الرئيسية / مقالات / تنبهوا وإحذروا أشد الحذر .. لماذا تضغط أمريكا لتدوير الكاظمي .. إرفضوه؟
الكاتب القدير الأستاذ محمد ضياء عيسى العقابي

تنبهوا وإحذروا أشد الحذر .. لماذا تضغط أمريكا لتدوير الكاظمي .. إرفضوه؟

السيمر / فيينا / السبت 08 . 01 . 2022  

محمد ضياء عيسى العقابي

أعلنت عدة أطراف من قوى الإطار التنسيقي أن ضغوطاً خارجية تُمارس من أجل إعادة تكليف مصطفى الكاظمي لرئاسة مجلس الوزراء. المقصودة بـ “الخارجية” بلا شك هي أمريكا الإمبريالية أو إحدى توابعها سواءً في أوربا أو في المحيط أو في الداخل. فإن تكلمت هذه التوابع في الشأن العراقي حصراً فهي تعبر عن رغبات الإمبريالي الأمريكي طواعيةً أو إكراهاً.

لقد أكد مقتدى الصدر هذا التوجه بتدوير الكاظمي لولاية ثانية، إذ ما أن أعلنت النتائج الأولية للإنتخابات المزورة وأُصيب معظم الناس بالذهول حسِبَ  مقتدى أن لعبة تزوير الانتخابات قد إنطلت على الجماهير فراح بمعية البعض من أعداء الديمقراطية الذين أطلقوا التصريحات النارية مشيدين بـ “أنزه” انتخابات جرت في العراق. عندئذ صرح مقتدى قائلاً: “لم يكن الكاظمي منا ولكننا الآن سنضمه الى صفوفنا”.

أعتقد أن مقتدى كان في غاية الإنشراح لأن الكاظمي الذي فرضه مقتدى بالإبتزاز، بمعونة الأمريكيين ورئيس الجمهورية برهم صالح، قد نجح، أي الكاظمي، في تمرير الانتخابات المزورة وهكذا  إقتنعَ وكذلك مقتدى والأمريكيون بأنه فتح الباب واسعاً أمام نفسه ليتولى رئاسة مجلس الوزراء ثانية ويحقق كل آمال الأمريكيين بالبقاء في العراق وحل أو تجميد الحشد الشعبي ليصبح المجال مفتوحاً أمام الأمريكيين للإنطلاق لتنفيذ مشاريع خطيرة في المنطقة وشرق آسيا والعالم كما سيأتي، ويحقق آمال مقتدى أيضاً وهي حل الحشد الشعبي و”تعريب” المرجعية ليصبح هو “إمام أئمة العراق” بعد دفن الديمقراطية، ويحقق آمال الطغمويين(1) والإنفصاليين البرزانيين ولو لفترة تثبيت الذات.

يريد الكاظمي أن يقيم علاقة “شراكة” مع الأمريكيين، حسب تصريح له بُعَيدَ أن سخر منه ترامب وحقّره، غير عارف هذا الساذج، كما سيده مقتدى، أن روسيا التي تستطيع إغراق أمريكا في المحيطين خلال عشرة دقائق لا غير بفعل صواريخها فرط الصوتية (الهايبر سونيك) التي تبلغ سرعتها (20) مرة سرعة الصوت والقادرة على المناورة وتجاوز دفاعات العدو، مع ذلك فإن أمريكا الإمبريالية لا ترضى بالتعامل مع روسيا على قدم المساواة وبسلام كشركاء وأصدقاء علماً أن سرعة صواريخ أمريكا لا تتعدى خمسة أضعاف سرعة الصوت أي (سوبرسونيك) حسب أحدث تصريحات للبنتاغون (وليس لترامب(2) البهلوان). أمريكا تريد عملاء ولا تريد شركاء ومن يعتقد غير ذلك فهو حالمٌ، ومقتدى والكاظمي يريدان بناء شراكة مع أمريكا… فهنيئاً للعراق!!!!

أخيراً في هذا الصدد فقد ذكر الباحث الإسلامي السيد نجاح محمد علي بأن مقتدى إتصل بقيادي في الإطار التنسيقي مروِّجاً لإعادة ترشيح الكاظمي.

السؤال الجوهري هو: لماذا الضغوط، خاصة الأمريكية، لصالح الكاظمي؟

إحتار الأخصائيون الإقتصاديون العراقيون بمغزى إقدام حكومة الكاظمي على تخفيض سعر الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي. أما الناس فإنهم يئنون تحت أوجاع الإرتفاع المفاجئ في تكلفة معيشتهم التي سببها هذا التخفيض. وأصبح هذا محور حديث الناس صباح مساء.

المعروف عموماً أن تخفيض عملة بلد ما هو آلية إقتصادية يقصد منها تشجيع تصدير السلع المنتَجة في ذلك البلد وذلك بجعل أسعارها تنافسية مع مثيلاتها في الأسواق العالمية. لكن أين هي تلك السلع العراقية التي يريد الكاظمي تصديرها؟ الجواب: لا توجد(3). لماذا، إذاً، ذلك التخفيض القاسي والمحيّر للدينار؟

لاشك أن هناك ترتيب ما يفرضه صندوق النقد الدولي لصالح مخططات أمريكا داخلياً وعالمياً. ولكن هناك أمر آخر يخص العراق بالذات. فقد يكون تخفيض سعر الدينار يخدم هدفي أمريكا في العراق ولصندوق النقد سوية أو قد يخدم أحدهما وهو الهدف الأمريكي في العراق منفرداً. على أي حال فما تريده أمريكا في العراق هو على الوجه التالي:    

أعتقد أن الجواب الشافي لما يقف وراء تخفيض سعر الدينار يرتبط بما نشرته قبل أشهر قليلة إحدى أمهات الصحف الأمريكية (للأسف أضعتُ إسمها وتأريخ النشر بالدقة). لقد نقلت تلك الصحيفة عن القيادات العسكرية الأمريكية العليا بأن أمريكا ستشكل فرقاً في العراق وسوريا لمحاربة داعش.

أولاً: يفسر هذا سر إزدياد نشاطات داعش هنا وهناك في هذه الفترة. لدي قناعة راسخة أن الطغمويين والإنفصاليين البرزانيين يساعدون داعش من أجل إيجاد الذريعة لبقاء القوات الأمريكية وبالتنسيق معهم ولو على حساب أرواح مواطنيهم العراقيين مدنيين وأمنيين وبيشمركة الذين تقتلهم داعش.

ثانيا: الحشد الشعبي هو المستهدف:

حاولت أمريكا تفعيل هذا المشروع، أي تشكيل فرق لـ “مقاتلة داعش”، في سوريا شرق الفرات أولاً، بعد فترة قصيرة من ظهور تقرير الصحيفة، عبر “حلفائها” “قوات سوريا الديمقراطية” المشابهة لقوات الإنفصاليين البرزانيين في العراق وكلاهما عميلان لأمريكا الإمبريالية، إلا أن القبائل في تلك المنطقة قد رفضت تلك الدعوة رفضاً قاطعاً وأكدت إلتزامها بالولاء للحكومة السورية الشرعية التي حاربت ودحرت داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية المدعومة من جهات عديدة إمبريالية عالمية وإقليمية كإسرائيل وتركيا وقطر والسعودية والإمارات والأردن. لقد إنتصرت سوريا بفضل صلابة جيشها ودعم حزب الله والجمهورية الإسلامية وروسيا.

وبعد ذلك بقليل حاولت أمريكا إقامة معسكرات “للتدريب” في منطقة ديالى العراقية بالقرب من الحدود الإيرانية، إلا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد هددت بقصفها(4) إذا ما تم تطويرها ولم نسمع عنها شيئاً بعد ذلك، ربما كانت لجس النبض وحسب، وقد يكون البديل المستقبلي لها في أربيل. 

أعتقد أن هذه المحاولة كانت تندرج ضمن محاولة تفعيل المشروع الإمبريالي في العراق كما نشرته الصحيفة الأمريكية المشار إليها سلفاً.

