أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / (س: سكتة وقف لفترة قصيرة) في القرآن الكريم (ح 3)

(س: سكتة وقف لفترة قصيرة) في القرآن الكريم (ح 3)

فيينا / الثلاثاء 09. 04 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د . فاضل حسن شريف
قال الله سبحانه في آيات قرآنية فيها (س: سكتة وقف لفترة قصيرة) في سورة الحاقة “مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (س: سكتة وقف لفترة قصيرة)” (الحاقة 28).
جاء في دروس الشيخ أيمن سويد في علم التجويد: حكمة هذا السكت: ونقول “حكمة” لأن القراءة سنة متبعة، فنحن نسكت لأنه وردنا بالسند المتواتر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكت هاهنا، وهذا أمر تعبدي، أما الحكمة أي ما استنبطه العلماء من فوائد هذا السكت فهو كالتالي: -أما السكتة على “عوجاً”في سورة الكهف لدفع توهم أن “قيماً”صفة ل “عوجا”لأن العوج لا يكون مستقيماً، ووصلهما ببعضهما “عوجاً قيماً” يوهم ذلك، بينما “قيماً” حال من “الكتاب”و التقدير أنزل الكتاب قيماً، أو يمكن إعرابه منصوب بفعل مضمر و التقدير “جعله قيماً”. أما حكمة السكت على “مرقدنا”في سورة يس دفع توهم أن اسم الاشارة “هذا” صفة ل “مرقدنا” فلو وصلت” قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا”، لتوهم أن هذا صفة ل “مرقدنا”و اشارة اليه،بينما الصحيح أن هذا مبتدأ وما بعده خبره “هذا ما وعد الرحمن” أي هذا البعث والنشور هو ما وعد به الرحمن على لسان رسله. و أما حكمة السكت على نون “من راق” في سورة القيامة الاشعار بأنهما كلمتان “من” كلمة وهي اسم استفهام، و “راق” كلمة ثانية وهي اسم فاعل من الرقية بمعنى اذا حضر الإنسان الموت ووصلت الروح الى ترقوق رقبته يقال عندئذ هل من راق يرقيه بالرقى فيشفيه من الموت “وهذا مستحيل”. اذاً ” من راق” كلمتان فلو وصلتا “من راق” حصل ادغام بلا غنة بين النون و الراء فتنطق “مراق” بتشديد الراء فيظن أنها كلمة واحدة على صيغة فعال بتشديد العين مبالغة اسم فاعل من مرق لذلك و ردة بالسكت على النون حتى لا تدغم. وكذلك يقال على “بل ران” في سورة المطففين فهما كلمتان “بل ران” و ليس كلمة واحدة “بران”بتشديد الراء، حال الادغام لذلك سكت على النون هنا أيضاً. قال الإمام ابن الجزري رحمه الله تعالى في نشره: (وهو أي السكت مقيد بالسماع، فلا يجوز إلا فيما ثبت فيه النقل، وصحت به الرواية). أي أن هناك بعض من الطرق وصل إلينا السكت كالحرز والتيسير ومن كتاب تلخيص ابن بليمة والتذكرة لابن غلبون وغيرها وبعضها ورد الإدراج أي عدم السكت في الأربعة المواضع ككتاب الجامع لأبي الحسن الخياط والكامل للهذلي وبعضها وردت بالسكت في بعضها والإدراج في بعضها ككتاب التجريد والمبهج وغيرها.
قال الله سبحانه في آيات قرآنية فيها (س: سكتة وقف لفترة قصيرة) في سورة المطففين “كَلَّا بَلْ (س: سكتة وقف لفترة قصيرة) رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ” (المطففين 14).
جاء في صحيفة الوطن عن وجوه الإعجاز البلاغي فـي القرآن الكريم (الإعجاز البلاغي فـي السكتة القرآنية) للدكتور جمال عبدالعزيز أحمد: من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم (الوصل، والوقف، والسكت)، فالإعجاز في السكت، كما هو إعجازٌ في الوصل، والسكتة اللطيفة ـ كما يُسَمِّيهَا أهل التجويد ـ هي قطعُ الصوتِ، أو النفسِ زمنًا، دون زمن الوقف عادةً، ولكنْ، مِنْ غير تنفس؛ لأنه لو كان بتنفُّس لدخلْنا في معنى الوقف، لا في مفهوم السكت، وسكتاتُ القرآن الكريم أربع، وهي السكتاتُ الواجبة في القراءة التي نقرأ بها (عند حفص)، وهناك سكتتان جائزتان سنبيِّنُهما لاحقًا. ونحاول أن نتعايش مع كلِّ سكتة وردتْ في القرآن الكريم، ونتوقف عند دلالتها، وعطاءاتها اللفظية والمعنوية، وندور حول مدلولها، ووجه الإعجاز فيها من كلِّ الوجهات: الإعرابية، واللفظية والدلالية، ونكشف عن زاوية البيان، والإعجاز فيها؛ لنخرج برؤية متكاملة عن طبيعة السكت القرآني فيها، وما بثَّه من معان، وقيم، ودلالات، وما وقف خلفها من رمز، وإشارة، وما كَمَنَ في أطوائها من جمال التركيب، وجلال العبارة، ونبدأ بها مرتبة وفق ترتيب القرآن لها. أول تلك السكتات ما ورد في سورة الكهف، وهو قوله تعالى:(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا، قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا) (الكهف 