السيمر / فيينا / السبت 12 . 10 . 2019 — بالتزامن مع التظاهرات التي تشهدها بغداد ومدن جنوب العراق ووسطه، عاد الحديث من جديد عن المال السياسي في البلاد كأحد أوجه الفساد الذي تتورط به أحزاب وقوى سياسية مشاركة في الحكومة والبرلمان، فيما كان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قد تعهّد أخيراً بالعمل على القضاء على الفساد ومنع استغلال المسؤولين للمال العام في الترويج لأنفسهم.
مستوى الإعمار أو حتى المشاريع المدشّنة في محافظة دون أخرى في العراق، يكشف عن المال السياسي، وخصوصاً في مدن شمال العراق وغربه، المدمرة والمحررة أخيراً من تنظيم “داعش”. فالمدينة أو المحافظة التي ينحدر منها مسؤول حكومي أو وزير، نالت أكثر من جارتها التي لم يسعفها الحظ بأن يكون أحد أبنائها مسؤولاً، وهو ما يصفه مراقبون بأنه استغلال للمال العام في الترويج من قبل سياسيين ومسؤولين لأنفسهم، بإنجازات على الأرض تضمن فوزهم مجدداً.
“
يعزو مراقبون الأمر إلى المحاصصة السياسية وضعف الرقابة ولعب العلاقات الشخصية دوراً في رسم مشاريع وخطط التنمية في المحافظات
“
ففي غرب العراق وشماله، تبدو محافظة صلاح الدين أقلّ المحافظات التي تحظى بالاهتمام، وفي الجنوب تبرز المثنى كإحدى محافظات العراق الأكثر فقراً والأقل بمشاريع التنمية. ويعزو مراقبون ذلك إلى المحاصصة السياسية وضعف الرقابة وأداء العلاقات الشخصية دوراً في رسم مشاريع التنمية وخططها في المحافظات.
وتشهد ظاهرة استخدام المال العام لأغراض سياسية تصاعداً واضحاً قبيل الانتخابات المحلية المقرّر إجراؤها في أبريل/نيسان من العام المقبل، التي ستسفر عن اختيار حكومات محلية للمحافظات العراقية كافة، باستثناء إقليم كردستان العراق، وعددها 15 محافظة. وهو أمر يصفه النائب المستقلّ كاظم الصيادي بأن بعضه عبارة عن “سرقات تجري في الوزارات”، مضيفاً في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ “المال السياسي سبب رئيسي في خراب البلاد، وهو إما أن يكون عبارة عن أموال الدولة التي يتصرف بها المسؤول، فيطلق مشاريع ومبادرات هي من صلب عمل الدولة، لكنه يجيرها لمصلحته الانتخابية، أو أنها أموال تأتي من الخارج لشراء ذمم”. ويؤكد أنّ “كل الأحزاب السياسية العراقية لا تمتلك استثمارات، ولا اقتصاداً، ولا أي شيء، فمن أين يأتي أعضاؤها وزعماؤها بكل هذه الأموال؟”.
ويلفت الصيادي إلى أنّ المال السياسي سيؤثر في المحافظات العراقية المحررة من سيطرة تنظيم “داعش” وبقية مناطق البلاد، موضحاً بقوله: “نلاحظ بعض التحركات الانتخابية من قبل بعض الشخصيات السياسية في قضية إعادة النازحين أو إعطاء أموال من أجل بناء بعض المنازل المهدمة”.
من جهته، يؤكّد مسؤول عراقي في وزارة التخطيط، طلب عدم ذكر اسمه، في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ “استفحال موضوع المال السياسي تطور من دفع أموال لدعايات انتخابية، ليصل إلى بدء كل مسؤول بتحصيل مشاريع ومنح مكاسب لمدينته، مستغلاً منصبه، لذا صار لدينا مدن فيها حركة تنمية وأخرى جامدة، لأنه لا يوجد مسؤول منها في الحكومة”. ويتساءل: “لدينا في العراق 19 محافظة و132 قضاءً وأكثر من ألف منطقة، فهل يتطلب أن يكون عدد المسؤولين في الحكومة والبرلمان وديوان الرئاسة على عدد هذه الوحدات حتى تحصل كل مدينة على مكرمة؟
المصدر / العربي الجديد