الرئيسية / مقالات / التواجد الامريكي في المنطقة والخليج خاصة لأجل السيطرة على حقول النفط

التواجد الامريكي في المنطقة والخليج خاصة لأجل السيطرة على حقول النفط

السيمر / فيينا / الجمعة 18 . 12 . 2020

د . ماجد احمد الزاملي

المتتبـع لسياسـة الولايـات المتحـدة الأمريكيـة تجـاه منطقـة الخلـيج العـربي يمكـن أن يلاحـظ أن هـذه المنطقــة تـدخل في صـلب المصــالح الأمريكيـة، لـذلك صــاغت الولايـات المتحــدة سياســاتها وإســتراتيجياتها حيـال المنطقـة بشـكل واضـح في بدايـة التسـعينيات مـن القـرن الماضـي، إذ تُعـد هـذه المرحلـة مـن أهـم المراحـل الـتي دخلـت فيهـا السياسـة الأمريكيـة مـداخل عديـدة مـن أجـل تأمين المركزية في السيطرة الكاملة على المنطقة، ولاسيما الوجود العسكري المباشر فيها. تدخلت الولايات المتحده بعد الحظر النفطي بصوره كبيره في عملية السلام بـين العـرب واسرائيل ، وضغطت على إسرائيل للتوصل الى إتفاقية فك الإشتباك علـى الجبهـه المصـريه والسوريه وقد قام كيسنجر برحلاته المكوكيه لإقناع الدول العربيه بالدخول في إتفاقيات السـلام ، وكان في كل رحله يتوقف عند المملكه العربيه السعوديه ليُطلع الملك السعودي علـى مسـاعي الولايات المتحده في عمليات السلام ؛ حتى تلبي المملكه مطالب الولايات المتحده برفـع الحظـر. وبالفعل تحقق في إجتماع وزراء النفط العرب في فينا في الثامن عشر من مـارس ١٩٧٤م رفـع الحظر النفطي ، على ان يخضع للمراجعه في إجتماع المنظمه في يونيو ١٩٧٤م. احدث الحظر النفطي ضجه إعلاميه كبيره في الولايات المتحده وفى الدول الغربيه بصـوره عامه. فقد كثر الحديث عن ازمة الطاقه وآثارها السيئه على الإقتصاد الامريكي والعالمي. كـان تعبير ازمة الطاقه يرمزون به لإحتمالات بروز نقص متزايد في موارد النفط إزاء نمـو الطلـب والاستهلاك للنفط نتيجه لتوسع في الصناعه وفي الاستخدامات المختلفه. وعملت الولايات المتحده للحد من خصائص الهويه الحضاريه والثقافيه لشعوب الدول العربيه فـي المنطقه ؛ حتى تفقد تلك الشعوب هويتها فيسهل بذلك إدماجها في الثقافه الامريكيـه ، والسـيطره عليها للإستفاده من مواردها الاقتصاديه. وذلك عن طريق نشر الثقافه ونمط الحياه الامريكي فـي المنطقه من خلال نشر السلع الامريكيه ، مثل المأكولات السريعه الجاهزه ، والملابس الامريكيـه ، ونشر الافلام الامريكيه بصوره كبيره حتى اصبح نمط الحياه الامريكى منتشر بصوره واسـعه فى المنطقه. وقد أدت التغيرات التي شهدها النظام الدولي بعد إنتهاء حقبة الحرب الباردة وما ترتب عليها من هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على الشؤون الدولية، وغياب القطب المنافس لها، إلى التسريع بالسياسة الأمريكية الرامية إلى فرض هيمنتها على المنطقة. وقد كشف الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب في خطابه عن حالة الإتحاد أمام الكونغرس بتاريخ ٢١/١/١٩٩٠ عن السعي الأمريكي لإحتلال منابع النفط بقوله” إن الولايات المتحدة تقف على أبواب القرن الحادي والعشرين، ولا بد أن يكون القرن الجديد أمريكيا بمقدار ما كان القرن الذي سبقه، وهو القرن العشرين قرنا أمريكيا وهذا بالطبع ليس ممكنا إلا بالسيطرة الكاملة على النفط وإحتياطياته، وفائض البترودولار”.
إندفع التخطيط الإستراتيجي النفطي الأمريكي إلى الإهتمام ، بمنطقة الخليج العربي والعراق ، ومما دفع في هذا الإتجاه هو إدراك الدول الغربية عموما وعلى وجه الخصوص إن الأوضاع الأمنية في منطقة الخليج العربي غير مستقرة، إذ تعاني من إضطرابات كبيرة، مما يجعل مستويات المعيشة في الدول الصناعية رهينة لتلك الأوضاع التي تهدد المنطقة، والتي من شأنها أن توقف إمدادات النفط إلى الدول المستهلكة، وتؤدي إلى رفع أسعار النفط إلى مستويات غير مقبولة بالنسبة لها، فضلا عن إحتمال تغيير الأنظمة المؤيدة للغرب مما يؤثر سلبا مستقبلا، الأمر الذي إضطر الولايات المتحدة إلى توجيه ً الأنظار إلى منطقة الخليج العربي والعمل على تأمين وصول الإمدادات النفطية من الدول المنتجة إلى الدول المستهلكة، مما يترتب عليه لاحقا ربط مسألة أمن منطقة الخليج العربي بالأمن القومي الأمريكي. ومع بروز قوى جديدة على المسرح