السيمر / فيينا / اللأربعاء 20 . 12 . 2023
نوع من الارتياح خلفه الاجتماع الأخير بين البنك المركزي ونظيره الفيدرالي الأمريكي، لاسيما بعد موافقة الأخير على مد العراق بشحنات الدولار في العام المقبل، إذ أكد خبراء أن من شأن هذه الموافقة أن تحدث “انفراجة” لسعر الصرف، في وقت أشاروا إلى صعوبة توحيد السعر الرسمي والموازي، مؤكدين أن التجارة مع إيران مازالت تمثل عقبة أمام الدولار.
ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، إن “موافقة البنك الفيدرالي الأمريكي على إرسال شحنات من الدولار أمر ليس بالجديد، فالآلية هي أن يقدم البنك المركزي طلبات لكل شهر فيوافق البنك الفيدرالي، ولكن هذه الآلية تحتاج إلى توقيتات حتى يتم توفير هذه الأوراق لكل شهر”.
وعن تأثير هذه الموافقة على السوق، يضيف المشهداني، أن “الشيء الجديد، أنه سيعطي ارتياحا نفسيا في السوق المحلية، فكلما تعلن الولايات المتحدة الأمريكية تجهيز العراق بالنقد سيؤثر ذلك على سعر صرف الدولار واستقراره”.
وبشأن امتثال العراق لمعايير البنك الفيدرالي، يؤكد أن “العراق امتثل في أكثر من جانب، وهو كان محتاجا إلى ذلك، فالمنصة نظمت عملية التحويل، وعملية إرجاع الحوالات التي جرت جعلت العراق يعيد النظر في مسألة التحويلات المالية، لأن تدقيق البنك الفيدرالي الأمريكي مشدد، ما ساهم بعدم تهريب العملة الصعبة أو الحد منه”.
وأعلن البنك المركزي، الخميس الماضي، اتفاقه مع وفد أمريكي على تلبية احتياجات البنك من شحنات النقد لعملة الدولار للعام المقبل، وذكر البنك، أن وفداً منه أنهى اجتماعاته مع وفد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة الأمريكية في دبي، ما أثمر عن جملة من الاتفاقات تتعلق بدعم سياسات البنك المركزي في توجهه لدعم المصارف العراقية في تأسيس علاقات مع المصارف المراسلة والانتقال التدريجي لعمليات تعزيز الرصيد المسبق لحسابات هذه المصارف.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي همام الشماع، أن “سعر صرف الدولار من الممكن أن يتأثر بالانخفاض بعد أنباء موافقة البنك الفيدرالي الأمريكي على إرسال دفعات نقدية في 2024، لكن المشكلة تمكن في التجارة مع إيران فهي لوحدها تحتاج 10 مليارات دولار، فكم سيستلم البنك المركزي من النقد لتمويل هذه التجارة، وهل سيستمر البنك الفيدرالي الأمريكي بإرسال الكاش وهو يعرف أنه سيمول هذه التعاملات مع إيران”.
ويشير الشماع، إلى أن “التجارة مع إيران لن يكون لها حل، إلا إذا حدثت معجزة في العلاقة بين أمريكا وإيران وسمحت بالتحويلات الرسمية إلى إيران”، متوقعا أن “ينخفض سعر صرف الدولار إلى مستوى 145 ألف دينار لكل 100 دولار بناء على موافقة واشنطن بإرسال النقد، على الرغم من أنه لن يصل إلى السعر الرسمي وهو 132 ألفا”.
ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل 100 دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه إلى نظام “سويفت” المالي الدولي.
وقد أصدر البنك المركزي العديد من الحزم والإجراءات للسيطرة على بيع الدولار وضمان عدم تهريبه إلى الخارج، وقلل في بداية الأزمة من مبيعات مزاد العملة، ومن ثم عاود مؤخرا الارتفاع لمستواه السابق والبالغ نحو 250 مليون دولار يوميا.
إلى ذلك، يعتقد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أن “موافقة البنك الفيدرالي على إرسال النقد هو اعتراف بتبعية العراق للولايات المتحدة، إذ ليس هناك دولة تطلب من البنك الفيدرالي أن يطلق لها شحنات نقدية من أرصدتها الموجودة لديه، فالأمر لا يتفق مع السيادة الوطنية، لذلك العراق يحتاج إلى عمل كبير لتحريره من تبعيته”.
لكن المرسومي، يشير إلى أن “هذه الإجراءات لا تعني شيئا ولن تؤثر أيضا في سوق الصرف وستبقى الفجوة قائمة بين السعرين الرسمي والموازي، مادامت هناك تجارة كبيرة بين العراق والدول المعاقبة من قبل الولايات المتحدة وفي مقدمتها إيران”.
ويتابع أن “الولايات المتحدة الأمريكية ما لم تنه عقوباتها على إيران، وتسمح بالتحويلات المالية إليها عبر القنوات المصرفية ستبقى الفجوة كبيرة وتستمر أزمة سعر الصرف، مادام هناك متطلبات استيرادية”، لافتا إلى أن “الاتفاق الجديد ممكن أن يقلص الفجوة، لكن إلغاءها موضوع بعيد المنال حتى في العام المقبل”.
وتستمر عملية تهريب العملة، على الرغم من الضوابط التي فرضها البنك المركزي على المصارف، وتتم عبر حقائب تنقل براً إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، ويطلق عليها متخصصون بـ”الحوالات السود”.
وكان البنك المركزي العراقي اتفق مع الجانب الأمريكي، خلال اجتماع جرى في أبو ظبي بالإمارات تشرين الثاني الماضي، على تعزيز رصيد مسبق لخمسة مصارف عراقية بالدولار، حيث سيتم تعزيز رصيد هذه المصارف عن طريق مصرف جي بي مورغان الأمريكي، كما تم حل المشاكل المتعلقة بالحوالات المرفوضة، وتم الاتفاق بأن يكون رفض الحوالات مستنداً لأسباب قوية، فضلا عن تعزيز بعض المصارف بعملة اليوان الصيني والروبية الهندية والدرهم الإماراتي لتمويل التجارة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد