الرئيسية / مقالات / المقاومـة.. كبـش فـداء لاختبـار الـولاء
رجل أمريكا وإسرائيل بالمنطقة السيسي مع سيده نتنياهو

المقاومـة.. كبـش فـداء لاختبـار الـولاء

السيمر / السبت 12 . 03 . 2016

أحمد الشرقاوي / مصر

كل ما قيل عن خلفيات تصنيف حزب الله منظمة “إرهابية” من قبل “السعودية”، سواء بقرار من مجلس التعاون الخليجي أو بيان من وزراء الداخلية العرب، إنما يعكس وجها من أوجه الحقيقة وليس كل الحقيقة..
لكن اتهام القاهرة لحركة حماس باغتيال النائب العام المصري هشام بركات قبل 8 أشهر، وسعيها لاستصدار قرار قضائي لتصنيفها منظمة إرهابية، يكشف الوجه الآخر للحقيقة في صورتها المكتملة، والتي اختزلناها بالرمز والإشارة بدل فصيح العبارة في العنوان أعلاه، وسنحاول الإضاءة عليها في هذا المقال..
*** / ***
وكأن ما فعلته “السعودية” بالإسلام من تخريب، وبالمسلمين من تشويه على مستوى المنطقة والعالم، وبشكل مُمنهج خبيث، أقله منذ تفكيك العراق حتى حرب اليمن، مرورا بإسقاط ليبيا وخراب سورية وسحق اليمن.. لم يكن كافيا ليُقنع صهاينة البيت الأبيض أن المهلكة الوهابية تستحق أن تتوج شرطيا لأمريكا في المنطقة..
كان كل هم “السعودية” أن تثبت لأسيادها في واشنطن أنها مخلصة في ولائها، متفانية في عملها، صادقة في سعيها، وفية كالكلب في حفاظها للود، وكالتيس في قراع الخطوب لهزيمة إيران وتفكيك محور المقاومة الذي يمثل تهديدا وجوديا لـ “إسرائيل”..
وكعربون محبة، جاهدت مملكة الشر والظلام بالمال الحرام والإعلام المُدجّن في كيّ الوعي الجمعي للأمة بالكذب والدجل والتضليل، لاستبدال العدو “الإسرائيلي” بالعدو الإيراني، من مدخل الإديولوجيا الدينية في نسختها المُتطرّفة والمُشوّهة إلى أقصى الحدود عن النسخة الأصلية من الإسلام السمح الجميل..
والحقيقة، أن “السعودية” وعبر إمبراطوريات إعلام الخليج، نجحت فيلك أيما نجاح في المشرق العربي دون المغرب العربي بسبب اختلاف العقليات، بين العقل البياني المشرقي الذي يستمد قناعاته من خطاب السرد والنقل عن المأثور الديني والتاريخي المؤدلج، والعقل البرهاني المغاربي الذي يعتمد مبدأ الشك ومنهجية النقد في تفكيك الخطاب لتمييز الحق من الباطل، حتى لو لبّس الباطل رداء الدين وعمامة التاريخ.
وكانت “السعودية” كلما قدمت تنازلا مذلا يصمها بالخزي والعار ضد ثوابتها الدينية ومبادئها القومية وقيمها الأخلاقية التي تقول أنها تصدر عنها، إلا وطالبتها أمريكا بالمزيد، في عملية ابتزاز ممنهجة لا حدود لها..
وكان واضحا لإيران وجمهور محور المقاومة الذين يرفعون شعار “هيهات منا الذلة”، أن تصرفات “السعودية” الرعناء، إنما تنم عن حالة مرضية خطيرة تعرف في علم النفس الاجتماعي بـ”عقـدة الإهانـة”، ومفادها، أن الحكام الذين يقبلون بالذل ممن هم أقوى منهم كحال ‘آل سعود’ مع أمريكا و”إسرائيل” مثلا، يسقطونه على شعوبهم التي تقبل مُكرهة العيش في ذل وإهانة عظيمة بسبب عقدة الخوف..
