السيمر / فيينا / الثلاثاء 13 . 10 . 2020
سليم الحسني
وصفه رفيق عمره ودربه السيد موسى الخوئي بأنه كان مخلصاً في عمله ورسالته في المجتمع على شاكله أصحاب الإمام علي عليه السلام.
هكذا كان المرحوم الأستاذ عبود مزهر الراضي/ أبو ماجد. فمن النجف الأشرف في تلك السنين الموحشة المظلمة الخاملة، وبعد أن أشعل السيد الشهيد محمد باقر الصدر مصباح الوعي، كان أبو ماجد أحد حملته، مسكَ المشعل بقوة وثبات، ودار فيه على دروب الحياة، يجسد المبدأ بالسلوك، ويعطي الفكرة بالممارسة.
في سجون النظام الصدامي كان العمود الشاخص في الصمود والثبات. في سنوات الملاحقة تنقل على أكثر من مدينة عراقية، يمارس نشاطه الإسلامي السياسي، فالملاحقة عند (الحاج أبو ماجد) لا تعني الاختفاء، إنما الانتقال من ساحة الى ساحة، فالمسؤولية يجب النهوض بها تحت أي ظرف.
وحين ضاق به العراق، وصارت خطوته تتبعها خطوات رجال الأمن، هاجر من العراق. غادره مرغماً لكنه حمله معه، وحمل معه قيمه ومبادئه وخطه، فمضى على ذلك ثابتاً مُصرّاً يرفض إغراءات الدنيا، يصفعها على وجهها حين تريد أن تثنيه عن العمل، يدفعها بعيداً عندما تناديه بالراحة.
لم يتلوث بحرام من الدنيا، عاش فترات صعبة من حياته، يستغني عن الحاجة بعفة النفس، ويقهر عوزها بكد يمينه.
لسنوات طويلة كان الحاج أبو ماجد يتولى مواكب (أنصار الحسين) في مهجره في إيران، وكانت المواكب ضخمة، بل الأضخم في عددها وتنظيمها وحضورها، وخصوصاً في يوم الأربعين. وشاء الله أن تكون وفاته بعد الأربعين بيوم واحد، وكأن الله حباه في آخر ساعاته ليعيش يوم الأربعين.
في زمن السلطة، كان بمقدوره أن يدخل البرلمان بسهولة من يجتاز عتبة الباب، لكنه رفض ذلك، فدوره مع الناس أكبر، وعراق ما بعد سقوط النظام يحتاج الى رجال تعيش هموم الناس وتعايشهم، وكان صادقاً في ذلك مع الله ومع نفسه ومع المجتمع. فالأدوار متعددة ودوره في هذه المساحة الشاسعة من هموم الناس ومشاكلهم واحتياجاتهم التربوية والاجتماعية والثقافية.
رحل الحاج عبود الراضي، نقياً صافياً طاهراً. غادرها بثوب أبيض، أراده أن يكون صفحته التي يضعها في الميزان لتميل به كفته الى العيشة الراضية.
ترك الدنيا، وترك وراءه بناءً عالياً من الصبر والثبات والإخلاص في طريق الوعي والتربية على خط السيد الشهيد الصدر.
رحلتْ علامة كبيرة من علامات ذلك الخط الأصيل.. أبو ماجد غادر الحياة.
١١ تشرين الأول ٢٠٢٠