السيمر / فيينا / الاثنين 20 . 04 . 2020
سليم الحسني
توصف حكومة عادل عبد المهدي بأنها الأسواء بعد سقوط النظام، لكن هذا التوصيف لا يعكس كامل الحقيقة من الناحية السياسية، فهي الأسوأ على الشيعة تحديداً. لقد خسروا فيها الكثير، وبها بدأت مرحلة الانحسار من مواقع القوة والقرار.
حقق عادل عبد المهدي ـ بالقصد أو بالضعف ـ وفي أقل من سنة، ما كان حلماً على مدى عقد ونصف من الزمن عند أمريكا والسعودية والامارات وقطر وغيرها. وسيكتب التاريخ طويلاً عن الانتكاسة الشيعية التي أحدثتها حكومته. وما لم يتدارك الشيعة الخطر الزاحف، فأن الأجيال القادمة ستلعن الحالية على ما فرطوا فيه، ولن تميز الأجيال التالية بين شيعة السلطة وشيعة الوطن، ستكون الإدانة مشتركة لكل الشيعة في العراق قيادات وكيانات ومراجع وجمهور.
بدأ عادل عبد المهدي فترته بأن بسط يده كل البسط للقيادات الكردية، وكانت الخسارة من ثروات الشيعة فادحة. وأطلق يد القيادات السنية في السرقة المفتوحة بلا حساب، وكانت السرقة بالدرجة الأكبر من ثروة الشيعة. كما أضاف للفاسدين من الشيعة فئة جديدة من أمثال سامي المسعودي وأبو جهاد الهاشمي وشبل الزيدي ونظائرهم.
مارس عادل عبد المهدي سخاءه في صلاحيات رئاسة الوزراء وموقعها التنفيذي الأول في الدولة، فوهب لرئيس الجمهورية أقصى ما يمكن حمله، وقد ظهر برهم صالح في مواقف كثيرة وفي منعطفات مصيرية وكأنه صاحب القرار التنفيذي داخلياً وخارجياً.
ثم اتجه الى رئيس البرلمان يفتح له الباب تلو الباب ليمتد نفوذه في مجالات الدولة التنفيذية، وصار محمد الحلبوسي قوة تصنع القرار وتؤثر على المسار السياسي وتتوغل في أوساط الشيعة ضمن مخطط مستقبلي يسير عليه بهدوء وعمق.
لم يكتف عادل عبد المهدي بذلك، بل واصل استنزاف موقع رئاسة الوزراء، وتفريقه على الآخرين، فأدخل فيه رئيس السلطة القضائية فائق زيدان، ومنحه لأول مرة في التاريخ العراقي الحديث سلطة سياسية مشاركة في صناعة القرار. وبسط زيدان جناحيه فراح يجتمع بالسفير الأمريكي يناقش معه قضايا السياسة العراقية وشؤونها التنفيذية. لقد صار سياسياً مثل بقية قادة الكتل والنواب، لدرجة أن اسمه أُدرج فيما بعد بقائمة المرشحين لرئاسة الوزراء.
لقد انتجت سياسة عادل عبد المهدي تصدعاً غير مسبوق في كيان الشيعة، وهذا ما ظهر واضحاً في الأزمة الحادة لاختيار مرشح يخلفه في رئاسة الوزراء.
هذا المقال بداية لسلسلة من المقالات، عن الوضع السياسي الجديد، وعن مخاطر جدية تحيط بالشيعة وتخترق أوساطهم في عملية التفاف واستيعاب وتمزيق ماكرة تقودها بعض القيادات السياسية.