السيمر / فيينا / الجمعة 03 . 07 . 2020
سليم الحسني
ربما يقول البعض أن التركيز على واقعة الخميس (٢٥ حزيران ٢٠٢٠) يزيد الاحتقان في منطقة بالغة الخطورة وهي العلاقة بين الحشد الشعبي وبين رئيس الوزراء.
أعارضُ هذا القول بشدة، فما حصل كان حدثاً خطيراً أوشك أن يدخل بغداد وغيرها في فوضى دموية، لكن التعقل من بعض الشخصيات وتدخلهم السريع أطفأ الغضب وأعاد المقاتلين الى ثكناتهم.
بين الحشد الشعبي والحكومة جسر خشبي غير مستقر. موجة طارئة تطوّحه بعيداً. عود ثقاب يحرقه من الضفة الى الضفة الأخرى. سكين خفية تقطع حباله فينهار بأجمعه. ولابد لهذا الجسر أن يُعاد بناؤه وفق أسس ثابتة مستقرة.
حادثة الخميس من وجهة نظر عاطفية، كانت تمثل قوة الحشد واعتزازه بكيانه وكانت دليلاً ميدانياً على أنه يستطيع الضغط ويتمكن من اسقاط الحكومة.
وحادثة الخميس من وجهة نظر عقلانية، كانت تهديداً للأمن الأهلي وخرقاً لسياقات الدولة القانونية، وأن الحاجة الى الضبط والهيكلية يجب أن يُعاد النظر فيها من أجل الحفاظ على الحشد الشعبي كدور يؤدي واجب الدفاع وحفظ الدولة.
هل كانت صولة الحشد على المنطقة الخضراء بقرار مركزي من قيادته؟
بحسب المعطيات المتداولة لم يكن الأمر كذلك. وهذا يعني أن هناك خللاً بحاجة الى مراجعة عاجلة. لقد كانت واقعة الخميس فعلاً ثورياً من قبل بعض قادة الحشد الميدانيين، من دون علم قياداته العليا وأبرزهم فالح الفياض رئيس هيئة الحشد.
رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يكون مداناً ومتهماً وخائناً إذا كان يريد تفتيت الحشد وضربه. وليس هناك ما يدعم هذا الرأي، فالتحليل والتقدير لا يكفي لتحديد المواقف الخطرة. لابد من موقف وقرار يتخذه الكاظمي حتى يمكن تقييم توجّهه من الحشد الشعبي.
ورث الكاظمي في هذا الملف أسوأ قرار من عادل عبد المهدي حين وافق على طلب عدة فصائل بفك ارتباطها بقيادة الحشد. وكأنه أراد أن يضع أزمة جاهزة للتفجر في طريق الحكومة الجديدة. وكان من نتيجة قرار عبد المهدي، أن الكاظمي صار عليه أن يعيد ترتيب معادلة برأسين، كل منهما حار يصعب لمسه.
من الضروري أن تكون الوقفة مشتركة من قيادات الحشد ومن رئيس الوزراء، لإعادة النظر في بعض الثغرات التي يعاني منها الحشد الشعبي، وهي التي تتصل بجماعة من النفعيين تصدّروا بعض مواقعه في الفترة السابقة، وتاجروا بدماء أبطاله وتضحياته ولا يزالون. فمن الطبيعي أن يسعى هؤلاء الى تعطيل أي محاولة لإعادة تنظيم الحشد الشعبي إدراياً وقيادياً، لأنهم يخشون على مصالحهم، ولا ينظرون الى الخدمة التي يمكن أن يلقاها الحشد وأبطاله حين تتم إعادة ترتيبه إدارياً. فهو سيصبح أقوى قدرة، وسيكون أشد تماسكاً، وأكثر ثباتاً من الناحية الرسمية.
في الحشد بعض القيادات فاسدة، لقد كتبتُ عن ذلك قبل أكثر من سنة، وذكرتُ الأسماء، وطالبتُ بمحاسبتها وابعادها عن الحشد، لكي يبقى هذا الكيان نقياً طاهراً بطهر الدم الذي نزف من أبطاله.
لا يكون الدفاع عن الحشد الشعبي، عبر العواطف والشعارات الساخنة، فهذه سهلة على الجميع، لكنها قد تتسبب في تتفتت الحشد من الداخل.
لا يكون الحب والاعجاب والتقدير للحشد عن طريق تنزيه وتبرير مواقف كل قياداته، فهذا يكون سبباً لإضعاف الحشد. ويكون وقوعاً مدمراً في تكرار الخطأ الذي حصل في العملية السياسية واستفاد منه قادة الكتل ففعلوا ما فعلوا.
إن الحرص على الحشد الشعبي، يكون بالحرص على أبطاله وتضحياتهم، فهم الحشد الحقيقي الذي دافع عن العراق ضد تنظيم داعش، وحرر المناطق المحتلة.
بدل أن نغضب، وبدل أن ندين، علينا أن نطالب بدعم الحشد الشعبي والحفاظ عليه من خلال تنظيم هيكله القيادي والإداري لإبعاد التشقق عنه، ولضمان وحدته وقوته وتماسكه.
٢ تموز ٢٠٢٠
الجريدة لا علاقة لها بكل ما طرح من آراء بهذه المقالة