فيينا / السبت 18 . 05 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
زاهر الشاهين
عليوي الاسمر شاب متحمس كبقية اقرانه الذين لا يفكون الحرف . نعم جاء الى هذه الدنيا في ذلك البلد الذي وجدت به اول ابجدية عرفها البشر وايضا يمتاز بزحمة الشعراء سواء الفصيح اوباللهجة العامية،مع العلم ان في ذلك البلد العجيب تم اكتشاف بحورالشعر .
حلم عليوي الاسمر ان يصبح سائقا للسيارة التي كانت تسمى( أو أم).اشتهرت هذه السيارة في السبعينيات من القرن الماضي والحاضر بمآسيه . هي سيارة تتسع لثمانية عشر راكبا.لم يحالفه الحظ بتعلم قيادة السيارات ،نعم رغم ان اخيه يقود تلك السيارة لكن لم يسمح له ان يتدرب ويتعلم .لا يستطيع ان يتقرب منها لان اخيه ليس المالك للعجلة بل يعمل اجيرا،مع هذا فان اخيه سمح له باستعمال منبه الصوت فكان يسبب الازعاج لأهله وجيرانه.
كان عليوي الاسمر يتغزل بهذا النوع من السيارات امام اصدقاءه وجيرانه في الحي ويصف لهم تزينها وزخرفتها ان اصبح سائقا ومالكا لها. كبر عليوي وأصبح له من العمر ثمانية عشر سنة وبهذا حلّت عليه نعمة خدمة الوطن،وبما انه لم يكن طالبا مستمرا في الدراسة حتى يؤجل بالالتحاق بالخدمة الاجبارية فقد سيق به الى احد مراكز التدريب من اجل تدريبه وتعليمه على الاسلحة وتهيئته جسديا ليكون جنديا تتوفر فيه صفات المقاتل الصنديد الذي يذود عن حياض الوطن ارضا وشعبا.
بعد ان انتهت دورة التدريب المخصصة وأصبحوا جاهزين لتوزيعهم على الوحدات العسكرية،بما ان عليوي الاسمر لا يقرا ولا ، اقترح المسئول عن التدريب ان ينسب هو وبعض زملائه الى قاطع الشمال حيث الجبال الرواسي هناك وتحتاج الى جنود لهم القدرة على تحمل صعود تلك الجبال الشامخة.
بعد ان اعلنت الاسماء كل الى قاطعه وأعطيت لهم كتب الانتقال الى الوحدات المشار اليها.قبل الالتحاق حصلوا على اجازة لمدة ثلاثة ايام من اجل الراحة ومن ثم الالتحاق حسب الكتب التي بين ايديهم. كانت مجموعة عليوي الاسمر تضم كل من ثجيل ،شمخي،محيبس واكبرهم سنا بعيوي،اتفقوا ان يلتقوا بعد انتهاء الاجازة في كراج تجمع حافلات الركاب التي تتوجه الى شمال الوطن.
انتهت الاجازة والتقى الجميع في گراج السيارات ،صعدوا الحافلة وليأخذوا كل مقعده متجاورون في جلوسهم من اجل الحديث وما ينتظرهم من عمل هناك.دارت بينهم مزح وطرائف.كان بعيوي ظريفا من بينهم ولا يستاء حتى وان كان الحديث مصوّب اليه وهو قادم من اعماق الريف ويتمتع بالطيبة والبساطة.
انطلقت الحافلة بعد ان انشغلت كل المقاعد متوجهة الى المدينة التي يقع فيها قاطعهم العسكري.بعد اربعة ساعات من سير الحافلة وصلوا الى تلك المدينة التي يجهلون معالمها ،عليوي الاسمر من سكنة العاصمة لذلك فهو اكثرهم معرفة وحيلة كما هو في كل العواصم. ترجل الجميع ،كان معهم في الحافلة احد الجنود والذي له خدمة لا بأس بها ،سالهم الى اين انتم ذاهبون؟اجابه عليوي الاسمر هذ كتابنا لكننا لا نعرف بالضبط اين وحدتنا العسكرية ،ما ان رآها حتى اجابهم لا تقلقوا ،تعالوا معي انا اخدم في نفس المعسكر لكن في احد السرايا ،سأوصلكم الى مبتغاكم.
