الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / أيزيدية محررة كانت سبية بفرع داعش الذي كان يقوده جولاني بسوريا : باعوني.. اغتصبوني.. ولم ينصفني العراق!
المنظمات المدنية تحاول، من جانبها، حل مشاكل الناجيات المعيشية

أيزيدية محررة كانت سبية بفرع داعش الذي كان يقوده جولاني بسوريا : باعوني.. اغتصبوني.. ولم ينصفني العراق!

فيينا / الاربعاء 01 . 01 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

باعها داعش أربع مرات، عراقية من سنجار لم تتجاوز العشرين.

ولسنة ونصف، كانت سبية.

أخذوها من سنجار إلى تلعفر، إلى الموصل، ثم نقلوها عبر الحدود إلى سوريا.

لم تبق طويلا في الرقة السورية. عادوا بها إلى الرطبة في محافظة الأنبار.

وهناك، تحررت.

لكن المأساة استمرت حتى الآن.. بعد سنوات عشر من الأسر.

“كل ليلة.. بكيت”

“كانوا يتعاملون معنا مثل البهائم”. تقول (ك.ر) عن حياتها في أسر داعش.

بدأ ذلك في الثالث من أغسطس 2014، حين هاجم تنظيم داعش قضاء سنجار.

في سنجار، ارتكب داعش مجازر ضد الأقلية الأيزيدية واختطف الآلاف.

من بينهم (ك.ر).

مرت ليال طويلة من الدموع والإساءة. حتى جاء الفرج بعد 19 شهرا.

وجدت (ك.ر) طريقة للتواصل مع أهلها. وبعد فترة، أنقذها مهربون مقابل 14000 دولار.

منذ 2014، تحرر 3583 من الأيزيديين من أسر داعش، يقول حسين كورو مدير مكتب إنقاذ المخطوفين.

لكن هؤلاء ليسوا كل من اختطفهم داعش. العدد الإجمالي بلغ 6417 مختطفا أيزيديا.

هذا يعني أن 45% من المختطفين لم يعودوا بعد.

يقول كورو لموقع “الحرة” إن عملية البحث عن المخطوفين مستمرة، “وستستمر لحين العثور على آخر مختطف وإنقاذه”.

ويشرف مكتب إنقاذ المخطوفين الأيزيديين على شبكة سرية نسقت مع مهربين لإنقاذ المختطفين مقابل مبالغ مالية.

كان المهربون يجازفون بحياتهم في ظل سيطرة داعش. أفتى التنظيم بقتل من يتعامل معهم، يقول عباس شريم، الذي أشرف على تحرير مجموعة كبيرة من المختطفين.

لكن معاناة المختطفين لم تنته بعد عودتهم إلى ديارهم.

اغتصاب و”إسلام بالإكراه”

(ب.ف) ناجية أيزيدية أخرى من تنظيم داعش. تلاحقها نوبات الرعب. تشعر أن مقاتلي داعش قادمون لاختطافها.

لن ينشر موقع الحرة أسماء المختطفات حفاظا على سلامتهن، ولحمايتهن من الوصمة الاجتماعية التي يقلن إنها تلاحق الضحايا.

الآن، عادت (ب.ف) إلى سنجار.

تقول “هنا، في سنجار، تعرضنا إلى أبشع أنواع العنف”.

وهنا أيضا، رعب الذاكرة.

تبلغ (ب.ف) الآن 26 عاما. المأساة التي مرت بها قبل عشر سنوات، في قرية كوجو، لا تزال ذكرى حارة.

تتذكر ما حدث:

جمع داعش سكان القرية في بناية المدرسة. فصل الرجال عن النساء والأطفال. وقتل الرجال جميعا.

تقول “نقلونا، نحن النساء، إلى تلعفر، وهناك فرقونا عن أهلنا”.

تلك الليلة “حوطنا الرعب”، تقول، واللحظة الأصعب كانت “لحظة افتراقي عن أمي”.

“بكيت كثيرا” في تلعفر، ثم “نقلت إلى سجن بادوش ثم إلى سوريا، وبعدها إلى الموصل”.

وأينما ذهبت، تعرضت (ب.ف) لـ”جميع أنواع العنف بما فيها الاغتصاب لمرات، ناهيك عن الضرب المبرح”.

أجبروها على ترك ديانتها، واعتناق الإسلام، وممارسة شعائر الصلاة والصوم.

حاولت الهرب، مرات.. حتى نجحت. كانت في الموصل. وهناك، ساعدها مهربون. نقلوها إلى إلى دهوك.

تحررت (ب.ف) بعد عامين في الأسر. حدث هذا في 19/6/2016.

دفع مكتب إنقاذ المخطوفات الأيزيديات 18000 دولار للمهربين الذين أنقذوها.

لكن، بعد عشر سنوات، لم تنته المعاناة.

