السيمر / فيينا / الاربعاء 28 . 10 . 2020
أياد السماوي
بعد أكثر من عشرة أشهر من المماطلة والتسويف والالتفاف على قانون الانتخابات الذي كتب بدماء أبناء الشعب المطالبين بالتغيير والإصلاح والرافضين للنظام السياسي القائم الفاسد , أصدر مجلس النواب العراقي قانون الدوائر الانتخابية الذي رسمته بعناية فائقة ريشة أحزاب الفساد التي تحكم بقبضتها على مفاتح الإدارة والتشريع في البلد , في أقذر عملية التفاف على مطالب الشعب في قانون عادل للانتخابات يضمن تفكيك بنية أحزاب الفساد والتسلّط .. التعديل الجديد ابدعت به عقول شيطانية تمرّست على الفساد والخداع وركوب الموجة , هذه العقول الشيطانية استطاعت أن تفرّغ قانون الانتخابات الفردي الذي طالبت به جموع أبناء الشعب من محتواه الذي شرّع من أجله في ظل صمت مريب من المؤسسة الدينية التي طالبت بقانون عادل للانتخابات يمنع تحاصص أحزاب السلطة عبر نظم انتخابية مصممة تصميما خاصا يضمن استمرارها بالاستحواذ على السلطة من خلال هذه النظم الانتخابية .. وهذا ما حدث تماما في قانون الدوائر الانتخابية الذ صمّمه سائرون والحكمة وتحالف القوى العراقية .. ثلاثي الفساد والانحراف والتسلّط في واحد من أغرب التشريعات الشاذة في العالم .. مؤكدين أن الشذوذ في تشريع القوانين هو من اختصاص العراق وأحزابه السياسية الفاسدة , دون غيره من بلدان العالم ..
ومن يتابع مسيرة الانتخابات العراقية في ظل النظام الديمقراطي الجديد الذي أعقب سقوط الديكتاتورية , سيجد أنّ هنالك تعديلا جديدا لقانون الانتخابات يسبق كلّ انتخابات نيابية , وعادة ما يكون هذا التعديل منسجما مع مصلحة ورغبة الأطراف القوية والنافذة الممسكة في العملية السياسية .. وما جرى من تعديل لمادة الدوائر الانتخابية في قانون الانتخابات الجديد لم يخرج عن هذه القاعدة التي نهت عنها المرجعية الدينية العليا مرارا .. ونظام الانتخابات الفردي الذي أقرّه القانون الجديد لا ينسجم إلا مع نظام الدوائر المتعددة نائب لكل دائرة انتخابية , والنظام الفردي مطبّق في 58 دولة في العالم وعلى رأسها بريطانيا العظمى التي تتبع هذا النظام .. ففي بريطانيا 650 دائرة انتخابية ل 650 نائبا في مجلس العموم البريطاني , أي نائب واحد لكل دائرة انتخابية , وهذا هو نظام الانتخاب الفردي والدوائر المتعددة الذي طالب به الشعب العراقي والذي تمّ الالتفاف عليه .. ولهذا نقول للعراقيين جميعا أنّ تضحياتكم ودماء ابنائكم التي سالت من أجل تشريع قانون الانتخابات العادل الذي يضمن تفكيك وزوال هذه الطغمة الفاسدة التي تسلّطت على رقاب الناس , قد ذهبت سدى بسبب تآمر سائرون والحكمة وتحالف القوى العراقية على هذه التضحيات .. ومن يعتقد أنّ الانتخابات القادمة ستأتي له بغير هذه الطبقة السياسية الفاسدة , فعليه بمراجعة نفسه , بل أن الانتخابات القادمة في ظل هذا التقسيم الشاذ والغريب للدوائر الانتخابية , ستكون هي الأسوأ في كلّ الانتخابات التي مرّت بعد سقوط الديكتاتورية .. ليس لنا أن نقول سوى .. إنا لله وإنا إليه راجعون .. ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم ..
أياد السماوي
في 28 / 10 / 2020