الرئيسية / مقالات / طباق الحياة والموت في القرآن الكريم (ح 2)

طباق الحياة والموت في القرآن الكريم (ح 2)

فيينا / السبت 20. 04 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
طباق الحياة والموت في القرآن الكريم: جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى “وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿العنكبوت 63﴾ ولئن سألت -أيها الرسول- المشركين: مَنِ الذي نزَّل من السحاب ماء فأنبت به الأرض من بعد جفافها؟ ليقولُنَّ لك معترفين: الله وحده هو الذي نزَّل ذلك، قل: الحمد لله الذي أظهر حجتك عليهم، بل أكثرهم لا يعقلون ما ينفعهم ولا ما يضرهم، ولو عَقَلوا ما أشركوا مع الله غيره.. قوله عز وجل “يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ ﴿الروم 19﴾ يخرج الله الحي من الميت كالإنسان من النطفة والطير من البيضة، ويخرج الميت من الحي، كالنطفة من الإنسان والبيضة من الطير. ويحيي الأرض بالنبات بعد يُبْسها وجفافها، ومثل هذا الإحياء تخرجون أيها الناس من قبوركم أحياء للحساب والجزاء.
عن صفحة كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة تشرين: طباق التدبيج: وهو نوع من الطباق الخفي ولكنه خاص بالألفاظ الدالة على الألوان , نحو قول الحريري: ” فمذ ازورَّ المحبوب الأصفر, واغبرَّ العيش الأخضر, اسودَّ يومي الأبيض , وابيضَّ فودي الأسود , حتى رثى لي العدو الأزرق , فيا حبذا الموت الأحمر ” المحبوب الأصفر: الذهب. العيش الأخضر: لين الحياة. فودي: الفود هو جانب الرأس. ابيض فودي الأسود: أي اعتلاه الشيب. العدو الأزرق: الشديد العداوة. الموت الأحمر: الموت الذي يغتال الناس دون توقّع. ثانياً: المقابلة: وهو أن يأتي بمعنيين متوافقين , أو معانٍ متوافقة ثم ما يقابلهما أو يقابلها على الترتيب. گـ قوله تعالى: (فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيراً) فالمقابلة هنا: ليضحكوا – ليبكوا وأيضاً: قليلاً – كثيراً وأيضاً نحو قول المتنبي: فلا الجودُ يُفني المال والجدُّ مقبل ولا البخل يُبقي المال والجدُّ مدبر. الجدُّ: تعني الحظ. الألفاظ المتقابلة جاءت على الترتيب: (الجود  البخل) – (يفني المال يبقي المال) – (الجد مقبل  الجد مدبر).
جاء في معاني القرآن الكريم: موت أنواع الموت بحسب أنواع الحياة: فالأول: ما هو بإزاء القوة النامية الموجودة في الإنسان والحيوانات والنبات. نحو قوله تعالى: “يحيي الأرض بعد موتها” (الروم 19)، “وأحيينا به بلدة ميتا” (ق 11). الثاني: زوال القوة الحاسة. قال: “يا ليتني مت قبل هذا” (مريم 23)، “أئذا ما مت لسوف أخرج حيا” (مريم 66). الثالث: زوال القوة العاقلة، وهي الجهالة. نحو: “أومن من كان ميتا فأحييناه” (الانعام 122)، وإياه قصد بقوله: “إنك لا تسمع الموتى” (النمل 80). الرابع: الحزن المكدر للحياة، وإياه قصد بقوله: “ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت” (ابراهيم 17). |الخامس: المنام، فقيل: النوم موت خفيف، والموت نوم ثقيل، وعلى هذا النحو سماهما الله تعالى توفيا. فقال: “هو الذي يتوفاكم بالليل”، والموتة: شبه الجنون، كأنه من موت العلم والعقل، ومنه: رجل موتان القلب، وامرأة موتانة.
