السيمر / فيينا / الخميس 17 . 09 . 2020
أياد السماوي
للأسف الشديد لم أجد توصيفا لحال العراق بعد سقوط الديكتاتورية وانتهاء حقبة البعث المجرم , أدّق من وصفه حديقة بلا أسوار .. في زمن الديكتاتورية وبرغم حروب النظام العبثية وجرائم عصابة البعث التي أذاقت العراقيين الموت والتنكيل والهوان , إلا أنّ حال العراق الدولة , كان ذا سيادة ومكانة وهيبة حتى دخول الكويت عام 1990 .. وحتى بعد جريمة دخول الكويت وصدور قرارات مجلس الأمن ذات الصلة باحتلال الكويت وانتهاكها لسيادة العراق تحت مظلة القرارات الأممية .. لم يكن العراق حديقة بلا أسوار أو وكالة من غير بوّاب يدخل ويخرج منها من هبّ ودّب كيفما يشاء ومتى ما يشاء .. فلم يسمع أحد من العراقيين يوما أنّ مسؤولا عراقيا سافر إلى دولة والتقى بأي مسؤول في هذه الدولة من غير أن يكون مرسلا من قبل الدولة العراقية .. ولهذاالسبب اعترضنا على حكومة إقليم كردستان إقامتها علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية مع دول العالم المختلفة واعتبرنا هذا العمل هو خرق للدستور والقانون , واعتبرنا أنّ صلاحيات حكومة الإقليم تنتهي عند حدود الإقليم .. وما بعد ذلك يصبح من الصلاحيات الحصرية للحكومة الاتحادية .. وبسبب ضعف الحكومات التي حكمت العراق بعد زوال نظام البعث المجرم وضعف رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا , أصبح الجميع يتطاول على صلاحيات الحكومة الاتحادية المسؤولة عن رسم سياسات البلد العامة .. حتى وصل الأمر أن يقوم بعض زعماء الكتل السياسية بلقاء مسؤولين كبار في دول خارجية والتباحث معهم في مستقبل العلاقات مع العراق , وهم لا يتّمتعوا بأي صفة رسمية ومن دون أن يحاسبهم أحدا .. هذا الوضع المنفلت وعدم وجود رقيب , حفزّ بعض الرئاسات لإقامة علاقات مشبوهة مع مسؤولين وأجهزة مخابرات إقليمية ودولية ومن دون أن يحاسبهم أحدا أو يسألهم عن سبب هذه الزيارات المشبوهة , خصوصا أنّ بعضهم استلم أمولا من هذه الدول كما يشاع في مشاريع تتعلّق بإقامة الإقليم السنّي ..
في بيان مقتضب لمكتب رئيس مجلس النواب حول زيارته المفاجئة للكويت أشار فيه أن الحلبوسي وصل الكويت الأربعاء في زيارة رسمية وسيلتقي مع عددا من المسؤولين الكويتيين لمناقشة العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين الشقيقين .. وكون الزيارة رسمية فهي أمّا بتخويل من مجلس النواب للقيام بهذه المهمة , وهذا ليس من صلاحيات وواجبات مجلس النواب التي حددتها المادة 61 من الدستور العراقي .. وتعزيز علاقات العراق مع دول العالم هو من اختصاصات الحكومة الحصرية وليس لمجلس النواب شأن بهذه الاختصاصات .. أمّا إذا كان سفر رئيس مجلس النواب بتوجيه من رئيس الوزراء للقيام بهذا الدور .. فهذه هي الكارثة , فهذا ليس تنازل لمجلس الوزراء عن صلاحياته وواجباته الدستورية فحسب , بل هو تخبّط وتداخل غير مبرّر للصلاحيات .. ناهيك عمّا يشاع من أن رئيس مجلس النواب تربطه علاقات مشبوهة تتعلّق باستلام أموال من حكومة الكويت للتأثير في قرار الحكومة العراقية بمنح الكويت ترخيص يسمح لها بالرّبط السككي بين ميناء مبارك الكبير وأوربا عبر العراق .. وحين تكون الزيارة أثناء وجود وفدا عراقيا للتباحث مع حكومة الكويت حول موضوع الربط السككي , فإن هذه الإشاعات تصبح مريبة ومثيرة للشكوك .. وهذا مما يتطلب التوضيح للرأي العام العراقي الذي يتابع سير المفاوضات , حول حقيقة هذه الزيارة المفاجئة والمريبة في هذا الوقت تحديدا .. السكوت عن هذه الزيارة وغض النظر عنها كما حصل في الزيارات السابقة لأمريكا والأمارات وتركيا والاردن وعدم مسائلته من قبل مجلس النواب العراقي, سيعرّض البلد إلى مخاطر لا تحمد عقباها , وستجعل من العراق فعلا حديقة بلا اسوار … نسخة منه إلى قادة شيعة السلطة المحترمون .. ولا أقول الغمّان ..
في 17 / 09 / 2020