الفقر وجه آخر للمأساة

تقول (ب.ف) إن للمأساة الاجتماعية والنفسية وجه آخر معيشي.

“ما زلت أسكن بالإيجار مع زوجي وأطفالي”.

والراتب الذي قررته الحكومة؟

“أتقاضاه منذ أشهر فقط”، تقول.

وتلقى 2228 ناجيا وناجية رواتب شهرية (حتى نهاية سبتمبر)، من المديرية العامة لشؤون الناجيات، بحسب شهاب أحمد سمير، مدير فرع سنجار.

وكانت الحكومة العراقية أنشأت مديرية عامة لشؤون الناجيات، ورصدت لها 25 مليار دينار عراقي (حوالي 19 مليون دولار)، بحسب نجم العقاب، المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

إلا أن الناشط المدني الأيزيدي فيصل كوتي يقول إن الكثير من الناجيات لم يستلمن الراتب الشهري الذي يبلغ 800 ألف دينار (611 دولار تقريبا).

يؤكد: هناك ناجيات محرومات من هذا الراتب، بسبب الروتين والإجراءات، مثل تقديم المستمسكات الرسمية، والكثير منهن فقدن الوثائق خلال فترة سيطرة داعش على سنجار.

والنتيجة هي أن الكثير من الناجيات “يعشن في حالة مزرية داخل المخيمات”، بحسب كوتي، ولا يمتلكن المال الكافي للتنقل بين المحاكم والمديريات في سنجار أو شيخان.

يطالب كوتي بتشكيل فرق خاصة بمديرية شؤون الناجيات تزورهن في المخيمات.

ويحذر من نتائج التقصير: في المخيمات ناجيات لم يستطعن تجاوز التجربة التي مررن بها، فلجأن إلى الانتحار.

غمز وبيت مستأجر

يقول شهاب أحمد سمير، مدير فرع سنجار لمديرية شؤون الناجيات، إن الناجيات يتمتعن بامتيازات أخرى غير الراتب.

200 ناجية حصلن بالفعل على قطع أرض، وعاد بعضهن إلى الدراسة رغم تجاوزهن السن القانوني، وذلك بمساعدة الدائرة.

لكن الناجية (ك.ر) لم تستلم قطعة أرض من مديرية شؤون الناجيات.

تقول: “أعيش مع زوجي الكفيف وبناتي في بيت استأجرناه”.

سمير يلقي الكرة في ملعب بلدية سنجار:

“رفعنا طلبا رسميا إلى البلدية لتخصيص أراض للناجيات وفرزها وتوزيعها”، يقول “ونحن بانتظار أن يتم ذلك”.

وحتى “يتم ذلك”، تطالب (ك.ر) بتوفير بيت في سنجار “كي أسكن فيه مع عائلتي بحرية بعيدا عن غمز الذين أعيش معهم”.

المنظمات المدنية تحاول، من جانبها، حل مشاكل الناجيات المعيشية.

فيصل غانم مدير مشاريع (مبادرة نادية مراد) في سنجار يتحدث عن مشاريع لخدمة الناجيات من أبرزها مشروع “توفير سبل العيش” وعن “مساعدات عينية” و”توفير مأوى”. يقول إن 1042 ناجيا وناجية استفادوا من مشاريع المبادرة.

“هناك نقص في الكوادر المختصة بتأهيل الناجيات”، يقول الباحث الاجتماعي عبد الجبار عبدالرحمن. “لا تكفي جلسات يقدمها أشخاص قليلو الخبرة”. ويحذر من “أبعاد نفسية واجتماعية طويلة المدى”.

“لا أمان في العراق”

ثلاثة من شقيقات الناشطة المدنية الأيزيدية حنيفة عباس، حررن من أسر داعش. تقول: الأهم هو الجانب النفسي. والحل هو نقلهن إلى “بيئات بعيدة عن هذه المناطق”، كي يتسنى لهن “بدء حياة جديدة”.

تكشف “نقلت شقيقاتي الثلاث اللواتي حررن إلى أستراليا” وهن الآن “يعشن حياة طبيعية”.

المئات من الناجين خرجوا من العراق بالفعل.

منظمة الجسر الجوي العراقي الألمانية نقلت 1100 ناج من النساء والأطفال إلى ألمانيا.

لكن ميرزا دناني، رئيس المنظمة، يطالب بإتاحة فرص العلاج النفسي في كل المناطق التي تسكنها الناجيات، ومتابعة حالتهن بشكل دوري، محذرا من “ردود فعل غير متوقعة” تنتجها “الحالات النفسية التي تمر بها الناجيات”.

ما زالت (ك.ر) تعيش مع زوجها في قضاء سنجار. لم تغادر العراق… ليس بعد. لكنها تقول “لن نشعر بالأمان إلا لو غادرنا هذه البلاد”.

المصدر / الحرة 

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً