن الرأي بالتظاهر باتباع الإجراءات القانونية “حتى لا يسبب التظاهر قطعًا للطرق العامة أو تعطيلًا للمواصلات العامة”.
وأشار البيان إلى أن النيابة العامة أجرت تحقيقات مع نحو 1000 شخص ألقي القبض عليهم أثناء وبعد تظاهرات الجمعة الماضية، بينما يقول محامون ونشطاء إن نحو ألف آخرين لم يعرف مصيرهم بعد، ولم تُجر تحقيقات معهم حتى الآن، في وقت يقول فيه نشطاء مصريون إن هناك “حملة تستهدف المعارضين” حاليا.
وقررت نيابة أمن الدولة، أمس الأربعاء، حبس أستاذَي العلوم السياسية حسن نافعة وحازم حسني، فضلا عن رئيس حزب الدستور السابق خالد داوود، ١٥ يوما على ذمة التحقيقات في عدة اتهامات تتعلق بنشر أخبار كاذبة.
وأعلن حزب الاستقلال المعارض أمس الأول الثلاثاء عبر موقعه الإلكتروني على الإنترنت عن “اعتقال” 20 من قيادات وكوادر الحزب بالقاهرة والمحافظات، وعلى رأسهم أمين عام الحزب مجدي قرقر.
وشنت السلطات المصرية حملات توقيف طالت نشطاء وأكاديميين ومحامين وطلابا في أعقاب تظاهرات لم تكن متوقعة في بعض المحافظات الجمعة الماضية 20 سبتمبر/أيلول، طالبت برحيل السيسي.
وامتدت تلك المظاهرات لعدة محافظات، منها الإسكندرية والسويس ودمياط والمحلة الكبرى، وردد المتظاهرون هتافات منها “ارحل” و “الشعب يريد إسقاط النظام”.
ويرى أنصار الرئيس أن ثمة تأثيرا مفتعلا تحرّض عليه وسائل إعلام “معادية” للدولة.
وقال النائب محمد أبو حامد، عضو مجلس الشعب المصري لبي بي سي في تصريحات سابقة: “أي حديث سلبي عن الدولة المصرية ومسؤوليها يؤثر بالتأكيد على صورتها… بالتأكيد هناك صعوبات نتيجة برنامج الإصلاح الاقتصادي”.
وأضاف أبو حامد: “يتظاهر الفرنسيون اعتراضا على البرنامج الاقتصادي للرئيس ماكرون، ويحق للمصريين التظاهر للتعبير عن اعتراضهم على سياسات الحكومة، لكن عندما نرى شعارات مثل إسقاط النظام، فهنا نتحدث عن مشروع آخر”. ويشير أبو حامد إلى أن “فكرة إسقاط النظام تساوي الفوضى والإرهاب والقضاء على الدولة”.
على الجانب الآخر، يرى معارضون أن هناك غضبا من سياسات الرئيس المصري وحكومته.
و قال الدكتور ثروت نافع، مؤسس الحركة الليبرالية المصرية وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشورى السابق، لبي بي سي في تصريحات سابقة: “إن حالة الفساد المستشري والفقر المتزايد والقمع المتصاعد والتفريط في جزيرتي تيران وصنافير والتساهل بحصة مصر في مياه النيل، كانت كلها عوامل تنذر أن لحظة الانفجار قادمة”.
وأضاف ثروت أن المصريين “تجاوزا حاجز الخوف وتجرأوا على دخول الميادين الرئيسية في عدة مدن، بالرغم من أن دعوة التظاهر كانت بالأساس أمام المنازل، مما يدل على حجم الغضب الذي يعتري المصريين”.
وانطلقت المظاهرات استجابة لدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي أطلقها مقاول وممثل مصري يعيش خارج البلاد، اتهم فيها الرئيس السيسي وقادة في الجيش بـ “الفساد” و”إهدار المال العام”.
المصدر / بي بي سي