ثالثاً: الترابطات:

ما علاقة هذا بذاك أي ما علاقة خفض سعر الدينار بتشكيل فصائل لـ “محاربة داعش” وما علاقة الموضوعين بتجديد ولاية الكاظمي؟ وما علاقة محاولة بريطانيا، نيابة عن أمريكا، تأجيلَ موعد الانتخابات قبل أن ترضخا صاغرتين لإرادة أحزاب الإطار التنسيقي الداعمة للديمقراطية بإخلاص؟ وما علاقة كل ذلك بالتشكيك بصحة خروج القوات الأمريكية من العراق وإتهام الكاظمي والأمريكيين بالتحايل ومحاولة الخداع؟ وما علاقة عدم تعيين الخريجين في الوظائف التي وفرها الدكتور عادل عبد المهدي (تقارب ألـ 200 ألف درجة) عبر تخفيض سن التقاعد؟ وما علاقة كل ذلك بتكثيف محاولات نشر التحلل الأخلاقي في المجتمع العراقي والترويج للتطبيع مع العدو الصهيوني؟ وما علاقة الحملة التشهيرية والتلفيق الممنهج ضد الحشد الشعبي بكل هذه الأمور؟ وما علاقة محاولة مقتدى الصدر إقصاء إئتلاف دولة القانون من المنتظم السياسي ومحاولته الهيمنة على الموقف السياسي بحجة “الأغلبية الوطنية” وبالإبتزاز؟ ولماذا زُوِّرت الانتخابات؟ ولماذا نشطت داعش في هذه الأوقات بالذات؟

أعتقد أن كل هذه الأمور مترابطة مع بعضها البعض في مشروع واحد متعدد المحاور وتصب كلها في مجرى واحد لخدمة هدف أمريكي يائس يرمي إلى وقف تدهور أمريكا الإمبريالية، التي دخلت عصر الهوان، عبر الذهاب الى مغامرات ضد دول مسالمة لكنها قوية وقد تتسبب أمريكا بمغامراتها بإشعال حرب نووية ولو أنها تكون أول المتضررين منها كما شرحتُ سلفاً. وستبيع أمريكا لتنفيذ مشروعها آمالاً خيالية خادعة للطغمويين بإعادة السلطة لهم، وللإنفصاليين البرزانيين بمنحهم مملكة برزانية على حساب الأهداف النبيلة التي ناضل من أجلها الشعب الكردي طويلاً، ولمقتدى الصدر ، بدعمه من أجل “تعريب” المرجعية وتنصيبه بديلاً عنها.

وأرى أن الكاظمي، وبإملاءات أمريكية، تفنن في الضغط على الجماهير العراقية إقتصادياً بقصد دفعها إلى حدود اليأس كي يبلعوا الطعم ويقعوا في الفخ الأمريكي الذي سأتطرق له، وخاصة خريجي الكليات من العاطلين عن العمل الذين لم يستثمر الكاظمي الدرجات الشاغرة، التي أوجدها الدكتور عادل عبد المهدي عبر تخفيض السن التقاعدي، لنجدتهم.

وعندما تنضج الظروف على هذا المنوال ويتم تبخيس كل شيء وتحقير القيم الدينية والوطنية بل حتى قيمة الحياة نفسها ويُستهان حتى بالحشد الشعبي ومن دعا إليه ومن يدعمه، وبعد أن يتم إصلاح إخفاقات “ثورة” تشرين الملوَّنة عام 2019 وخلط الحابل بالنابل تماماً، عندئذ يفتح الكاظمي بابَ السماء ويدعو الخريجين العاطلين الى التطوع ليصبحوا ضباطاً بعد دورة تدريبية قصيرة في “سرايا الحشد الوطني لمقاتلة داعش وتأسيس الدولة المدنية” إلى غير ذلك من العناوين المشبعة بالخبث والسفالة!! وهذه هي الفرق “لمقاتلة داعش” التي تحدثت عن تشكيلها الصحيفة الأمريكية.

ظن الأمريكيون والكاظمي ومقتدى أن جماهير الخريجين من العاطلين ومن غير العاطلين سيتهافتون على “جنة” الكاظمي الأمريكية بالإنضمام الى تلك الفرق.  

وإذا سارت الأمور بيسر على هذا المنوال سوف لا تتأخر حكومة الكاظمي، عندئذ، عن إصدار أمر بحل الحشد الشعبي “المتطرف” (حسب تنويه رئيس الجمهورية بتأريخ 5/1/2022) لـ “وجود بديل وطني له” حتى دون المرور بمجلس النواب إذا لم يستطع مقتدى حشد الأعداد الكافية من النواب لإصدار قرار بحل الحشد قبل الدعوة الى التطوع.

