السيمر / فيينا / الاحد 20 . 12 . 2020
أياد السماوي
إلا تراب .. جملة ردّدها المجاهد أبوعزرائيل خلال الحرب على الإرهاب وأخذت حيّزا كبيرا في الحرب النفسيّة ضد تنظيم داعش الإرهابي , حتى بات الجميع يهتف بها كنوع من الإصرار على مقاومة داعش والقضاء عليها .. ويبدو أنّ رئيس وزراء الغفلة الذي جائت به قوى الفساد من قاع التّخبط والتّحلل اللا أخلاقي , قد استلهم هذا المعنى وقرّر أن يسلّم العراق ترابا ويرحل إلى المجهول الذي جاء منه .. فهل يعقل أنّ رئيسا للوزراء يقترض من البنوك والمؤسسات المالية الدولية والمحلية مبلغ قدره 29 مليار دولار في اقل من ستة أشهر فقط دون أن يتمّكن من إيقاف الإنهيار الاقتصادي ؟ أي لعنة هذه التي حلّت على العراق والعراقيين ؟ ويبقى السؤال الأكبر من الذي جاء به وكيف تسلّل إلى مواقع المسؤولية في الدولة ومن الذي سهلّ وعبدّ له هذا الطريق الشائك ؟ وما هي مؤهلاته كي يصبح رئيسا للوزراء ؟ وهل فعلا ما تشيعه بعض الأوساط المقرّبة من حيدر العبادي أن محمد رضا السيستاني هو من رشّحه لمنصب مدير جهاز المخابرات العراقية ؟ .. وهل صحيح أنّ مقتدى الصدر قد اشترط على هادي العامري القبول بترشيح مصطفى الكاظمي مقابل سحب تأييده لترشيح عدنان الزرفي كما يشاع أيضا ؟ .. هل باتت نبوءة عزّت الشابندر أن الكاظمي سيكون آخر رئيس للوزراء للعراق قبل الفوضى واقع حال لا مفرّ منه ؟ وهل من سبيل للخروج من هذه اللعنة التي حلّت بنا ؟ …
في خطوة متوّقعة لحكومة رئيس وزراء الغفلة يوم أمس , أقدم البنك المركزي العراقي على تخفيض قيمة الدينار العراقي من 1190 إلى 1450 مقابل الدولار الأمريكي ليتسبب هذا القرار بارتفاع كبير في المستوى العام للأسعار وفوضى اقتصادية لم تشهدها السوق العراقية منذ سقوط النظام الديكتاتوري .. في البلدان الصناعية المتقدمة الكبرى كثيرا ما تلجأ حكومات هذه البلدان إلى تخفيض قيمة عملاتها عندما يكون هنالك اختلالا في غير صالح ميزانها التجاري , ومثل هذا الإجراء سيؤدي إلى تصحيح هذا الاختلال من خلال زيادة صادراتها من السلع والخدمات التي ستصبح أرخص من السلع المماثلة لها في البلدان المنافسة , وهو إجراء اقتصادي صحيح لا غبار عليه .. أمّا في البلدان ذات الاقتصادات الريعية التي تعتمد على الاستيراد مثل العراق , فإن قرار تخفيض قيمة العملة سيؤدي إلى ارتفاع أسعار كلّ السلع والخدمات .. وسيكون المتضرر الأكبر في مثل هذه الخطوة هم طبقات وشرائح المجتمع الفقيرة والمتدنية .. ويبدو أنّ رئيس وزراء الغفلة قد وصل إلى قناعة أنّ تحقيق الإصلاحات الاقتصادية المتمّثلة بتخفيض النفقات العامة للدولة وتعظيم الإيرادات , أمر غير ممكن بل مستحيل في ظل سيطرة هذه الكتل والأحزاب الفاسدة على إدارة جميع مؤسسات الدولة بما فيها البنك المركزي نفسه الذي هو أساس الفساد والنهب للمال العام .. ولهذا عمد إلى أسلوب ترحيل عجزالموازنة القادمة على كاهل الطبقات الفقيرة و المعدمة من الشعب .. وقرار تخفيض قيمة الدينار مقابل الدولار الأمريكي سيؤدي إلى تخفيض القيمة الحقيقية لرواتب جميع الموظفين في الدولة بنسبة تصل إلى الربع ,كما ستؤدي إلى إرتفاع المستوى العام للأسعار في البلد بنسبة لا تقلّ عن 60% .. وهذا الارتفاع سيزيد من فقر أبناء الشعب ويزيد من معاناتهم وآلامهم , وسيؤدي إلى ازدياد نسبة معدلات الجريمة والانحطاط الأخلاقي في البلد .. ويبقى السؤال هل كان هذا الإجراء هو آخر العلاج ؟ أم أنّ هنالك إجراءات بديلة وفاعلة لا يقوى عليها رئيس وزراء مثل مصطفى الكاظمي الذي لا يعرف أنّ أردوغان هو رئيس الجمهورية التركية وليس صديقا مشتركا لها ؟؟؟ …
في 20 / 12 / 2020
الجريدة غير معنية وغير مسؤولة عن كل ما تم طرحه من آراء داخل المقال ، ويتحمل كاتب المقال كامل المسؤولية