كما أن فقهاء السلاطين ساهموا أيما مساهمة في تجهيل الناس، وزرع روح الخنوع والاستسلام في نفوسهم من خلال مقولات من قبيل “وجوب طاعة ولي الأمر حتى لو كان ظالما وفاجرا ومستبدا وفاسدا ما لم يكفر”، وغيرها مما لا يسمح المجال بسردها، وذلك لشرعنة القهر والظلم والاستبداد والفساد باسم الله العادل الرحيم، في حين أن الوصفة السحرية للخروج من هذا الواقع المزري، والتحرر من سجن الإقطاع، كتبها الله لعباده كافة في التوراة والإنجيل والقرآن، وسماها روح الجهاد للدفاع عن النفس والأرض والمال والعرض ومقاومة الظلم والاستبداد والفساد في الأرض، واشترى من المؤمنين الذين أدركوا عمق هذه الحقيقة أنفسهم بأن لهم الجنة، وأن استشهادهم في سبيل الله ليس النهاية بل فقط البداية لحياة الخلود في النعيم الدائم المقيم بحضرة الجلالة.
*** / ***
وبتوقيع الرئيس أوباما بمعية الكبار الاتفاق النووي مع إيران، فهمت “السعودية” أن اللعبة انتهت، وأن أمريكا زمن عقلانية أوباما ليست هي أمريكا زمن تهوّر بوش الصغير، حين كانت تقبل ببيع دماء جنودها من أجل أوهام نفوذ الآخرين، وأن خيار واشنطن استقرّ أخيرا على القبول بالواقع كما هو، لا كما تريده “السعودية” أن يكون.
هذا الواقع يقول، أن إسقاط الدولة في العراق كان خطأ كبيرا، وأن إسقاط الدولة في ليبيا كان قرارا غبيّا، وأن إسقاط الدولة في سورية سيكون قرارا خطيرا سيفجر المنطقة والعالم، وأن أمن “إسرائيل” لا يستحق أن تحرق من أجله روما الجديدة إمبراطوريتها بالكامل، وأن النفوذ “السعودي” لا يُعطى بقرار أمريكا أو دولي بسلاح المال، بل يكتسب بالقوة والاقتدار الذاتي، وأن المشهد كما هو واضح اليوم في المنطقة يقول، أن هناك ميزان جديد بمعادلة ثلاثية الأضلاع مشكلة من إيران وتركيا و”إسرائيل”، وأن لا مكان لضلع رابع يكون من نصيب العرب ليكتمل بناء خيمة الأمن الإقليمي.
ووفق هذا المشهد، يستطيع أي منظر إستراتيجي، أن يضع أصبعه على مكمن الخلل، ويقول لـ’آل سعود’ الأغبياء، أنهم أضاعوا الكثير من الوقت والجهد والمال في حرب كان من المستحيل كسبها ضد إيران، وبدل أن تسعى “السعودية” لإلغاء إيران كقوة عظمى عجزت أمريكا بجبروت قوتها العسكرية والسياسية والمالية على احتوائها، كان عليهم أن يفهموا باكرا، أن التفاهم مع إيران بالحوار من منطلق الأخوة في الإيمان، والانخراط معها في تنزيل مشروع الوحدة الإسلامية الذي تدعو إليه واقعا على الأرض امتثالا لأمر السماء، ولو كانت فعلت، لكان من شأن ذلك أن يحول الأمة العربية والإسلامية إلى أعظم قوة تدين لها شعوب الأرض.. ولو كانت فعلت، لكانت تركيا ومصر وكل الدول العربية والإسلامية سارعت للانخراط بحماسة في هذا المشروع الرباني العظيم.
لكن، لا حياة لمن تنادي، لأنها لا تعمى الأبصار بل تعمى القلوب التي في الصدور، خصوصا القلوب المظلمة التي يستبد بها الحقد والحنق والبغضاء والكفر والنفاق، كقلوب أعراب آل سعود الذين يصدق فيهم قوله تعالى، إن الأعراب أشد كفرا ونفاقا.
*** / ***
معضلة “السعودية” اليوم، تكمن في أنها وبعد أن فقدت المظلة الأمنية الأمريكية القديمة، وتيقنت أن واشنطن ورّطتها في حروب عبثية فاشلة لأنها تخطط لتقسيمها بعد أن تستنزف آخر دولار من ودائعها في خزائن الغرب، قررت الارتماء في حضن “إسرائيل”، عسى أن تضمن أمن عرشها وتساعدها في حربها ضد إيران، لتصبح زعيمة العرب والمسلمين، ما دام لا سبيل إلى ذلك إلا من خلال استئصال النبتة الشيعية التي نمت كالفطر في جغرافية المنطقة، بسلاح الفتنة المذهبية التي تخدم مصلحة الحليفين (إسرائيل والسعودية)..