عن صفحة أساتذة العربيّة بباجة: تعريف الطّباق: الطباق عند البلاغيين هو أن تجمع في الكلام الواحد بين معنيين متقابلين في الجملة،والمراد بالتقابل أن يكون بين المعنيين مطلق التنافي دون نظر إلى نوعه أو مقداره،فالتقابل بهذا المعنى الواسع لا يُشترط أن يكون التنافي فيه من جميع الصور،أو من كل الوجوه،بل يكفي أن يكون في الجملة ودون تفصيل. نوعا الطّباق: 1- طباق الإيجاب وهو الذي يكون فيه التقابل بين معنيين مثبتين أي لم يختلف فيه الضدّان إيجابا وسَلبا،مثل: أحبّ الصّدق وأكره الظّلم. 2- طباق السّلب وهو الذي يكون فيه التقابل بين معنيين أحدهما مثبت والآخر منفي أي ما اختلف فيه الضدّان إيجابا وسَلبا،مثل:أحبّ الصّدق و لا أحبّ الظّلم.
جاء في رحاب نهج البلاغة عن الطباق والمقابلة في خطب الإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة (دراسة بلاغية دلالية) لأول للكاتب رضاته حسين صالح: ومن خطبة له عليه السلام بعد حرب الجمل في ذم النساء وقد اراد شرار النساء قال: (فاتقوا شرار النساء وكونوا من خيارهن على حذر ولا تطيــعوهن في المعروف حتى إلا يطمعن في المنكر). ابتدأ النص بالأمر وانتهى بالنهي وهما أسلوب إنشائي اعتمد فيه على فن من فنون البديع وهو الطباق بين (خيارهن – شرارهن) و (المعروف والمنكر) فهو لا يريد ان يترك المعروف لمجرد أمرهن به فإن في ترك المعروف مخالفة السنة الصالحة خصوصا إن كان المعروف من الواجبات بل يريد أن لا يكون فعل المعروف صادرا من مجرد إطاعتهن فإذا فعلت معروفا فافعله لأنه معروف ولا تفعله امتثالا لأمر المرأة. وقال من موضع آخر (ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر واترك فيكم الثقل الأصغر وركزت فيكم راية الإيمان ووقفتكم على حدود الحلال والحرام). وأمير المؤمنين قد عمل بالثقل الأكبر وهو القرآن الكريم ويترك الثقل الأصغر وهو ولداه وقد وقف الناس على حدود الحلال والحرام والطباق واضح بين الأكبر والأصغر والحلال والحرام. وقال من خطبة له تعرف بالأشباح بعد أن حمد الله قال: (الحمد لله الذي لا يضره المنع والجمود ولا يكديه الإعطاء والجود إذ كل معط منتقص سواه وكل مانع مذموم ما خلاه). تصدر النصان جملتين منفيتين لا يفره ولا يكديه حيث لا يزيده ما عنده من البخل والجمود ولا يفقره ولا ينفذ خزائنه الإعطاء وذلك لان هذا المعنى مما يخص به البشر لأنهم يتحركون بالسؤال فيكونون بما سألهم السائل أجود منهم بما لم يسالهم اياه اما البارئ فليس جوده على هذا المنهاج لأن جوده عام في جميع الأحوال. وقال في الخطبة ذاتها (قدر الأرزاق فكثرها وقللها وقسمها على الضيق والسعة فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها وفقيرها ثم قرن بسعتها عقابيل هاقتها وسلامتها طوارق آفاتها وبفرح أفراحها غصص انزاحها وخلق الآجال فأطالها وقصرها وقدمها وأخرّها). ترادفت الطباقات في هذا النص بين (كثرها – قللها) (الضيق والسعة) (ميسورها ومعسورها) (غنيها وفقيرها) (سعتها – فاقتها) (أطالها وقصّرها) (قدّمها وأخرّها) ومن كثرة هذه الطباقات نجد انسيابية لغوية من خلال هذه الألفاظ فهو لم يات بها عبثا او فرضا بقدر ما هو استدعاء سلس عفوي لوظيفة بنائية.

اترك تعليقاً