فيينا / الجمعة 12. 04 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
محمد جواد الميالي
ليست من المبالغة القول بأن زمن طاغية البعث، كان يعبر عن أعماق الجحيم السياسي، فقد عاش العراق واحدة من أكثر الفترات، المؤلمة والمأساوية في تاريخه..
كانت الأوضاع السياسية والاجتماعية، مليئة بالقهر والقمع والتعذيب، وعانى الشعب فيها بشكل عام، لكن للشيعة حصة الأسد من هذه المعاناة، و يأتي الأكراد من بعدهم، فعاشوا دوامة من الاضطهاد والظلم، على يد صدام ونظام البعث البائد.
كان حكمهم ينتقل بالشيعة العراقيين، من حربٍ إلى أخرى.. بدأها مع إيران التي استمرت لثمانية أعوام، فكانت واحدة من أكثر الحروب دموية وتدميراً في التاريخ الحديث، ومن المؤسف أن الشيعة كانوا الهدف الأساسي لنظام صدام حسين في هذه الحرب، تم إجبار العراق على دخول هذه الحرب، واستُخدم الشيعة كأداة في محرقة بلا رحمة، كما تعرضوا لأبشع أشكال القتل والتعذيب، وطالت كل من يتخلف عن الذهاب للقتال، وتم قمع صوتهم، وتجويعهم وتشريدهم، بهدف التخلص منهم، وتثبيت دعائم السلطة الدكتاتورية.
بعدها جاءت حرب الكويت عام 1990، فترك النظام الشيعة في عرض الصحراء، تحت مرمى نيران الطيران الأمريكي، ثم تعرضوا لإبادة جماعية، وأرتكبت جرائم ضد الإنسانية بحقهم، فلم يهتم نظام صدام حسين بحياة الشيعة، بل رأى فيهم عدواً يجب القضاء عليه!
ثم عندما وقعت انتفاضة عراقية عام ١٩٩١، شملت المدن الشيعية والكردية، لتعبر عن رفض الموت البطئ الذي يعانون منه، وبعد الضوء الأخضر من أمريكا، ودخول الطيران الحربي والمدفعية ضد الشعب الاعزل، قتلوا وابيدوا بكل قسوة، وليساهم هذا بإنهاءها مبكراً، فدخلت قوات صدام حسين المدن بكل وحشية وعنف، فتم قتل المدنيين وتعذيبهم وتهجيرهم، ولم يكن هناك مكان آمن للشيعة والكرد في بلدهم الأم، فسجون البعث البشعة كانت تحتضن آلاف السجناء الشيعة، وكانت أدوات التعذيب المروعة تستخدم بلا رحمة ضدهم، فتم قطع أطرافهم وتعذيبهم بأبشع الوسائل.
كان الهدف الأساسي لنظام البعث المجرم هو القضاء على الشيعة لأنهم شيعة.. لا اكثر..
تعرضوا للاضطهاد الديني والطائفي، وتم استهدافهم بسبب معتقدهم الديني، فكانت أبسط حقوقهم الأساسية، مهددة وتم التلاعب بحياتهم وحرياتهم الشخصية.
لم يتوقف البعث عند هذا الحد، فقد مر الشعب بفترة المجاعة والحصار، وعانى المجتمع الشيعي العراقي بشكل كبير، جراء سياسات الطاغية صدام، عندما فرض حصار اقتصادي، وعقوبات قاسية على العراق، مما أدى إلى نقص حاد في الموارد الضرورية والسلع الأساسية، فتضرر الشيعة بشكل خاص من هذه الأوضاع، وتفاقمت معاناتهم وتدهورت ظروف حياتهم، وعانوا من نقص في الغذاء والدواء والخدمات الصحية، وعاشوا في فقر مدقع، ومعاناة لا يمكن وصفها.
كل هذه الآلام التي عاشتها أمهات الجنوب، رسمت الحزن على خارطة وجوههن.. فبعد فقدن أبناءهن في مقابر البعث الجماعية لحزب البعث المجرم، كانت هناك أمهات ينتظرن أبناءهن بلا أمل، ورؤيتهم يعودون أحياء كان أمراً مستحيلاً، لم تعرف تلك الأمهات سوى معنى الألم والحزن والبكاء، ولم يك لهن سوى أنين النعي كأنيس على أمل رؤية سقوط هذا النظام، فكان تاريخ 09 . 04 . 2003 هو اسعد يوم بتاريخ الشيعة، حيث رسم حبل المشنقة على رقبة الطاغية صدام، أجمل لوحات الأمل بحياة جديدة.