ومرد هذا القرار، اقتناع ‘آل سعود’ اليهود بمقولة رئيس الوزراء البريطاني ‘تشرشل’ الذي كان يقول، “أريد أن أرى آل سعود أسياد هذا الشرق، لكن شريطة أن يضعوا يدهم في يد إسرائيل”، وكان صهاينة تل أبيب يقولون لـ’آل سعود’ “لكم الحقول ولنا العقول”، وثم جاء “النتن ياهو” ليقنعهم أنه “معا نستطيع”، (مع الاعتذار لقناة الميادين على استعارة شعار “معا نستطيع” واستعماله من باب المجاز للتهكم ليس إلا).
لكن، وهذا هو ما نراه اليوم جليا، لم تعد تل أبيب تقبل بعلاقات سرية من خلال العمل في الكواليس والدهاليز والأقبية السيرية، بل تشترط أن تخرج هذه العلاقة من الظلمة إلى النور، كما وأنها ترفض ما كانت تطالب به الرياض من اعتراف ولو شكلي بمبادرة “السلام” للحل السياسي للقضية الفلسطينية التي فرضها آل سعود على الجامعة العربية عام 2002، لتستعملها كورقة توت تستر بها عورتها القبيحة قبل الإعلان عن أن “إسرائيل” دولة حليفة وجدت لتبقى كالسرطان في جسم الأمة..
لكن المشكلة أن الظروف تغيرت، و”السعودية” ليست في موقف القوي الذي يستطيع فرض شروطه على “إسرائيل” كما كان الحال من قبل، فواقعها اليوم يقول أنها على حافة الهاوية ويتهددها الإفلاس المالي بعد أن أفلست سياسيا ودينيا وأخلاقيا، ولم تعد قادرة على فرض سطوتها على الدول العربية فأحرى الإسلامية، بدليل فشل كل محاولاتها لإقامة تحالفات وهمية عربية حينا وإسلامية سنية أحيانا، ولم يعد أمامها من مخرج غير الارتماء في حضن تل أبيب طلبا للحماية.
كما وأن “إسرائيل” ليست في وارد إنقاذ “السعودية” من مأزقها الوجودي الذي يتهدد عرشها واستمرار عهدها من دون أثمان تدفعها، والأمر لا يتعلق بالمال فقط، بل بما هو أهم وأخطر، أي المقاومة التي تمثل خطرا استراتيجيا عليها، وإلا فإنها تستطيع التحالف مع تركيا التي يقول أردوغان جهارا نهارا أن بلاده تحتاج إلى “إسرائيل” للخروج من عزلتها الخانقة في هذه الفترة العصيبة.
ولم يكن من بد أمام ‘آل سعود’ إلا الرضوخ للشروط الصهيونية، فقدموا لتل أبيب قرار خليجي وعربي باعتبار حزب الله منظمة “إرهابية”، كعربون محبة على مذبح تحالفهم المعلن الجديد، فخرج “النتن ياهو” بعد صوم عن الكلام دام أسبوعا ليقول، “هذا قرار تاريخي مهم، بل مدهش”، في إعلان صريح مفاده، أن “إسرائيل” راضية عن ‘آل سعود’ وفخورة بالتحالف الإستراتيجي معها في مواجهة إيران ومحور “الشر”، وسمعنا بعضا من منظري اليهود يسارعون لعرض المساعدة العسكرية على “السعودية” لحسم الحرب في اليمن، فجاء الرد سريعا من طهران ليقول أحد مسؤوليها الكبار، أن إيران تفكر بإرسال مستشارين عسكريين إلى اليمن ومساعدة الشعب اليمني بما يلزم.