الدولي إضافة إلى روسيا ,الصين والهند وغيرها من الدول الطامحة إلى بناء كيانات اقتصادية والإسهام في تكتلات اقليمية ودولية، و في ظل حالة الاستقطاب والمحاور التي أفرزتها أحداث العالم العربي بعد ما سمي بثورات “الربيع العربي”، والتطورات السياسية والإقتصادية التي يشهدها معظم بلاد العالم النامي وبخاصة الدول النفطية، تطلعت الدول المنتجة للنفط إلى السيطرة على ثروتها الأساسية وهذا ما سعت اليه دول منظمة اوبك من خلال الوقوف في وجه الانهيار المريع في اسعار النفط. ومع نهاية العقد الأول من القرن الحالي، وتزايد الطلب العالمي وبخاصةٍ من الصين ودول آسيا على الإنتاج الصناعي والسلعي، كان من الصعب على “أوبك” والدول المنتجة للنفط، أن تضع سياسة موحدة للطاقة تلتزم بها، وذلك لاختلاف ظروف كل دولة من ناحية درجة الإكتفاء الذاتي في إنتاج الطاقة. ونظرًا لإختلاف كل منها فيما يتعلق بوجود مصالح بترولية لها خارج حدودها، فقد أدى هذا الاختلاف إلى تراجع التعاون بين الدول الأوروبية الغربية والصناعية عمومًا في مجال الطاقة. وفي كثير من الدول وبخاصةٍ الولايات المتحدة، لم ينعكس الإرتفاع الشديد في أسعار البترول الخام على أسعار المنتجات البترولية بالقدر نفسه، وذلك بسبب عدم وجود علاقة مباشرة بين سعر البترول الخام وسعر المنتجات البترولية. وتوضيحًا لذلك نذكر، أنه قبل رفع الأسعار عام 2003، كانت حكومات الدول الأوروبية تفرض ضرائب عالية على استهلاك المنتجات البترولية لأسباب خاصة بميزانيات هذه الدول. فلما ارتفعت أسعار البترول ارتفاعًا شديدًا في أواخر العام 2007 وبداية عام 2008، لم ينعكس هذا الإرتفاع بالكامل على أسعار المنتجات البترولية. وقد تفاوتت الدرجة من دولة إلى أخرى. كما بقيت أسعار المنتجات البترولية رخيصة بصورة واضحة في الولايات المتحدة الأميركية، مما شجع على ارتفاع مستوى الإستهلاك .
يتبني الرئيس الامريكي ترامب سياسة العزلة البناءة، ومبدأ “أمريكا أولا”، والتي تمهد لتحول كبير في السياسة الخارجية الأمريكية على نمط ما قام به الرئيس الأسبق مونرو عام 1821. وتقضي هذه السياسة بتفعيل الموارد الكامنة. سواء كانت طبيعية، أو بشرية، أو تكنولوجية، لإعادة بناء الولايات المتحدة كفاعل رئيسي في النظام الدولي، وعدم الانغماس في الصراعات الإقليمية، كما يحدث في منطقة الشرق الأوسط. ولا شك في أن محدودية الدور الأمريكي ستفرض قيودا على حركة وخيارات السياسة الأمريكية، وتدفعه إلى التقارب والتنسيق مع اللاعبين الدوليين، كروسيا، واللاعبين الإقليميين، كتركيا ودول الخليج، عند التعامل مع أزمات وقضايا المنطقة، مثل مشكلة الإرهاب واللاجئين. لكن في حالة إبداء ترامب ثقة أكثر من أوباما تجاه موسكو، وسعيه لبناء علاقات أقوى معها، فإن الفجوة بينه وبين النخبة العسكرية والاستخباراتية الأمريكية تزداد.
و سياسة إدارة ترامب تجاه الشرق الأوسط تشهد تغيرات نسبية عن سياسة إدارة أوباما، في ضوء تصريحاته ومواقفه، لكنها لن تكون استنساخا من سياسة إدارة بوش الابن، وتجربة المحافظين الجدد. كما أن هناك حدودا لحجم ومدي التغير في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة في عهد إدارة ترامب، نتيجة لتعقيدات وتشابكات المصالح، وتطورات الأحداث على الأرض، وظهور متغيرات جديدة، مثل تصاعد الإرهاب، وبروز لاعبين فاعلين، وخريطة التحالفات الجديدة بالمنطقة، وتغيرها بشكل مستمر. وسيكون التغيير محدودا مقارنة بالتحولات الأخرى المتوقعة من جانب الإدارة على المستوي الدولي، سواء في علاقات الولايات المتحدة مع أوروبا، وحلف الناتو، والمحيط الهاديء، أو موقفها من العولمة. كما سيكون التغيير محصورا في الآليات، حيث سيكون الاعتماد بشكل أكبر على الآليات الصلبة، مثل استخدام القوة العسكرية، والغارات الجوية، والعقوبات. كما ينحصر التغيير في قضايا محددة، مثل الحرب على الإرهاب، ومواجهة “داعش”، والعلاقات الأمريكية – الإيرانية، والتقارب مع روسيا في سوريا، والانفتاح على مصر. لكن من غير المتوقع حدوث تغييرات جذرية فيما يتعلق في بقية القضايا. لكن إدارة ترامب تشكل مرحلة جديدة، ومختلفة في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.

 

اترك تعليقاً