السيمر / فيينا / السبت 12 . 10 . 2019 — في كل الحوادث التي شهدتها ناقلات النفط في الخليج الفارسي او بحر عمان خلال الاشهر الماضية، كان وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو اول مسؤول ليس في امريكا بل في العالم، وحتى قبل مسؤولي الدول التي تعود ملكية تلك الناقلات لها، يصرح بشأن تلك الحوادث، ويتهم، وبيقين لا يتزعزع، إيران بانها المسؤولة عن تلك الهجمات.
نبرة اتهامات بومبيو لايران لم تكن، كما كان يوحي، تنطلق من تحليلات، بل من “معطيات وبيانات” توفرت لديه من الكم الهائل من القواعد والرادارات الامريكية المزروعة في المنطقة، رغم انه لم يقدم يوما وثيقة واحدة ولو باهتة عن تلك “المعطيات والبيانات” الرادارية.
والملفت ان بومبيو، كان يتهم ايران فورا وبعد دقائق فقط من وقوع كل هجوم، بينما كانت الامارات والسعودية اللتان وقعت الحوادث على بعد كيلومترات قليلة من سواحلهما، تعلنان انهما بحاجة لمزيد من الوقت لمعرفة ملابسات تلك الحوادث والجهة التي تقف وراءها.
“رادار بومبيو” كان اسرع كذلك من اي رادار في المنطقة في الكشف عن الجهة التي كانت وراء الهجمات التي تعرضت لها منشأت أرامكو في السعودية الشهر الماضي، وهي ايران بالطبع!، رغم ان القوات اليمنية اعلنت مسؤوليتها عن الهجوم، كما ان السعودية قالت حينها انها بحاجة للتحقيق بالحادث قبل ان توجه اصابع الاتهام لاي جهة.
هذه المرة تتعرض ناقلة نفط ايرانية لهجوم بصاروخين في البحر الاحمر وعلى بعد 96 كيلومترا من ميناء جدة السعودي، وفي منطقة تجوب فيها الاساطيل الامريكية، التي ترصد رادارتها كل صغيرة وكبيرة، واللافت ان الهجوم جاء على مرحلتين، فالفارق الزمني بين الصاروخين كان نحو نصف ساعة، فالصاروخ الاول اصاب الناقلة عند الساعة الخامسة، بينما الصاروخ الثاني اصابها عن الساعة الخامسة وعشرين دقيقة، وهو وقت كان يكفي ان ترصد رادارات امريكا الجهة التي انطلقت منها الصواريخ، ولكن على ما يبدو ان “رادار بومبيو” لم يكن يعمل عندما تعرضت الناقلة للهجوم!، لذلك مازال ساكتا حتى الان ولا نعتقد انه سيتكلم ابدا.
لا يحتاج المرء لكثير من الذكاء ليعرف من هي الجهة التي تقف وراء الهجوم على ناقلة النفط الايرانية في البحر الاحمر، فهي نفس الجهة التي تقف وراء الهجمات على ناقلات النفط الاماراتية والسعودية في الخليج الفارسي وبحر عمان، فالطريقة التي تم فيها استهداف الناقلات هي واحدة، كما انه ليس هناك من جهة يمكنها ان تضرب وتختفي دون ان يتم رصدها من قبل امريكا صاحبة القواعد والاساطيل والبارجات والفرقاطات والرادارات.
من الواضح ان الجهة التي تقف وراء استهداف ناقلة النفط الايرانية، لا تريد ان يعم الامن والاستقرار في المنطقة، بدليل ان الاستهداف جاء قبل يوم واحد من زيارة رئيس وزراء الباكستاني عمران خان الى طهران والرياض، في مسعى لتخفيض حدة التوتر في المنطقة، وهو تكرار للسيناريو الذي شاهدناه عندما زار رئیس الوزراء الیابانی “شینزو آبی”، ايران في حزيران / يونيو الماضي، عندما تعرضت ناقلة نفط يابانية لحادث في بحر عمان.
يبدو ان هذه الحوادث المتكررة في منطقة الخليج الفارسي وبحر عمان والبحر الاحمر، كافية لإيصال بلدان المنطقة الى قناعة مفادها ان هناك جهة عاقدة العزم على التلاعب بامنها واستقرارها لمصلحتها، وهي مصلحة تتناقض مع امن واستقرار المنطقة، الامر الذي يتطلب من هذه الدول تفويت الفرصة على هذه الجهة، عبر التعامل بجدية ومسؤولية، مع المبادرات التي يمكن ان تضع المنطقة على طريق الامن والاستقرار، وهي الطريق الوحيدة التي تفضي الى التطور والنمو الاقتصادي.
المصدر / العالم