بتقديري، يفضل الأمريكيون مسار الأغلبية البرلمانية، حسب المادة 76 من الدستور، لحل الحشد الشعبي لأنهم جربوا تجاوز البرلمان والأحزاب الوطنية الديمقراطية وفشلوا وذلك يوم أوعزوا لبرهم صالح، رئيس الجمهورية و”حليفهم”(5)، بتكليف عدنان الزرفي لرئاسة الوزراء متجاوزاً الطريق الدستوري عن قصد وتصميم بغية الإستهانة بمجلس النواب والديمقراطية العراقية وفتح الباب لتجاوزها على طول الخط، ومهدداً الشيعة بحرب يشنها عليهم مقتدى الصدر إذا أصروا على الأخذ بمبدأ الأغلبية البرلمانية التي حققوها، فردوا عليه بإستعدادهم للقتال إذا لن يتراجع عن ترشيح الزرفي بتلك الطريقة، فتراجع برهم وخنع وفهم الأمريكيون الدرس لذا لجأوا، هذه المرة، إلى طريق خادع بديل وهو تزوير الانتخابات بقدر واسع فصمموا عملية تزوير الانتخابات بفجاجة ووِسْع لأنهم لم يستطيعوا تأجيلها وكسب الوقت لتضبيط مفاصل التزوير لتكون أكثر إقناعاً للجماهير.

 عندئذ وحسب حسابات الأمريكيين وعملائهم من العراقيين والخليجيين، يصبح الحشد الشعبي في خبر كان وهذا هو بيت القصيد من وراء “تشكيل وحدات لمحاربة داعش” و تخفيض قيمة الدينار، ليبدأ تدريب التشكيلات الجديدة وخاصة التدريب النظري ليُستجلب لهم خبراء في علم النفس للتلاعب في الأفكار وتصبح في النتيجة إسرائيل هي الحليفة الوديعة ما يقتضي التطبيع معها ويصبح الشعب الفلسطيني ومقاومته والمقاومة اللبنانية وإيران وجميع أطراف المقاومة في سوريا واليمن والعراق هم الإرهابيون مما يستوجب قمعهم.

إن الحشد هو العقبة الكأداء أمام إمساك الإمبرياليين الأمريكيين بتلابيب الوضع العراقي بكيفية مطلقة وبلا منازع لينفتح الطريق أمام الإمبرياليين الأمريكيين لسَوق أبناء العراق إلى سوح الوغى خدمة لمصالح الإمبريالية الأمريكية فيقاتلون جارتنا الطيبة إيران الداعمة للقضية الفلسطينية وصولاً إلى الحدود الصينية والروسية، الدولتين الصديقتين لنا، وربما إختراق حدودهما والعمل بمعية داعش هناك. وسيتم تمويل كل هذه الحروب والنشاطات العدوانية بأموال النفط العراقي أي تشن أمريكا حروبها الإمبريالية ضد الجمهورية الإسلامية البطلة وضد الصين الإشتراكية وروسيا المشبعة جماهيرها منذ أيام الإتحاد السوفييتي بالروح الأممية – تشنها بالشباب العراقي وأموال النفط العراقي وعلى حساب السيادة والإستقلال العراقيين. تعاونُ أمريكا في هذا الجهد قلةٌ من العملاء والمغفلين مصطفى الكاظمي وبرهم صالح والإنفصالي البارزاني والطغمويون وحكام السعودية والإمارات وحفنة من المستثقفين.

أما الجماهير العراقية فكانت ستُعطى الحدَ الأدنى من وسائل العيش مع الإكثار من وسائل الترفيه كالكباريهات والمراقص والبارات وما شاكل.   

 لماذا إستهداف الخريجين؟

أعتقد أن الأمريكيين حسبوهم سهلي التلاعب في أفكارهم بـ “فضل” المستثقفين “التقدميين” العراقيين الذين شوشوا أفكارهم وأفكار الجماهير ككل. فالشباب، وهم في ضنك العيش القاتل وبحجة مقاتلة داعش، يسهل غرز أفكار مشوهة فيهم تستند، على سبيل المثال لا الحصر، إلى ما صرح به الرئيس أوباما إلى الصحفي المعروف عالمياً توماس فريدمان عندما دخلت داعش إلى العراق وقبلها إلى سوريا، إذ قال أوباما لفريدمان بالحرف الواحد: “إضطهد الشيعةُ في سوريا السنةَ وإضطهد شيعةُ العراق السنةَ فأصبح السنةُ دواعشَ”!!!!.

