الرئيسية / مقالات / مفهوم الابتزاز في القرآن الكريم (ح 1)

مفهوم الابتزاز في القرآن الكريم (ح 1)

فيينا / الجمعة 17 . 05 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
عدم سبّ المؤمن ولعنه واهانته واذلاله وهجاؤه واخافته واذاعة سره وتتبع عثراته والاستخفاف به ولا سيما إذا كان فقيرا “مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” (ق 18)،”وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا” (الاسراء 53)،”وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينً” (الاحزاب 58)،”وَيْلٌ لِكُلِّ”هُمَزَةٍ لُمَزَة” (الهمزة 1).
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا” (الاحزاب 58) أي يؤذونهم من غير أن عملوا ما يوجب أذاهم “فقد احتملوا بهتانا” أي فقد فعلوا ما هو أعظم الإثم مع البهتان وهو الكذب على الغير يواجهه به فجعل إيذاء المؤمنين والمؤمنات مثل البهتان وقيل يعني بذلك أذية اللسان فيتحقق فيها البهتان “وإثما مبينا” أي ومعصية ظاهرة قال قتادة والحسن إياكم وأذى المؤمنين فإن الله تعالى يغضب له وقيل نزلت في قوم من الزناة كانوا يمشون في الطرقات ليلا فإذا رأوا امرأة غمزوها وكانوا يطلبون الإماء عن الضحاك والسدي والكلبي.
جاء في مؤسسة باقر العلوم عليه السلام عن عقوبة جريمة الابتزاز الإلكتروني في الفقه الامامي لسماحة السيد فاضل الجابري الموسوي: فكل فعل يؤدي الى ترويع او تخويف أحد من المسلمين من دون وجه حق فهو غير جائز شرعا وهو من المحرمات الثابتة في الشريعة الغراء. وكذلك فان هذه الجريمة محرمة من جهة كونها سببا لإيذاء المسلم ولا شك بان إيذاء المؤمن والمسلم من المحرمات الشرعية. فعن الصادق عليه السّلام قال: (قال اللّه تعالى: ليأذن بحرب منّي من آذى عبدي المؤمن، و ليأمن من غضبي من أكرم عبدي المؤمن) وعنه عليه السّلام: (إذا كان يوم القيامة ينادي مناد: أين المؤذون لأوليائي؟ فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم فيقال: هؤلاء الذين آذوا المؤمنين، و نصبوا لهم و عاندوهم، و عنّفوهم في دينهم، فيؤمر بهم إلى جهنم) الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام؛ ج‌1، ص: 716. وكذلك فان متعلق الابتزاز اذا كان من الأمور المالية فيعتبر من مصاديق الغصب للمال وهو محرم كتابا وسنة وعقلا واجماعا. قال شيخ الطائفة رحمه الله: تحريم الغصب معلوم بالأدلّة العقليّة (لأنّه ظلم) بالكتاب و السنّة و الإجماع، (أمّا الكتاب) قال تعالى: “لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ” (النساء 29). (وأمّا السنّة) روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: لا يحلّ مال امرئ مسلم إلَّا عن طيب نفسٍ منه). عوالي اللآلي: باب الغصب ح 3 ج 3 ص 473. والإجماع ثابت على أنّ الغصب حرام. أضف إلى ذلك أنّ مذمومية الغصب من الفطريات. المبسوط: ج 3 ص 59. وكذلك فان حرمة الابتزاز من مصاديق ظلم المؤمن المحرم شرعا وعقلا، بل ان مطلق الظلم كذلك سواء اكان متعلقه مؤمنا او غير مؤمن بل حتى وان كان حيوانا ذا شعور. وهو من ضروريات الدين. فلا يجوز الظلم، فإنه من أشد المحرمات شرعاً. عن أبي بصير قال: دخل رجلان على أبي عبد الله عليه السلام في مداراة بينهما ومعاملة، فلما أن سمع كلامهما قال: (أما إنه ما ظفر أحد بخير من ظفر بالظلم، أما إن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم) ثم قال: (من يفعل الشر بالناس فلا ينكر الشر إذا فعل به، أما إنه إنما يحصد ابن آدم ما‌ يزرع و ليس يحصد أحد من المر حلواً، و لا من الحلو مراً، فاصطلح الرجلان قبل أن يقوما) (الكافي: ج 2 ص 334 باب الظلم ح 22.).
