الرئيسية / مقالات / ثمانون عام من الصك

ثمانون عام من الصك

السيمرر/ فيينا / الاثنين 16 . 03 . 2020

محمد جواد الميالي

كلمتان ذاع صيتهما بعد ٢٠٠٣ في العراق، ضمن كلمات كثيرة مستحدثة.. أولاها كلمة “صكاكة” والتي توصف من يقوم بإغتيال الأشخاص علناً..

الثانية “ميليشيا” وهو توصيف لأي فصيل مسلح خارج عن الأطر القانونية للدولة، الأهم أن هذه المصطلحات ألصقت تلاحقاً بالشيعي فقط، وأوهمَ الإعلام الناس بأنهم أول من أسس للإغتيالات والفصائل المسلحة في بلدنا..

تاريخيا أول من “أخترع” السيطرات الوهمية هم أتباع الحزب الشيوعي، أبان فترة حكم الزعيم عبد الكريم قاسم.. وكانوا يعرفون “بالأنصار” وهي المليشيا الرسمية التابعة للحزب الأحمر..

نصبوا السيطرات الوهمية في مداخل ومخارج العاصمة بغداد، بحثاً عمن يخالفهم بالتوجه السياسي من القوميين والبعثيين، وقاموا بأبشع الجرائم في العاصمة الحبيبة آنذاك، وكان عناصرها يتفاخرون بحملهم للسلاح، وكان “الصك” نصيب كل من يخالفهم بالرأي.. فهذه الحركة تعد الأولى في مجال المليشيات الوقحة..

في عام ١٩٦٣ تأسست مليشيا تابع لحزب البعث، وهم عناصر من الحرس القومي، تشكلوا في ظل نظام عبد السلام عارف بعد أنقلاب ٨ شباط ١٩٦٣، وبعدها تم توفير غطاء قانوني شكلي لهم، فهو أحد الفصائل التي تحمل السلاح خارج الأطر القانونية، وكان للفصيل دور في العديد من عمليات التصفية السياسية، التي تستهدف المعارضين للنظام.. وهذا يظهر أن تاريخ الصك العراقي وتأسيس المليشيات، بدأ قبل ثمانين عاما..

منذ تأسيس الجمهورية، قام الساسة بحل مشاكلهم بأقصر الطرق.. الصك! لذلك نجد كثير من الأحزاب، تتجه إلى تكوين فصائل مسلحة لحماية مناصبها.

ما يحدث اليوم من زوبعة إعلامية تتهم قادة الأحزاب “المتأسلمة“ بأنهم مذهب راديكالي يستخدم الكاتم لحل مشاكله، ما هي إلا لعبة سياسية يراد منها أسقاطهم سياسياً، وقد نجحوا نسبيا بذلك فعلاً..

شعبنا اليوم مال لتصديق كذبة أن سمة الإغتيال، وحمل السلاح خارج الدولة، هي صفة للشيعة فقط، لكن الحقيقة غير ذلك إطلاقاً.. لأن الإسلاميين هم تلامذة صغار، عند القومجية البعثية والأنصار من الحزب الشيوعي.. ولو أتيحت للأخير فرصة أن تكون لهم دفة القيادة، لما توانوا في أن يبيدوا نصف العراق من أجل أن تستمر مناصبهم، أما المليشيات الآن فهي مجرد لعبة طفولية بالنسبة لحركة الأنصار..

رغم ذلك فمن المتوقع إزدهار الأغتيالات في الساحات والمقرات هذا العام.. وستخطف “البيك آب” أصحاب البيجات والقادات، والحسم سيكون “لصك” الناشطين والناشطات، ولن يعم عراقنا الهدوء حتى أجراء الأنتخابات، وأصابع الإتهامات سيحولها الأعلام على المليشيات.. الشيعية.

اترك تعليقاً