يجب ألا ننسى أن عدداً لابأس به من شباب الوسط والجنوب في “ثورة” تشرين الملونة قد وقعوا ضحية التآمر الأمريكي الذي نفذه عملاء أمريكا من العراقيين وساعدهم مقتدى وأتباعه الجهلة. لذا فعلى القوى الديمقراطية وبالأخص الإسلامية منها بذل جهود إستثنائية لتوعية الجماهير بمؤامرات الإمبريالية الأمريكية التي لم ينقطعوا عن نسجها حتى قبل إحتلال العراق وإلى هذه الساعة.

خلاصة:

هذه هي الخطوط العريضة للمؤامرة الخطرة التي تحاك حاليا ومنها يتبين أن تعويل أمريكا ينصبّ على مصطفى الكاظمي مدعوماً بمقتدى الصدر. لهذا فمسالك عديدة تُسلك حالياً من قبل أمريكا و “حلفائها” لإعادة تدوير مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزارة لإنه منغمس بها منذ فترة ويريدون إستمراره لإستكمال تنفيذ المشروع.

عليه تقتضي المصلحة الوطنية من جميع الشرفاء وخاصة أطراف الإطار التنسيقي أن يتراصوا ويوحدوا صفوفهم للحيلولة دون إعادة تكليف الكاظمي لرئاسة الوزارة وإبعاده من منصب مدير المخابرات لأنه متآمر بإنحطاط فلا يؤتمن وربما قد يحاكم كمتهم في جريمة إغتيال الشهيدين المهندس وسليماني.  

هذا ولابد من التأكيد على وجوب إخراج القوات الأمريكية بأي صفة كانت فهي أس البلاوي والمصائب في العراق وغير العراق، وتقليص حجم السفارة وإزالة السلاح منها وخاصة منظومات الباتريوت والـ (سي رام).

هنا لابد من فضح المسعى من البعض من اجل إبقاء القوات الأمريكية بطريقة ضنّوها ذكية إلا أنها لا تنطلي إلا على الجهلة حينما دعوا إلى تقديم طلب إلى مجلس الأمن للموافقة على إخراج القوات الأمريكية وهي خطوة لا مبرر لها بتاتاً، بحجة أن الأمر داخلي وليس من إختصاص مجلس الأمن؛ وإذا أقحم، إفتراضاً، أحد الفاسدين مجلس الأمن في الموضوع كما أقحمه الكاظمي في مراقبة الانتخابات (لا ريب بإشارة من الأمريكيين) فسوف تنقضه بالفيتو كل من روسيا والصين لعدم الإختصاص أولاً ولوجود قرار برلماني عراقي يقضي بإخراج القوات الأجنبية من العراق والأولوية في مثل هكذا حالات يكون للصوت الوطني أي مجلس النواب العراقي لا غير.   

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1): الطغموية والطغمويون: برجاء مراجعة أحد الروابط التالية للإطلاع على مفهوم “الطغموية والطغمويون” :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=548749

http://www.akhbaar.org/home/2017/2/224768.html

http://saymar.org/2017/02/26151.html

http://www.alnoor.se/article.asp?id=316882

http://www.alqosh.net/mod.php?mod=articles&modfile=item&itemid=37857

https://i-nf.net/mediaforum/?p=8137

(2): قال ترامب إن أمريكا تمتلك صواريخ بسرعة (17) مرة سرعة الصوت. وقال إننا نعرف أن غيرنا يمتلك أسرع منها بقليل ولكننا سنلحق بهم. في نفس اليوم أعلن البنتاغون أنهم نجحوا في تجربة أسرع صاروخ لديهم بسرعة (5) مرات سرعة الصوت (أي سوبرسونيك). لم تقل البنتاغون الحقيقة حباً بالحق ولكن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتقهم إذ قد يورّط بعض السياسيين الموتورين، كترامب، أمريكا بحرب تغرق فيها أمريكا خلال عشرة دقائق في المحيطين نتيجة معلومة خاطئة.

(3): لا توجد سلع عراقية للإستهلاك الداخلي ناهيك عن سلع للتصدير و “الفضل” يعود للأمريكيين الذين عرقلوا تشغيل آلاف المصانع على يد الكرابلة وقبلهم أسامة النجيفي وهم طغمويون والطغمويون عملاء.