الخطوة “السعودية” تجاه “إسرائيل” كانت غاية في الأهمية، لكنها غير كافية بالنسبة لتل أبيب، لأن الحلف الجديد لا يمكن أن يكتمل إلا بضم مصر والأردن، وعقدة المنشار تكمن في رفض مصر الانخراط في التحالف الإستراتيجي الذي أعلنته “السعودية” مع تركيا لإسقاط النظام في دمشق، كما أن “إسرائيل” تشاركها نفس الهواجس ولا تثق بأردوغان والإخوان، وقد تحالفت مع اليونان وقبرص كي لا تخضع لابتزاز أنقرة في مجال تصدير الغاز لأوروبا..
وبالتالي، هناك أثمان أخرى لا بد أن تدفع، لأن المطلوب من “السعودية” ليكتمل هذا التحالف أن تختار بين مصر أو تركيا، ومطلوب أيضا من مصر أن تختار بين التحالف مع “إسرائيل” و”السعودية أو الانفتاح على إيران..
هذا يعني، أن على “السعودية” التخلي عن ورقة “الإخوان” التي تلعبها مع تركيا في سورية واليمن ويبتز بها أردوغان تل أبيب في غزة، وعلى مصر من جهتها، إذا كانت لا ترغب في التقارب من تركيا كما كانت تطالبها “السعودية” وترفض أي دور لأنقرة في القطاع، أن تعلن براءتها من حماس التي تلعب على الحبلين، الحبل التركي باعتبارها أحد أدرع الإخوان في المنطقة، والحبل الإيراني باعتبارها حركة مقاومة في فلسطين..
ويبدو أن “السعودية” اتخذت قرارها النهائي بالتحالف مع “إسرائيل الوهابية” ومصر العربية، وفك الارتباط مع تركيا الإخونجية التي ستكون في النهاية منافسها شرسا لها على الزعامة الإسلامية “السنية” في المنطقة ولو بعد حين.. ودليل أن هذه التحالفات قد تشكلت، يكمن في التالي:
* المعطى الأول: أن القاهرة، وفي خطوة مفاجئة في التوقيت يشتم منها رائحة التوظيف السياسي النتن، قررت بشكل مفاجئ في التوقيت والسياق، تقديم حركة حماس المقاومة في غزة ككبش فداء في اختبار الولاء لإسرائيل، فخرج وزير داخليتها ليعلن رسميا للملأ، أن حركة حماس مسؤولة عن اغتيال النائب العام المصري الذي قتل في تفجير إرهابي قبل 8 أشهر من قبل عناصر من الإخوان المسلمين يوجدون اليوم في تركيا تحت حماية أردوغان، وإثر هذا الإعلان، أقيمت دعوى جديدة ستنظر فيها المحكمة قريبا لإصدار حكم قضائي مبرم ونهائي يعتبر حركة حماس منظمة إرهابية..
وبذلك، تكون القاهرة قد حدت حذو الرياض مع حزب الله، فقدمت هي أيضا رأس حماس عربون محبة للتحالف مع “إسرائيل”، وتكون “إسرائيل” من جهتها، قد قبضت أثمانا لم تكن تحلم بها، ونجحت في ضرب عصفورين بحجر التحالف الجديد، ويقول “النتن ياهو” اليوم، أنه على “إسرائيل” أن تكثف من جهودها ليتخذ المجتمع الدولي موقفا واضحا من حزب الله وحماس باعتبارهما منظمتان إرهابيتان، تمولهما إيران التي تهدد أمن “إسرائيل” ودول الاعتدال العربي، وتسعى لزعزعة الاستقرار في المنطقة..
وبالمناسبة، إذا كانت حماس لم تعلن استنكارها وإدانتها لقرار مجلس التعاون الخليجي وقرار وزراء الداخلية العرب في حق حزب الله من منطلق النأي بالنفس في معركة الوجود والمصير التي تخوضها إيران ومحور المقاومة وشرفاء الأمة اليوم، فما من شك أنه سيكون من الصعوبة بمكان أن نشهد تضامنا مع حماس بنفس الزخم الذي شاهدناه مع حزب الله، والسبب، أن الصدق والوفاء ووضوح الرؤية يجزيان من يتحلى بخصالهم الطيبة، في حين أن اللعب على الحبال واستبدال الأقنعة وفق حسابات انتهازية خاطئة، سياسة تعود بمفاعيل عكسية على أصحابها.. لكن هذا لا يعني أن الجناح العسكري الذي يجاهد في سبيل الله في غزة ينسحب عليه نفس التقدير، خصوصا في ظل قيادة المجاهد الضيف وإخوانه المرابطون في الثغور، الذين تحولوا إلى رمز للانتصارات والملاحم في القطاع الصابر الصامد.