1 ـ 2)، وهنا يصف السياق هذا القرآن الكريم بمجموعة من الصفات الكريمة، منها أنه منزلٌ من عند الله، وليس فيه أيُّ عوج، وأنه قَيِّمٌ، وأنه نزل ليكون نذارة للكافرين، وبشارة للمؤمنين، وأن فيه الأجرَ الحسنَ لكلِّ موحد، وأن العاقبة الكؤود والعذاب الشديد هو لكل كافر جاحد مشرك، قال الشنقيطي في:(أضواء البيان)له:”وقوله تعالىفي هذه الآية الكريمة:”وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا”،”عوج”، أي: لم يجعل في القرآن عوجًا، أي: لا اعوجاج فيه ألبتة، لا من جهة الألفاظ، ولا من جهة المعاني، أخباره كلها صدق، وأحكامه عدل، سالم من جميع العيوب في ألفاظه، ومعانيه، وأخباره وأحكامه؛ لأن قوله:(عوجًا) نكرة في سياق النفي، فهي تعم نفي جميع أنواع العوج، فوصف القرآن الكريم بأنه مستقيم، وأنه قيم هو الذي جعل علماء السكت يضعون هنا تلك العلامة، وهي السين الصغيرة فوق (عوجًا)، فلمْ وُضِعَتْ السكتة؟، وما دلالة ذلك؟، وهل حقَّقَتْ السكتة هنا كلَّ ما جاءت له؟.
جاء في موقع طريق الاسلام عن قراءة القرآن الكريم: هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن الكريم سنة النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن هي العمل به، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، ودعوة الناس إليه، كما وصفته عائشة رضي الله عنها بقولها: “إِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ” (رواه مسلم). وهكذا يجب أن يكون هدي المسلم مع القرآن الكريم، السعي الدائم في العمل به والاهتداء بهداه، فهو نور من الله مبين، من تمسك به نجا، ومن اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم. وأما هديه صلى الله عليه وسلم في تلاوة القرآن: فقد شرحه العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه العظيم (زاد المعاد)، جمع فيه الأحاديث الواردة في الموضوع، واختصرها في جمل وعبارات من عنده توضح المقصود، وهي كلها أحاديث صحيحة يمكن الرجوع إلى الكتاب نفسه محققًا للتأكد منها، ونحن ننقل كلامه هنا اكتفاء به، خشية الإطالة على السائل والقارئ. يقول العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله: “فصل: في هديه صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن، واستماعه، وخشوعه، وبكائه عند قراءته واستماعه، وتحسين صوته به، وتوابع ذلك. كان له صلى الله عليه وسلم حِزب يقرؤه ولا يُخِلُّ به، وكانت قراءتُه ترتيلًا لا هذَّا ولا عجلة، بل قِراءةً مفسَّرة حرفًا حرفًا، وكان يُقَطِّع قراءته آية آية، وكان يمدُّ عند حروف المد، فيمد (الرحمن)، ويمد (الرحيم)، وكان يستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم في أول قراءته، فيقول: (أعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَجِيم)، ورُبَّما كان يقول: (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم من هَمْزِهِ ونَفْخِهِ، ونَفثِهِ) وكان تعوّذُه قبلَ القراءة، وكان يُحبُّ أن يسمع القراَنَ مِن غيره، وأمر عبد اللّه بن مسعود، فقرأ عليه وهو يسمع، وخَشَع صلى الله عليه وسلم لسماع القرآن مِنه حتى ذرفت عيناه. وكان يقرأ القراَن قائمًا، وقاعدًا، ومضطجعًا، ومتوضئًا، ومُحْدِثًا، ولم يكن يمنعه من قِراءته إلا الجنابة. وكان صلى الله عليه وسلم يتغنَّى به، ويُرجِّع صوتَه به أحيانًا كما رجَّع يوم الفتح في قراءته: “إنَّا فتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا” (الفتح 1). وحكى عبد الله بن مغفَّل ترجِيعَه، آ ا آ ثلاث مرات، ذكره البخاري، وإذا جمعت هذه الأحاديثَ إلى قوله: (زَيِّنُوا القُرآن بأصْواتِكُم)، وقوله: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآن)، وقوله: (ما أَذِنَ اللهُ لِشَيء، كأَذَنِهِ لِنَبيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْان)، علمت أن هذا الترجيعَ منه صلى الله عليه وسلم كان اختيارًا لا اضطرارًا لهزِّ الناقة له، فإن هذا لو كان لأجل هزِّ الناقة لما كان داخلًا تحت الاختيار، فلم يكن عبدُ الله بن مغفَّل يحكيه ويفعلُه اختيارًا لِيُؤتسى به، وهو يرى هزَّ الراحلة له حتى ينقطع صوتُه ثم يقول: (كان يُرجِّعُ في قراءته) فنسب التَّرجيع إلى فعله. ولو كان مِن هزِّ الراحلة، لم يكن منه فعل يسمى ترجيعًا.

اترك تعليقاً