جاء عن بيت الحكمة حول الابتزاز: أخذ أموال الناس بغير حق حرام: والابتزاز فيه أخذ لمال الفتاة بغير حق، وبغير رضاها، لاسيما إذا كان الابتزاز عن طريق اختراق أجهزة الحاسوب والنقال، والله تعالى حرم أكل أموال الناس بالباطل، أي بغير حق، قال تعالى: “ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل” (البقرة 188). يقول القرطبي في تفسيرها: (يدخل فيها ما لا تطيب به نفس مالكه). فأخذ المال بابتزاز الفتاة أكل للمال بالباطل لأن المبتز يأخذه من الفتاة بالظلم والقهر. وفي المأثور: (لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفس منه) كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم.  أسباب الابتزاز: تتلخص أكثر أسباب الابتزاز فيما يأتي:  1 ضعف الوازع الديني والبعد عن الله تعالى. 2 إلتقاط صور المرأة وهو سبب رئيس للأبتزاز. 3 الفقر والحاجة والعوز عند الشباب للحصول على المال. 4 المشاغل النسائية لما فيها من كشف العورات اثناء عمل المساج أو إزالة الشعر. 5 العمل المختلط في الوظائف وغيرها كالمعامل والمطاعم والجامعات وغيرها. 6 مكاتب التوظيف الوهمية التي قد يعلن عنها في الصحف. 7 اتصالات البحث عن الوظيفة، والمقابلة الشخصية، ويتم التعارف بين الرجل والمرأة ويتم الابتزاز من خلال ما يحفظ من صور أو مكالمات كانت في الأصل من أجل الوعد بالوظيفة. 8 وسائل الإعلام الهابطة: أ المقروءة كالروايات والقصص المتبذلة. ب – والمسموعة كالأغاني المثيرة للجنس والشهوة. ج – والمرئية كالمسلسلات والصور الجنسية والأفلام الخلاعية. 9 –إرسال الصور الشخصية لمن تكون معه علاقة غير شرعية، سواء باتصال هاتفي، أو في غرف المحادثات في الشبكة العنكبوتية، أو الرسائل (ماسنجر): أو المحادثة عبر الهاتف النقال. 10 – اختراق الأجهزة الإلكترونية كالهاتف والحاسوب، وحتى لو حذفت الفتاة صورتها فيمكن استعادتها من مصلحي الهواتف والحاسوب بعد حذفها. 11 – الفراغ وغياب الأهداف لدى الشباب والفتيات، وقلة وجود المشاريع التنموية، والترفيهية لاستثمار الطاقات الشابة، يجعلهم يبحثون عن هذه العلاقة الشاذة لاسيما مع ضعف مراقبة الأسرة ومتابعتها للأبناء والفتيات يجعلهم يستمرون بالعلاقات التي تتطور لتكون مادة للابتزاز. 12 – صديقات وجاءات السوء ودورهن في حفلات السهر، وهروب الفتيات. 13 – الضغوط النفسية السيئة التي تتعرض لها الفتاة في البيت من إهانة وضرب، وضعف علاقة الود، وغياب الألفة، ولغة الحوار، والتفاهم مما يجعل الفتاة تبحث لها عن متنفس، فما أن تجد من يسمعها الكلمات الجميلة، والإطراء والمديح، ويستمع لشكواها، حتى ترى أنه المنقذ الوحيد لها، فترسل له ما يريد، متجاهلة خطورة هذه العلاقة، وحرمتها، تحت مسمى الصداقة أو العلاقة البريئة او الدردشة والترويج عن النفس.

اترك تعليقاً