السيمر / فيينا / الاثنين 03 . 02 . 2020
أياد السماوي
السيد محمد توفيق علاوي المحترم / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
سيدي الفاضل .. كنت ولا زلت مؤمنا إيمانا يقينيا مطلقا أنّ مخافة الله سبحانه وتعالى هي رأس الحكمة , وأنّ من يخاف الله واليوم الآخر لا يظلم ولا يقتل ولا يسرق ولا يضيع عنده حق .. سيدي الفاضل .. حين أعلن عن تكليف جنابكم الموّقر لرئاسة مجلس الوزراء خلفا لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي , كنت من أوائل الداعمين والمؤيدين لهذا التكليف بالرغم من عدم معرفتي الشخصية بجنابكم الموّقر , وسبب هذا الدعم والتأييد هو الإجماع الذي تحدّث به كلّ من يعرف السيد محمد توفيق علاوي بأنّ الرجل يعرف الله حق معرفته ويخافه سبحانه وتعالى , عدا المفكر حسن العلوي الذي اتصل بي وتحدّث عن السيد علاوي بذات الحديث الذي نشره بعد ذلك ..
سيدي الفاضل .. لا شّك أنّ المهمة التي كلّفتم بها وتنهضون بأعبائها في هذه المرحلة الخطيرة والعصيبة من تأريخ البلد , هي مهمة وأمانة تنوء عنها الجبال .. ولعمري لا أدري كيف قبلتم بها وأنا أعلم علم اليقين أنّكم لستم بحاجة لها , لا لحسب أو شهرة أو مصلحة خاصة , وأعلم أن الله سبحانه وتعالى قد منّ عليكم من فضله بالكثير , وأهم هذا الكثير هو القرب من الله سبحانه وتعالى , وهذه نعمة ما بعدها من نعمة , فمن كان مع الله كان الله معه .. سيدي الفاضل .. أنا وأنت بعمر واحد وقد عشنا معا مرارة ومأساة شعبنا في ظل نظام البعث المجرم , وشائت الأقدار أن نعيش ونقف على مأساة شعبنا في ظل حكومات ما بعد 2003 الفاسدة , ولا شّك أنّك قد وقفت على أهم سبب أدّى إلى فشل سلفك الذريع وسقوطه هذا السقوط المريع في وحل الفساد والتفريط بمال الشعب العام وتصرفه بهذا المال تصرّف المالك بملكه وكأنّه أرث ورثه من أبيه , وأخيرا قتله المئات من أبناء شعبه الذين خرجوا ضدّ الفساد والفقر والحرمان وسوء الخدمات ..
إنّ خطيئة عبد المهدي الكبرى هي استسلامه وخضوعه الكامل لإرادة الكتل السياسية الفاسدة التي أفقرت الشعب وأذلته وسرقت ثرواته وثروات أجياله القادمة , وهذا الاستسلام والخضوع قد جعل منه واجهة وسدا منيعا لممارسة فسادهم ونهبهم لمال الدولة العام .. فإذا كنت سيدي الفاضل تخاق الله حقا وتطلب مرضاته , فلا تستسلم وتخضع وتنحني لإرادة هذه الكتل السياسية ولا تخضع لضغوطهم , لأنّك غير مضطر لهذا ولست بحاجة أن تغادر هذه الدنيا الفانية بوجه أسود لا سامح الله وتقف بين يدي الله وأنت ظالم لشعبك .. كن حازما وقويا وشجاعا ولا تأخذك في الحق لومة لائم , وادحض الشائعات التي تقول عنك أنك ضعيف وسوف لن تكون أفضل من سلفك , واعلم أنّك تمتلك ورقة ضغط مهمة جدا , هذه الورقة تتمّثل بانسحابك من التكليف , لأنّهم يعلمون جيدا أنّ انسحابك من التكليف يعني فتح باب جهنم عليهم , ويعني انهيار النظام والدولة بأكملها , واعلم أنّهم سيقبلون بالحكومة التي ستأتي بها وهم صاغرون , والشعب العراقي المنتفض على الفساد ينتظر منك تشكيل هذه الحكومة , وينتظر ما ستقوم به من إجراءات لعودة الحياة إلى البلد وعودة النظام والأمن , ولعلّ أهم ما يجب القيام به لعودة الحياة الطبيعية وتهدأت الشارع الغاضب والمنتفض هي :
أولا – تشكيل حكومة مستقلة من خارج الأحزاب والكتل السياسية التي اشتركت في الحكم بعد سنة 2003 , وعدم استيزار أي وزير من وزراء حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة تحت أي ضغط وأي سبب ..
ثانيا – تقديم كل الرؤوس الكبيرة التي توّلت مسؤولية الملّف الأمني في البلد والتي تسببت بقتل وسفك دماء أبناء الشعب العراقي إلى المحاكمة ..
ثالثا – استكمال قانون الانتخابات بأسرع وقت والإعداد لإجراء انتخابات مبكرّة نزيهة وشفافة وتحت إشراف الأمم المتحدّة في مدّة لا تتجاوز هذا العام ..
رابعا – إيقاف سرقة أموال الشعب العراقي المرسلة إلى حكومة إقليم كردستان فورا , إلا بعد تسليمهم كامل النفط المنتج من حقول كردستان وتسليم موارد الرسوم والضرائب وموارد المنافذ الحدودية والمطارات إلى خزينة الدولة إسوة بباقي محافظات العراق ..
خامسا – تفكيك الدولة العميقة للإحزاب والكتل السياسية الفاسدة , وإعادة النظر في كل الدرجات الخاصة والتعيينات التي قامت بها حكومة عادل عبد المهدي الفاسدة ..
سادسا – سحب السلاح من المجاميع المسلّحة غير الخاضعة لإمرة القيادة العامة للقوات المسلّحة ..
سابعا – تقديم رؤوس الفساد الكبيرة إلى القضاء العادل بعد مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة ومنعهم من السفر خارج العراق ..
ثامنا – الاستعانة بالكفاءات العراقية المخلصة والنزيهة التي لم تتوّرط بالفساد , وتنظيف الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومكتب رئيس الوزراء من جميع موظفي الحكومة السابقة , وحل وإلغاء مجلس أمناء وشبكة الإعلام العراقي باعتبارهما حلقات زائدة وصفقة من صفقات حكومة عبد المهدي الفاسدة ..
ختاما سيدي الفاضل .. أنت أمام امتحان تاريخي صعب للغاية , فأنت أمام خيارين لا ثالث لهما , أمّا أن تدخل التاريخ كبطل وكمنقذ لهذا الشعب , أو سينتهي بك المطاف كما انتهى بسلفك عادل عبد المهدي .. والمعيار هو الحكومة التي ستشكلّها .. وفقك الله في هذه المهمة الصعبة وسددّ خطاك ..
الكاتب والسياسي المستقل / أياد السماوي
في 03 / 02 / 2020