هل سمعتم بذلك الجنرال الأحمر في الجيش الأمريكي في العراق قبل عام 2011؟ هذا ما “فضحته” وزارة الخارجية الأمريكية آنئذ. قالت الوزارة: في الوقت الذي نريد فيه تعليم العراقيين أسس إقتصاد السوق الحر أي الرأسمالي، يأتي الجنرال الفلاني ويطرح أن الإرهابيين هم من الشباب العاطلين عن العمل وفي العراق هناك آلاف المصانع المعطلة، فلماذا لا نشغّلها ونستوعب أولئك الشباب؟ وأضافت الخارجية: إنه جنرال أحمر بحق!!!!

سخرت وزارة الخارجية من ذلك الجنرال، وكان ملف العراق قد إنتقل من يد البنتاغون الى يد وزارة الخارجية، “حليفة” أياد علاوي، لذا أهملت الوزارة رأي الجنرال.

في الحقيقة هي لم تكن قضية قطاع خاص أو عام، بل الوزارة الأمريكية لم تكن تريد إعادة الصناعة الى العراق وهذه هي إستراتيجية أمريكا في العراق. إذ كان بالإمكان تشغيل المصانع وإستيعاب العاطلين ومن ثم بيعها الى القطاع الخاص. ولكن الأمريكيين لم يريدوا إعادة الحياة الى الصناعة بشتى الطرق الذكية والغبية. فصار العملاء مثلاً يستوردون البضائع ويكتبون عليها “صنع في العراق”، أو كانوا يتسببون، بتفنن، بجعل بعض المواد الغذائية منتهية الصلاحية قبل تسويقها، أو يدبجون عقداً لا يمكن تنفيذه لصعوبته المفتعلة ويتفقون مع شركة تركية لإحالة العقد عليها (كما حصل فعلاً في مجمع الحديد والصلب في  خور الزبير في البصرة)، وما أن تباشر الشركة وتقبض مبلغ الدفعة الأولى حتى تلجأ الى المحاكم محتجة على بعض بنود العقد وتغادر الموقع. وهكذا تقبض الشركة مبلغ السلفة الأولى وتعطل العمل ويبقى عشرون ألف عامل يقبضون الرواتب دون عمل إلى يومنا هذا، وهذا هو التخريب بعينه لكنه تخريب ذكي خبيث.   

حاول بجد وزير الصناعة بالوكالة المهندس السيد محمد صاحب الدراجي تشغيل تلك المصانع وكانت عملية سهلة كما قال هو. ولكن سرعان ما إنقضَّ عليه “النشامى” لتشويه سمعته وتعطيل عمله ومنهم المرحوم عدنان حسين رئيس تحرير صحيفة المدى لصاحبها الرفيق فخري كريم “حليف” البرزاني وهو بدوره “حليف” أمريكا وإسرائيل وعندك الحساب!!!!!. كما كان منهم سماحة السيد مقتدى الصدر وباقي القصة معروفة بخصوص محاولة تشويه سمعة المهندس الدراجي، والمصانع مازالت معطلة وربما بدأت بالتآكل والإندثار.

من هذا دبّر الأمريكيون مع عملائهم الطغمويين والإنفصاليين البرزانيين دخول داعش للعراق عام 2014 لإسقاط حكومة الرئيس نوري المالكي التي قدمت قانون البنى التحتية الذي لم يرق لأمريكا الإمبريالية؛ كما دبر مقتدى والأمريكيون إسقاط حكومة الرئيس عادل عبد المهدي لأنها قدمت مشروع إتفاقية مع الصين الشعبية تضمنت في بنودها من ضمن ما تضمنت تنفيذَ مشروع ميناء الفاو الكبير الذي أحالته حكومة الكاظمي الى شركة كورية جنوبية (إقرأ: شركة أمريكية) خارج أصول إستدراج العروض ودراستها ومفاضلتها ثم الإيصاء بالإحالة الى الأفضل.

لكن المصالح الأمريكية – الإسرائيلية – الإماراتية منعت الكاظمي ورهطه الخانعين الفاسدين من مراعاة مصالح الوطن العراقي.

توقع الأخصائي ووزير النقل الأسبق السيد عامر عبد الجبار أن يقدم المتورطون بالإحالة الخاطئة الى القضاء مستقبلاً.  

