الرئيسية / مقالات / اليوم إنتصرت ماڤيات التسول على إرادة الدولة والشعب

اليوم إنتصرت ماڤيات التسول على إرادة الدولة والشعب

السيمر / فيينا / الثلاثاء 01 . 10 . 2019

د . هاتف الركابي

النشيد الوطني يُعزف .. الفريق علي الغريري واللواء سعد معن يأدون التحية العسكرية وقوفاً وأمامهم صورة للدكتور عادل عبد المهدي ، القاعة إكتضت بالقنوات الفضائية ..اليوم عقدت قيادة شرطة بغداد ورشة عمل أو مؤتمرا على التسول وتداعياته .. بعد ان قدم الجنرالين كلمتهما كنت أعتقد أنهم قد جاءونا بحل من السماء ، ولكنهم بعد مرور ( ١٥ ) عام يريدون الان تشريع قانون رغم وجود التشريعات ، ومدير الجلسة من مجلس الوزراء( بيت الحكمة ) الدكتور خليل يحاول أن يجعل هذا الامر طبيعيا قائلا أن حتى أوروبا فيها تسول وتناسى الدكتور أننا في القرن الواحد وعشرين !! أي تسول في اوروبا هذا الذي تدعيه ،، إن معلومتك واهنة كوهن خيوط العنكبوت بل أشد وهناً..
ياللهول قلت لهم بعد أن طلبت مداخلة في الموضوع مستهلاً حديثي بأن إمنحني ياسيدي لغةً تتماهى مع الحَدَثْ.. تتوافق مع الحسره تُثمِر إن بَذرتَها ! ..إمنحني أبجدية تسند مأساتنا… الجميع أصبحت تفخر بالعجز… يا للأسف نحن في أزمنة الذبول للزهر والتصحر ،حين البحث عن النماء واللوعه التي لا ولن يكفيها إنفجار دَمعه !! 
ماهكذا ياسعد تورد الأبل ، وقد عهدناك جنرالاً حازما .. لسنا بحاجة الى القوانين ، وهل تريد أن تشدد العقوبة على طفل صغير ليكون خريج سجون ، نحتاج منكم ان تكونوا قادرين على منع دخول الأطفال إلى وكر البتاوين القريبة من مواقعكم .. فالسيطرة على البتاوين يعني ستكون بغداد في خير ، وسيحد من الجريمة واستغلال الاطفال في البغاء والمواد الاباحية، لماذا لايسيطر فوج مكافحة الارهاب على هذه المنطقة ، لأن الماڤيات هي من تدور عصابات منظمة في التسول وورائهم رؤوس كبيرة، إذن وزارة الداخلية عاجزة عن عمل أي شيء، وصمة عارٌ على السلطة التنفيذية بأجمعها ، ووصمة عار بجبين حقوق الانسان ومفوضيتها .. ووصمة عار بجبين السلطة القضائية وادعائها.. ومعيب على بلد مثل العراق بأن تفترش الاطفال الرضع والفتيات الصغيرة الشوارع للتسول، وأمام أنظار الشرطة والجيش تأتي بهم السيارات الفارهة وتوزعهم كمجاميع صباحاً .. لانريد منكم حس وطني مغلف بالشعارات .. أنه الزمن الذي يرمي فيه اللصوص ردائهم على عريّ الشرفاء. . زمن الطاعون ووباء الذين بلا شرف .. هو زمن الأراذل والذين بلا نواميس.. هو زمن الوضاعة الذي يتسيد فيّه حثالة المجتمع على أسيادة.. أنه زمن المتبرعين بالشرف والمنزوعين من أرديته..
أنه إنحطاط الزمن العراقي الذي سيكون عاراً يلاحقنا ما حيينا.. 
القائمين على المؤتمر لم يروق لهم كلامي وكانوا في احراج من كل ما طرحته ، عندئذ جمعت اوراقي وحملت نفسي إلى صوب منطقة البتاوين لأثبت عكس ماترى الداخلية وكان برفقتي الدكتور الرائع الباحث فراس جاسم الذي يشاركني هذا الهم .. ودخلنا وكر الدبابير متحملين لسعاتها القارصة التي قد تكون مميتة في بعض الاحيان ،، النظرات ترصدنا وعيون العصابات التي تعد دخولنا تهديدا مباشرا لمصالحهم.. إقترب مني طفل وطلب مني نقودا ، وما أن ادخلت يدي بجيبي لأعطيه حتى تقاطرت مجاميع من الاطفال المتسولين وأحاطو بي يطلبون المال ، ورفع الاطفال شارات النصر بأصابعهم الصغيرة ، نعم فعلاً إنتصروا لأن ماڤيات التسول إنتصرت على أجهزة الدولة ..
وكنت قد حملت نفسي الى وزارة العمل لأرى مكامن المصيبة والتقيت بالدكتورة ( عبير الچلبي ) التي تكلمت معنا بحزن وخيبة من اجهزة الامن التي لاتتعامل بجدية مع الضحايا من الاطفال والمعنفين والمتسولين ، ثم قالت لي أن هناك شابة في دار الايتام وعندما بلغت سن ١٨ رمتها الدولة في الشارع وتقول حاولت مع الداخلية من ايجاد مأوى لكنهم رفضوا ، ذهبت المسكينة الى الكاظمية تفترش الارض وتلتحف السماء في خربة في منطقة الانباريين ، جاءوا اولاد الحرام اغتصبوها بعد ان اعطوها حبوب مخدرة ثم حملت سفاحا ، وانجبت طفلا وقاموا بأخذه منها واعطاءه الى عصابات التسول .. 
ياللعراق .. ياللعراق .. أتساءل : لماذا تكتظ جموع المتسولين عند نقاط ومفارز الشرطة والجيش ؟؟ يؤرقني هذا التساؤل دوماً !!
لقد تعودنا من مؤتمراتكم منسوخاً دون ناسخ .. وإنما كل شيءٍ على ما هو عليه .. وإنما لكل عراقيٍ ربه

اترك تعليقاً