السيمر / فيينا / الخميس 29 . 09 . 2022
سليم الحسني
يتكرر الكلام بين فترة وأخرى بأن تنظيم داعش كان سيصل الى طهران لو لا فتوى السيد السيستاني وجهاد المقاتلين العراقيين. والكلام يعلن صراحة بأن إيران لا دور لها في الحرب مع داعش، بل هي انتفعت من الفتوى والتضحيات العراقية.
يأتي هذا الحديث المتكرر ليعبّر عن نزعة معادية لإيران لأسباب تتعلق بأصحابها قد تكون مزاجية أو مصلحية أو سياسية، لكنها بالنتيجة تلتقي مع التوجه المضاد للشيعة من قوى محلية وإقليمية تنتمي لمحور أمريكا ـ إسرائيل.
إن ما حدث من مواجهة تاريخية تصدت لهجوم تنظيم داعش، ونجحت في دحره بعد معارك ضارية طويلة، كان مشتركاً بين ثلاث جهات كتبت أسماءها الأرض والدماء والدفاتر، ورواها شهود السواتر وخطوط النار وهم أصدق الشهود على الإطلاق، كما دعم شهادتهم ووثقها الناجون من تلك المناطق وأضافوا عليها المزيد.
هذه الشهادات كفيلة بأن تُظهر ما يصرّ البعض عليه في إبعاد إيران من حسابات النصر، على أنه خروج عار الظهر عن سياق الحقيقة المدونة على تراب الأرض، وعلى وجوه أهالي المناطق المحررة.
فتوى المرجع الأعلى السيد السيستاني كانت نقطة الانطلاق التي لا تُنكر في زحف شباب الشيعة ورجالهم نحو ساحات المعركة للتصدي لتنظيم داعش الإرهابي.
وإيران كانت الدولة الوحيدة التي وقفت مع الشعب العراقي في مساندته ودعمه بالسلاح والمعدات والإمكانات والخبرات، ولو لا دعمها لما تحقق النصر، بل لما توقف تنظيم داعش عن التوسع.
أما المقاتلون الأبطال والذين انضموا الى الحشد الشعبي فأنهم كانوا عَلَم النصر الأعلى، فبتضحياتهم هزموا داعش، وبشجاعتهم كسروا إرادة الشرّ الإرهابية الممولة والمدعومة من محورها الدولي في السعودية والامارات وقطر وإسرائيل وامريكا.
ثلاث جهات شيعية، اجتمعت وتآزرت فحدث النصر المبين.
كلام هؤلاء ومحاولاتهم تقليل الدور الإيراني، يعكس ضعف إحاطتهم بالتاريخ القريب، أو حدة أمزجتهم التي تريد أن تطمس البطولة الإيرانية في الحرب الطويلة مع النظام البعثي. لقد صمدت إيران بوجه الهجمة الصدامية التي ساندها العالم الغربي والعربي، ولم تستطع قوات صدام بكل ما لديها من معدات وسلاح ودعم أن تسيطر على المدن الحدودية الإيرانية، مع أنها كانت تعيش الحصار الخانق والعقوبات القاسية. فهل تقوى جماعات إرهابية أن تجتاز الحدود وتزحف في العمق وتصل الى طهران؟
بعض الذين يثيرون هذه الأحاديث، يعيشون عقدة الضعف بداخلهم، وكأنهم يريدون إرضاء القيادات الطائفية من السنة في التهجم على إيران لأنها دولة شيعية، وتلك عقدة لا حلّ لها. أو أنهم يسعون الى نيل الحظوة عند أطراف سياسية تعيش الخصومة مع القيادة الإيرانية.
وبعض هؤلاء يمتلكون حساسية مفرطة من الحشد الشعبي فيحاولون الطعن به من خلال الطعن بإيران.
من الصعب على أصحاب هذا التوجه أن يفهموا معنى المقاومة. ومن العسير عليهم أن يتقبلوا حقيقة أن محور المقاومة قوة ضاربة عملاقة. مصاديقها في أبطال الحشد الشعبي من المقاتلين الشجعان المضحين، وفي أبطال اليمن الذين دحروا المحور السعودي الطويل العريض ورسموا على جبينه علامة الذل والهوان. ومصداق البطولة الكبير في مقاومة لبنان التي حررت الجنوب، وأصابت بالذعر الجيش الذي كان يوصف بأنه لا يقهر.
الفتوى السيستانية والدعم الإيراني ومقاتلو الحشد الشعبي هم صنّاع النصر، ومَنْ يحذف أحد هذه الأضلع فهو بحاجة الى ترميم تقييمه وضميره.
٢٩ سبتمبر ٢٠٢٠