(4): بتقديري يستغرب الكثيرون عندما أقول “هددت إيران بقصف معسكر التدريب الذي قد تنشئه أمريكا عند الحدود العراقية – الإيرانية”، ذلك لأن عملاء أمريكا في الداخل العراقي والمحيط يشيعون بأن أمريكا إذا نفخت فإن إيران أو المقاومة العراقية ستصبح في مهب الريح وفي خبر كان، وذلك لزرع الخوف في نفوس الجماهير وبعض القادة بغية دفعهم إلى الخنوع لأمريكا.

القضية ليست هكذا فقد أسقطت إيران طائرة مسيّرة تعتبر درة التكنولوجيا الأمريكية، وحجزت بواخر بريطانية وكورية جنوبية، وسيطرت على باخرة محروسة أمريكياً سرقت النفط الإيراني، وتحدّت الحضر الأمريكي على فنزويلا وسوريا ولم تفعل أمريكا شيئاً. السبب هي إستراتيجية إيران الدفاعية.

أعلنت إيران أنه إذا حصل أية ضربة أو هجوم خطير من قبل أمريكا أو إسرائيل على إيران فإن إيران سترد بكل ما أوتيت من قوة لتضرب جميع القواعد والتجمعات الأمريكية في المنطقة وكذلك المنشآت الإسرائيلية. عندئذ لا تجد أمريكا مناصاً من إستخدام السلاح النووي لأن السلاح التقليدي لا ينفع. ما أن تستخدم أمريكا أو إسرائيل السلاح النووي ضد إيران هنا تبرز روسيا والصين لنجدة إيران حتى دون تنسيق مسبق أو تحالف وذلك لأن ضرب إيران يعني وصول أمريكا الى الحدود الروسية الصينية وإستكمال حصارهما وخنقهما وهذا معلن من قبل أمريكا وهذا سر إصرار أمريكا على إبقاء قوتها العسكرية في العراق وذلك لضرب إيران بالعراقيين وهي طريقة “ناعمة” لإستخدام القوة والإفلات من المسؤولية المباشرة.

عند ضرب إيران بالسلاح النووي ستغضب شعوب العالم وتتصاعد الكراهية لأمريكا. عندئذ يتوفر المبرر الأخلاقي والإستراتيجي لروسيا والصين أن تُغرقا أمريكا بالمحيطين خلال عشرة دقائق دون تمكنها من الرد لأن الصواريخ فرط الصوتية كسرت قواعد اللعبة التقليدية في صيانة السلام العالمي المتمثلة بمعادلة الردع المتبادل. وهذا ما تدركه أمريكا جيداً لذا فهي تتحاشى هذا الموقف على مضض، ومن هنا برز تفوّق الجمهورية الإسلامية على إسرائيل ومشغّليها في مجال الدفاع عن نفسها.

(5): أعتقد أن رئيس الجمهورية برهم صالح يريد أن يكسب ود الأمريكيين كي يضمن له موقعاً في مملكة برزان القادمة حيث لا أمل له ببقاء العراق موحداً. لهذا تآمر مع الأمريكيين للإستهانة بالدستور والسياق البرلماني عندما رشح الزرفي متجاهلاً الكتلة الأكثر عدداً وكانت كتلة البناء حسب إفادة رئاسة مجلس النواب له، ولجأ إلى التهديد بحرب أهلية شيعية – شيعية.

لهذا فأدعو إلى عدم تجديد ترشيحه لدورة ثانية. كما أدعو لعدم تجديد ولاية الحلبوسي أيضاً للسبب التالي:

لبّى الحلبوسي دعوة مجلس الشيوخ الأمريكي لزيارته أثناء وجود أزمة تكليف رئيس الوزراء إلا أنه لم يُطلع المجلس على ما دار من حديث معه وأعتقد أنه سمع تحريضاً وإبتزازاً. كما أنه قام بجولات كثيرة لدول الخليج وعلى حساب الدولة العراقية لكنه لم يُطلع مجلس النواب على فحوى تلك الزيارات. هذان أمران مريبان. زد على ذلك قيامه كرئيس لحزب تقدم بالتباحث مع كتلة عزم في تركيا (شمالاً) وفي الإمارات (جنوباً)؛ ومقتدى الصدر يصيح من منبره (لا شرقية ولا غربية) أي (لا إيران ولا سوريا)، يا له من قائد ثاقب البصيرة!!!

الجريدة غير مسؤولة عن كل ماورد بالمقال من آراء 

اترك تعليقاً