أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / جريمة دولة الفساد / الجزء الثاني

جريمة دولة الفساد / الجزء الثاني

السيمر/ فيينا / الخميس 10 . 12 . 2020  

أياد السماوي

في الجزء الأول من هذا المقال كنّا قد تطرقنا إلى بعض الملاحظات العامة التي لم ترد في التقرير الأولي الصادر عن اللجنة النيابية الخاصة بالتدقيق والتحقيق في عقود وزارة الكهرباء .. وشهادة للتاريخ أنّ هذا التقرير الأولي والتقرير المفصّل الذي سيصدر قريبا ما كان ليرى النور لولا ترأس هذه اللجنة من قبل السيد حسن الكعبي النائب الأول لرئيس مجلس النواب .. حيث جائت الرياح بما لا تشتهي السفن .. فاللجنة التي شكّلها رئيس مجلس النواب لاستهداف خصومه كريم عفتان وقاسم الفهداوي .. أخذت مسارا آخرا وتحوّلت من لجنة للإبتزاز والإستهداف السياسي , إلى لجنة لمحاكمة مافيات الفساد في وزارة الكهرباء وما جرى فيها من نهب منّظم للمال العام  من سنة 2005 حتى نهاية سنة 2020 .. مقالنا ( جريمة دولة الفساد ) لا يستهدف اشخاصا بعينهم , بقدر ما هو شرف الأمانة ومسؤولية الكلمة في التصدّي للفساد والفاسدين في هذا البلد مهما كانت  أسمائهم وعناوينهم الوظيفية , وكما قلنا في الجزء الأول من هذا المقال سوف لن تأخذنا في قول كلمة الحق لومة لائم .. انطلاقا من واجبنا الوطني والشرعي والأخلاقي .. وبهذه المناسبة كلّ من يرد أسمه في هذه السلسلة من ( جريمة دولة الفساد ) له الحقّ كلّ الحق في إقامة الدعوى ضدّي أمام القضاء العراقي , فيما لو ذكرت أسمه من دون دليل ..

في مقالنا لهذا اليوم سنعرض للرأي العام والشعب العراقي حجم الأموال التي أنفقت على قطّاع الكهرباء في العراق من سنة ( 2005-2019 ) , ليطلّع الشعب العراقي بالأرقام لهول الكارثة التي تعرّض لها المال العام العراقي في وزارة الكهرباء فقط , ابتداءا من وزارة أياد علاوي عام 2005 ومرورا بوزارات نوري المالكي الأولى والثانية ووزارة حيدر العبادي وانتهاءا بوزارة عادل عبد المهدي المستقيلة .. ولا شّك أنّ المسؤولية الأولى في هذا النهب للمال العام الذي اشتركت به كلّ الحكومات دون استثناء , يقع على عاتق مجلس النواب باعتباره أعلى هيئة رقابية في البلد , المسؤولة عن الرقابة على أداء السلطة التنفيذية كما جاء في المادة 61 / ثانيا من الدستور العراقي , وكذلك الهيئات الرقابية الحكومية المتمّثلة بهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ومجلس مكافحة الفساد والقضاء العراقي ..

حجم الإنفاق الفعلي على قطّاع الكهرباء في العراق من سنة ( 2005-2019 ) كما ورد في تقرير اللجنة الخاصة قد بلغ ( 96,621,901,499,000 ) ست وتسعون ترليونا وستمائة وواحد وعشرون مليار وتسعمائة وواحد مليون وأربعمائة وتسع وتسعون ألف دينار عراقي , أي ما يعادل ( 81,194,874,000 ) واحد وثمانون مليارا ومائة وأربع وتسعون مليونا وثمنمائة وأربعة وسبعون ألف دولار أمريكي .. وهذا هو المجموع الكلّي للمصروفات الفعلية من الموازانات السنوية والقروض والديون بضمانات سيادية وتنمية الاقاليم والمنح .. ولواستثنينا ( الرواتب + مصروفات مقر الوزارة والوائر الساندة + مكتب المفتش العام ) ستكون النسبة المئوية للإنفاق الفعلي على الطاقة الكهربائية ما يقارب ( 80% ) من مجموع الانفاق ابتداءا من سنة 2005 ولغاية نهاية 2019 .. بمعنى أنّ المبلغ الفعلي الذي تمّ انفاقه على قطّاع الكهرباء هو 65 مليار دولار تقريبا .. في هذا التقرير وردت ملاحظات غير معقولة مثلا اختفاء مبلغا قدره ( 1,118,011,500 ) مليار دولار ناتج عن عدم مطابقة المبالغ المتّبقية لعدد من المشاريع المتعاقد عليها من خلال طرح المبلغ المصروف من أصل مجموع مبلغ القروض .. كذلك أورد التقرير وجود اختلاف بين التخصيصات السنوية الفعلية لوزارة الكهرباء والمصرفات الفعلية المثبّتة في سجلات وزارة التخطيط وبفارق مقداره ( 8,630,999,000,000 ) ترليون دينار عراقي , أي ما يعادل 7 مليار و253 مليون دولار ..

وعند مقارنة حجم الأموال التي انفقت على قطّاع الطاقة الكهربائية والبالغة 65 مليار من غير الرواتب والمصروفات الأخرى , بما وصل إليه انتاج الطاقة الكهربائية الفعلي الذي لم يصل قط إلى 20 ألف ميكا واط .. سنقف حينها على حجم الكارثة وهول المصيبة التي حلّت ببلدنا وشعبا , وحجم الجريمة التي اقترفتها حكومات ما بعد 2003 قاطبة ودون استثناء .. سبعة عشر عاما تنهب فيها أموال الشعب العراقي أمام مرأى ومسمع الجميع .. سبعة عشر من النهب للمال العام مارسته كلّ الكتل السياسية دون استثناء سواء كانت شيعية أو سنيّة أو كردية .. حاولت جاهدا أن أجد حكومة واحدة من الحكومات التي تعاقبت على الحكم أو وزيرا واحدا توّلى الوزارة أوكتلة سياسية واحدة لم تتورط في هذا الفساد وهذا النهب للمال العام فلم أعثر .. تابعونا في الجزء الثالث من هذه السلسلة ..

في 10 / 12 / 2020  

 

اترك تعليقاً