السيمر / فيينا / الاثنين 02 . 03 . 2020 — مع أعتذار رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي عن تشكيل الحكومة ، ودعوة الرئيس العراقي برهم صالح القوى النيابية، الى الاتفاق حول رئيس وزراء بديل خلال مدة 15 يوما، كما ينص على ذلك الدستور، تتجه جميع الانظار مرة اخرى الى رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي الذي من المنتظر ان يتخلى عن اي مسؤولية ازاء تصريف اعمال الحكومة اليوم الاثنين كما اعلن في وقت سابق.
من الواضح ان مهلة 15 يوما لن تكون كافية لتتفق الكتلة البرلمانية العراقية على شخص رئيس الوزراء الجديد، لذلك من المتوقع ان تلجأ الكتل البرلمانية الى رئيس حكومة تصريف الاعمال عادل عبد المهدي لاقناعه بالبقاء على رأس الحكومة مدة 45 يوماً إضافية على أمل أن تتشكل حكومة جديدة خلالها.
تستند هذه الكتل البرلمانية الى راي قانوني يؤكد على ان الدستور لم يحدد عمر حكومة تصريف الاعمال، وان عمرها يحدده ترشيح رئيس وزراء جديد من البرلمان وتكليفه من رئيس الجمهورية، وقيامه بتحديد اسماء الوزراء وعرضهم على البرلمان للتصويت، وفي حال صوت البرلمان لصالح هذه الحكومة عندها ينتهي عمر حكومة تصريف الاعمال.
يرى خبراء القانون انه في حال أصر عبد المهدي على ترك منصبه اليوم الاثنين، فإن نوابه سيتولون منصبه ولن يكون هناك اي فراغ في عمل حكومة تصريف الاعمال لحين منح الثقه للحكومه الجديده، وان صلاحيات رئيس الوزراء لن تنتقل الى رئيس الجمهوريه طالما ان هنالك نوابا لرئيس الوزراء، فالمادة 81 من الدستور منحت رئيس الجمهورية الحق بالجمع بين المنصبين واشترطت بذلك الفراغ والخلو وهذا لم يتحقق لوجود نواب رئيس وزراء لحكومة تصريف الاعمال التي تستمر لحين منح الثقة للحكومة الجديدة سواء كانت حكومة علاوي أو أي حكومة أخرى يمنحها البرلمان الثقه.
رغم اهمية ما ذكرناه بشان موقف الدستور ازاء ازمة تشكيل الحكومة العراقية، الا ان هذه التفاصيل القانونية لا تهم كثيرا المواطن العراقي البسيط الذي نزل الى الشارع مطالبا بحقه بحياة كريمة في وطن خال من الفساد والفاسدين، وقدم من اجل ذلك اثمانا باهظة، الا انه وللاسف الشديد لم تُقابل هذه التضحيات بما تقتضيه من شعور بالمسؤولية من قبل بعض الجهات السياسية التي مازالت تتصارع على المناصب والمغانم.
اللافت ان تلك الجهات السياسية التي اقامت الدنيا ولم تقعدها، منذ تشرين الاول / اكتوبر الماضي وحتى اليوم، حول ضرورة اختيار شخصيات مستقلة بعيدا عن المحاصصة الطائفية والعرقية والمناطقية، راكبة بذلك موجة الحراك الشعبي العراقي، كانت اول من سقط في إمتحان الوطنية، بعد ان انقلبت على كل شعاراتها التي رفعتها بالعلن، ومارست بالخفاء الضغوط على رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي ، عبر فرض شخصيات سياسية تابعة لها لشغل الوزارات التي من حصتها، رافضة بذلك كل الشخصيات المستقلة التي اختارها علاوي من طائفتها وقوميتها.
يبدو ان تلك القوى السياسة والكتل البرلمانية، ترى في “الشخصية المستقلة” التي طالب بها الشارع العراقي خاصة في وسط وجنوب العراق، هي تلك التي تمثل ذلك الشارع فقط ، ولا ينطبق بالضرورة على شارعها الذي مازال يؤكد على ترشيح “الشخصية السياسية”، وبدون هذه الشخصية لا ترى اي حكومة عراقية النور.
هذه الحقيقة اشار اليها علاوي في كتاب اعتذاره الى رئيس الجمهورية بقوله :”أثناء المفاوضات اصطدمت بأمور كثيرة لا تمت إلى قضية الوطن ومصلحته، ولم أتنازل ولم أقدم المصالح الخاصة على مصلحة البلد، لكن للأسف الشديد كانت بعض الجهات تتفاوض فقط من أجل الحصول على مصالح ضيقة دون إحساس بالقضية الوطنية”.
المطلوب اليوم ان تتسلح جميع الكتل البرلمانية العراقية بالجرأة والصراحة والمسؤولية وان تتخذ القرار الوطني الذي يفرضه الواقع العراقي الصعب لتفويت الفرصة على المتربصين بالعراق والعراقيين الدوائر، والحد من تراكم الازمات و رفض ترحليها الى المستقبل، عبر الاتفاق على حلول وسط بعيدة عن الاستئثار والتهميش، والاتفاق على القواسم المشتركة حتى في حدودها الدنيا، فاذا كانت “الشخصية السياسة” مرفوضة، يجب ان تكون مرفوضة من الجميع، واذا كانت “الشخصية المستقلة” مقبولة، يجب ان تكون مقبولة من الجميع، ولا مكان للانتقائية هنا.
المصدر / العالم