* المعطى الثاني: يتمثل في استدارة تركيا نحو إيران، كما تحدثنا عنها بتفصيل في مقالتنا السابقة، والتي تعتبر بمثابة استدارة المُضطر الذي لم يعد أمامه من خيار غير التحالف مع إيران، طمعا في إصلاح ما خربه أردوغان مع روسيا، وحفاظا على روقة حماس التي تدعمها طهران في غزة، وطمعا في دور ولو متواضع للإخوان في سورية ضد أطماع “السعودية” التي تراهن على رحيل الرئيس الأسد سلما أو حربا، وتسلم السلطة في دمشق من قبل أدوات ‘آل سعود’ اليهود، لأن سورية هي الحلقة الذهبية في المعادلة، إذا سقطت سقطت حركات المقاومة في المنطقة، وعزلت إيران وراء مياه الخليج الفارسي.
ومقابل ذلك، باعت أنقرة لطهران موقفا يقول، بضرورة “الحفاظ على سورية دولة موحدة وقوية”، وهذا يعني، التخلي عن وهم إسقاط الأسد، ورفض تقسيم سورية، ودعم نظام الدولة المركزية الذي يقطع الطريق على الفدرالية مخافة أن يقام حكم ذاتي كردي في الشمال السوري يهدد وحدة ونظام ومستقبل تركيا نفسها.. كما طالب أوغلو رسميا من طهران التوسط بين تركيا وروسيا لإصلاح العلاقة بين البلدين.
*** / ***
اليوم، كل أوراق اللعبة بيد طهران، والعالم أجمع يخطب ودها ويطمع في التعاون معها سواء في مجال السياسة أو الاستثمار، في حين أن “السعودية” أصبحت دولة منبوذة زادت عدوانيتها تجاه إيران ومحور المقاومة، وتحالفها مع “إسرائيل” ومصر والأردن لضرب المقاومة في المنطقة لن يكتب له النجاح، لأن ميزان القوة العسكرية والثقل الإستراتيجي والشعبي هو اليوم لصالح إيران ومحورها، وإذا انضمت تركيا لها دفاعا عن “الإخوان” فعلى “السعودية” ومشيخات الخليج السلام.
لكن ما يقلقنا هو الموقف المصري المشين.. لأن شعب مصر العظيم ونخبه السياسية والثقافية والإعلامية الشريفة لا يستحقون هذا الموقع الذي اختاره لبلادهم الرئيس السيسي، بسبب حسابات ليس لها شيئ من الشهامة والعزة والكرامة، بل هي أقرب إلى الانتهازية السياسية منها إلى العقلانية المسؤولة.. وكأنه اختار للشعب المصري العيش في الذل والإهانة العظيمة خوفا من انتقام “إسرائيل” و”السعودية” بقلب الطاولة على حكمه وإنهاء عهده.
نتمنى من شرفاء مصر أن يقفوا في وجه هذا العبث، كما وقفوا في وجه ‘آل سعود’ اليهود حين صنفوا حزب الله منظمة “إرهابية”، وأن يقفوا أيضا في وجه قرار اعتبار حماس منظمة “إرهابية”، لأنه وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع سياساتها، فمن سيدفع الثمن هو الشعب الفلسطيني المظلوم والمحاصر، ومن سيستفيد في النهاية هي “إسرائيل” وحدها دون سواها.
وقدر مصر أن تتولى قيادة سفينة العرب، وتحالفها مع روسيا لن يحولها إلى شيوعية، كما أن تحالفها مع إيران ومحو المقاومة لن يحولها إلى شيعية، والمصالحة مع تركيا قد تنهي عصر الإرهاب وزمن التدخل الخارجي في شؤون المنطقة، لتتحول البوصلة نحو معركة تحرير مقدسات المسلمين في فلسطين وشبه الجزيرة العربية.

بانوراما الشرق الاوسط

اترك تعليقاً