السيمر / فيينا / السبت 20 . 06 . 2020
عزيز الحافظ
عندما تكون مظلوما… تهرب منك الكلمات عندما تحاول ان تقتنص بعضها ليس للتسطير بل لتعرض لمن يقرأ… لمن يتحسس… لمن يتوجس من بشاعة وضخامة كلمة الظلم!
في العراق بلحظة واحد… وبضغط زر مصعد في عمارة شاهقة نيوريوكية..او في دبي من برج خليفة ذو ال 163 طابق….رمت حكومة العراق مايقارب 261 الف موظف عراقي من الطابق العلوي الشاهق الى الارض دون تريث وتوقفْ مصعدي هل تتصورون تراجيدية المشهد؟ هل يقتنص المشهد المرّوع إنتباهكم؟
ام نضع لكم الموسيقى التصويرية الحزائنية لإستيعاب بشاعة مافعلت الحكومة العراقية؟
لم تتحرك الضمائر هنا.. ولم تتحرك الجامعة العربية ولم تتحرك الامم المتحدة مع إنها جريمة قتل جماعية! لم تتحرك منظمات حقوق الإنسان ولا الاتحاد الاوربي الذي يحرص على سلامة البطريق في المحيط المنجمد! ويحرص على سلامة سلالات من الحيوانات من الإنقراض!
بينما قتل متعمد لعوائل الآف المتقاعدين بدم بارد لايآبه له أحد!مع إنها جريمة قتل جماعية…
هل يعلم العالم ان هناك تظاهرات في العراق منذ ستة أشهر للمظلومين المتقاعدين؟ تظاهرات سلمية وحضارية تعكس صبرهم قبل ثقافتهم! لم يقطعوا طريقا ولم يحرقوا إطارا ولم يعتدوا على ممتلكات عامة أو خاصة.. كانت القيم الإخلاقية نابتةكسريان د م الأوردة والشرايين.. في ضمائرهم النقية… عطّروها وأطرّوها بشغاف قلوبهم.. ولكن يظهر ان هذا النُبل الشاهق لايروق لضمائر غفت في سبات مظلم.. في قلب إي مسؤول حكومي!
مات جورج فلويد الأمريكي مخنوقا..فقامت القيامة في 51 ولاية امريكية..وتعلمون ماحصل ولإن الإعلام العالمي كله غطى تراجيدية الحادثة..بينما قتلت الحكومة العراقية 261 ألف موظفا أبشع من قتلة فلويد دون ان ينبس آحدا ببنت شفة!
السبب بسيط …الإعلام العراقي متحزب لاينقل معاناة الناس.. والإعلام العربي مسيس درجة القرف كما هي حرب البسوس بين الجزيرة والعربية.. والإعلام العالمي يخاف من دخول العراق!وله الحق والحق والحق!
فمن ينقل معاناة فلويدات متقاعدي العراق؟
وهذا العبد الفقير لله يكتب في مواقع ساطعة المواقف وكلها خارج الوطن… ولكن مواقع الوطن الخالدة لاتنشر له!
هل تريدون أن يقطع العراقي المتقاعد المظلوم الطرق في المنطقة الخضراء؟ هل تريدون منهم حمل السلاح كما فعل البعض علنا كردة فعل على تنظيم حكومي لرواتبهم؟ هل تريدون منهم إنشطارات تفاعلية نووية لايمكن السيطرة عليها فيزياويا؟
وتذكرت وقارنت! كيف قطعت بلدية باريس شارع الشانزليزيه… لجموع متقاعديها.. واغلقت كل المحلات التي تمرّ يها التظاهرة.. لتصل الى قلوب سمعت وأنصتت وتفهمت… معاناتها…فهناك إنسانية وهنا نسناسية!
نقولها من قلوب أصبحت خارج القفص الصبري لا الصدري…لن نستكين.. لن تجعلنا الإحزان لقمة سائغة…نحن نحترم الذين وقفوا معنا من نواب الوطن..الاستاذ كاظم الحمامي والدكتورة ماجدة التميمي…تعالوا هنا …إجلبوا هوليوود بكل كوادرها… لكي تنتج لكم أفلاما من أحزاننا تنال مليون أوسكار!تعالوا إسمعوا القصص…وعندما كان الصامت شارلي شابلن يسرق الدمعة من العيون دون مؤثرات صوتية لبراعة صياغاته الانسانية..ستجدون هنا الآف القصص التي تستحق ان تسرق الدمعة من جماهير جورج فلويد..
قلتها الصمت سيد البلغاء…فليس كل مانعلمه نكتبه… فالأنياب الذئبية والأسّدية والنمرية وكل الكواسر… اليوم في العراق جاهزة في ذواتنا المظلومة! لؤاد…من يزهو منتشيا بإنتصاره على صبرنا ومظلوميتنا… النصر واهم رسمه خياله المريض… تريدون قتل أحلامنا؟ وتريدون تشويه صورة لم يرسمها مايكل انجلو ولادافنشي.. ولكن رسمتها بسمة طفل لايعلم معاناة أبوه ولايفقه دمعة امه على مستقبل مجهول…
… هذه الصورة معلّقة في بطين قلب الأب الحزين…وأذين قلب الأم الصبورة….
تذكروا قتل الاف من فلويد المتقاعدين.. جيدا….وتذكروا ان في الوقت متسع للعودة للانصاف ولم يعد فينا الصبر ينتظر مجيء غودو…بواقعية نقول… بلغ السيل الزبى!