أخبار عاجلة
الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / حراك تشرين- خطوات حرق الإسلاميين/9

حراك تشرين- خطوات حرق الإسلاميين/9

السيمر / فيينا / الخميس 26 . 11 . 2020

▪️أما البعد الثاني لتلك الخطوة فكان وثيق الإرتباط بمخططِ حرقِ الإسلاميين.

 برغم أن السيد عبد المهدي كان جزءا من منظومة الحكم بعد 2003
.. وهو بالتالي يتحمل جزءاً من مسؤولية فشل تلك المنظومة – خصوصا وقد إحتل مناصب مهمة ..
.. فضلا عن إشغاله موقعاً مؤثرا في كيانه السياسي – والذي بقي لعقدٍ تقريبا يمثل أهم الكيانات الإسلامية وأقواها.
.. برغم ذلك كله بقي الرجل محتفظا بقدر من المصداقية، وكان يحظى بإحترام شخصيات دينية صانعة للقرار . وقد أشرنا لشيء من ذلك في الحلقات السابقة.

خلال المراحل التي سبقت تكليفه ، كان مخطط الحرق قد قطع أشواطاً مهمةً، وبقيت لمسات أخيرةٌ لإتمام سحق سمعة الأحزاب ومن تبقى من رموزها غير المحترقين (ومنهم السيد عبدالمهدي) – كي يجري بعدها التفرغ للملف الأكبر : الحشد الشعبي.

 تلك كانت هي المهمة الأساسية التالية ..

.. فقد إعتُبِر الحشد كياناً مارقاً عن توافقاتِ المنظومة الحاكمة
.. ووجوداً نشازاً لا يصلح للإندماج مع بقيةِ أطرافِها، ومثارَ قلقٍ يهدد إستقرارها.

 كما كان متنافراً مع توجهاتِ السلطة الثيوقراطية (*) ومصدرَ إحراجٍ معنويٍّ لها أمام جمهورها ، بمواقفه المبدئية ، وثوابتِه الصريحةِ والمعلنة أزاءَ أهم القضايا التي تمسّ ضميرَ الأمةِ في العراق وخارجِه.

فالسلطةُ كانت ميّالةً بقوةٍ للتصالح مع عموم الغرب والمعسكرِ الأمريكي ، وما يترتب على ذلك من ضرورةِ تهذيبِ المجتمع الشيعي بالعراق ، وتحصينِه من إنتشار النزعة الثورية بين فئاته وأبناءه.

 كما كانت تحتاج بشدةٍ لإبعادِ الناس عن همومِ ملفاتٍ إقليميةٍ حساسةٍ – كالحربِ ضدّ الشعب اليمني الأعزل ومآسيها الأنسانية، والحصار الخانق على الجارةِ الشيعية الوحيدةِ، والمقاومةِ ضد الكيان الغاصب، وإضطهادِ الشيعةِ في الخليج.
يبدو انها كانت على قناعةٍ أنّ نجاحَها في ذلك النهج سيحقق نوعاً من الإستقرار ، كما يعزّز موقعها أمام القوى العالميةِ ، التي كانت -بدورها- تمرّر إنطباعاتِها عبر بوابة الأمم المتحدة وممثلتها الشقراء، ووسطاءَ محليين.

 إزاء كل ذلك فإن الحشد بمنظومته العقائدية وتاثيره المعنوي ورمزية قادته وشعبية أبطاله – كان يشكل عقبة كأداء تقطع الطريق أمامها.

 ميلُ السيد عبدالمهدي بإتجاه الحشد جاء مخيّباً لآمال أطرافٍ عديدة.
بدا واضحاً أن الوجهَ الجديد لعادل عبد المهدي قد أثار غضبَ الذين دعموه للوصول إلى منصبه ، مثلما أثار غضبَ الأمريكان بإتفاقياتِه الإقتصاديّة وموقفه مع الحشد.

▪️ كل التوقيتات كانت سيئة:
١) المرضى النفسيون الذين لم يكن لهم همّ سوى إلحاق الهزيمة الأخلاقية بالإسلام الحركي – كان مهما لهم حرقُ عبدالمهدي بوجهِ السرعة ، نجاحه سيكون خروجاً عن سياقِ الفشل الذي إصطبغ به الإسلاميون.

٢) الثيوقراطيون الساعون لتعزيز مواقعهم وتثبيت إمتيازاتهم – كانوا يسابقون الزمن خشية حصول تغيّرٍ دراماتيكي (في رأس السلطة الروحية) كفيلٍ بقلبِ كل الحسابات..

٣ ) السفارة – كانت بحاجةٍ لإنجازاتٍ في السياسة الخارجية الشرق أوسطية تدعم موقف الحكومة ورئيسها مع بدءِ العد التنازلي للإنتخابات.

٤ ) الخليجُ بأحقادِه العنصريةِ وحرصه على إستمرار فشلِ العراق وعجزِه الإقتصاديّ – كان معنياً بإجهاض أيةِ نهضةٍ عراقيةٍ واعدة.

 الإجهاز على الشخصيات الإسلامية الحركية كان مهمةً أتقنها بعض الثيوقراطيين – بعد طول ممارسةٍ وتجاربَ عديدةٍ . نقطة ضعف تلك الشخصيات كانت واحدة: حاجتُها لمباركة السلطة الدينية .. حاجةٌ أحسنَ الثيوقراطيون إستغلالها.

.. يكفي لذلك تشجيع تلك الشخصية للإمساك بمنصب كبير ( يفوق قدراتِها الذاتية) مع منحها جرعةً معنويةً زائدة – كي تندفعَ متورطةً بذلك المنصب، مبتهجة بالثقة الممنوحة لها وبالمباركة ..

.. ثم يجري إنسحابٌ سريعٌ وإيقاف كامل الدعم المعنوي – تحت أي ذريعة .. يُترك وحيداً في مواجهة كل المناوئين .. سيفهم الخصومُ مغزى الرسالة فيشددون ضرباتِهم إلى حينِ إسقاطهِ .. وقد تشارك السلطة في تسديد الضربة القاضية -إن إستدعى الموقف ذلك.

نفس السيناريو تم تطبيقه مع عبدالمهدي .. كي يسحقَ التمرّدُ عظامَه ، فيُسقِطَه ، مختَتِمَاً معه حقبةَ الإسلاميين.

____ تتمة الحديث في حلقة عاشرة

(*) تم توضيح المقصود بالسلطة الثيوقراطية في مقال سابق تحت عنوان : ( السلطة الثيوقراطية تتجه غربا -2 )

المعمار
تحليلات في الشأن العراقي- الشيعي

٢٥ -١١ -٢٠٢٠

اترك تعليقاً