توجد حافلة لنقل الركاب تمر قريبا من امام المعسكر الذي الذي يريدون الوصول اليه.قال لهم هذا الجندي بعد ان عرّفهم باسمه ،انا تيسير راهي وتعرف اليهم.انتظروا قليلا حتى جاءت الحافلة وليصعد الجميع.بعد ربع ساعة من الزمن اشار هذا الجندي على السائق بان يتوقف في الموقف الفلاني.ترجلوا جميعهم بصحبة تيسر مهاوي وجهتهم المعسكر المطلوب.وصلوا عند باب المعسكر.قدم تيسير هويته ليتعرف عليه حارس الباب الرئيسي شارحا له ان هؤلاء الجنود منسبين الى وحدتنا ،اخذ كتبهم وبالكاد قرأ اسمائهم .اشار اليهم ان يتوجهوا الى قسم الادارةوهناك ستعرفون اين ستنسبون.
اصطحبهم تيسير مهاوي الى قسم الادارة بعدها تركهم وذهب حيث مقر عمله. كان الشخص الذي يعمل بقسم الادارة رجل ذو شارب كث وعلى وجهه علامة الجد .بدا ينظر اليهم ويسألهم عن دراستهم ومن أي مدينة قدموا.بعد ان كملت اجراءات التسجيل سار بهم الى احد غرف القريبة من الادارة .وصلوا الى هناك اعطاهم امر الاصطفاف والاستعداد وقدمهم الى رئيس العرفاء كي يراهم ويتخذ بهم اجراء من اجل توزيعهم بما يتناسب وما يمتلكون من مهارات. قال رئيس العرفاء انا ابراهيم شنيور رئيس عرفاء الوحدة وكلمتي عند السيد الامر لا ترد وعليكم اطاعة الاوامر وتنفيذها.صاحوا جميعهم نعم رئيس العرفاء.اصدر لهم امر الاستعداد والاستدارة وصاح بهم الى الامام انطلق بهم الى الضابط المختص من اجل توزيعهم.وصلوا الى المسئول عن هذا الامر.قدمهم ريس العرفاء مؤديا التحية.قدم الاجراء الذي اقترحه الى الضابط.استلم الكتاب ليطلع عليه.دخل الضابط ومن خلفه ايضا راس العرفاء.بعد ان دار الحديث بين الضابط ورئيس العراف اتخذ الضابط الامر وان ينسب بعيوي وشمخي الى المطبخ ومحيبس الى باب المعسكر اما عليوي الاسمر ونظرا لطوله ولرشاقة جسمه نسّب الى فصيلة البغال. اشار رئيس العرفاء الى عليوي الاسمر ان يذهب الى ذلك الموقع والذي يقوده العريف جمعة النعسان وينادوه بابي ادهم .وصل عليوي الاسمر الى امر عريف الفصيل ،ادى التحية العسكرية وقدم اسمه انه الجندي المكلف عليوي خلف حرز .رحب ابراهيم شنيور بعليوي الاسمر قائلا له من مظهرك انك ستكون جيدا في عملك.سأله عليوي الاسمر وما هو عملي يا عريفي ؟اجابه عندنا مجموعة من البغال وكل له رتبة عسكرية وبما انك حديث العهد بالبغال سنرشح لك بغلا برتبة نائب عريف،سترعاه وتطعمه وتعتني به فهو كالعجلة ينقلك ويحمل اثقال الوحدة ان احتاجت الى نقل المعدات الى المناطق الجبلية.اجاب عليوي الاسمر نعم عريف ابراهيم سأهتم به كثيرا .ضاع حلم عليوي الاسمر كان يحلم انه في الجيش سيحصل على ما كان يحلم به ويصبح سائقا.ماذا يقول لأهله وأصدقاءه وجيرانه بأنه سائق بغل ،يا للفضيحة .انهارت احلامه ومخططاته لكنه لم يقطع الامل ،لابد ان يأتي ذلك اليوم ويصبح سائقا ومالكا للسيارة (أو أم ).